الإمام محمد بن علي الباقر عليهما السلام, من المعصومين الأربعة عشـ14ـر
نسبه الشريف :
هو باقر علوم الأولين والأخرين ، ووارث جده خاتم النبيين ، ومشيد شريعة جده سيد المرسلين ، ومن أوصى له بالخلافة والإمامة بعده أبوه زين العابدين وخليفة الرسول الخامس ، وهو الذي قيل بشأنه أن رسول الله قال لجابر بن عبدالله الأنصاري : إنك ستبقى حتى تلقى ولدي محمد بن علي ..... أسمه أسمي وشمائله شمائلي ، يبقر علم الدين بقراً ، أي يشقه شقاً ، فإذا لقيته فاقرأه مني السلام .
أما نسبه لأبيه فهو الإمام محمد بن الإمام علي بن الإمام الحسين بن الإمام علي بن أبي طالب عليهم السلام ، الملقب بالباقر . أما أمه فهي فاطمة بنت الإمام الحسن بن علي أي أن أباه زين العابدين كان متزوجاً من أبنة عمه ، فالإمام الباقر كان أول هاشمي من هاشميين ، وعلوي من علويين ، وفاطمي من فاطميين .
مــــــولـــــــده:
ولد الباقر في المدينة المنورة ، يوم الجمعة الأول من شهر رجب المرجب ، من السنة السابعة والخمسين من الهجرة النبوية الشريفه .
كــــنيته وألـقـــــابه :
أما كنيته فهو (( أبو جعفر )) وأما القابه ، فهي: "باقر العلوم " و تخفف فيقال "الباقر " ، والشاكر لله ، والهادي .
عمره وحياته بشكل عام :
عاش سبعاً وخمسين سنة ، منها ثلاث سنوات مع جده الحسين ، وبعدها مع أبيه الإمام السجاد خمساً وثلاثين سنة إلا شهرين ، ثم كانت إمامته بعد وفاة أبيه تسع عشرة سنة وشهرين ، فعمره بمقدار سنوات عمر جده الحسين وأبيه السجاد.
أما حياته : فقد شهد في بداية حياته الشريفه واقعة الطف ، ومجزرتها علي أيدي الأمويين وأنصارهم من اهل الكوفة ، وعاش المحنة التي مرت على اهل البيت في طفولته ورافق الرزايا ، والمصائب التي توالت على أبيه زين العابدينوبعد أبيه ما تقرب العشرين سنة من حكام الجور في ذلك العصر ، وبعد أبيه ما يقرب العشرين سنة.
ولقد نص على إمامته وخلافته الإمام زين العابدين عليهما السلام في كثير من المناسبات منها قوله : ألا وأنه الإمام أبو الأئمة معدن العلم ، يبقره بقراً ، والله لهو أشبه الناس برسول الله صلى الله عليه وآله ......الخ .
زوجـــاتــــه وأولاده :
تزوج الإمام الباقر زوجات عديدة ، وولد له منهن سبعة اولاد ، خمسة ذكور وبنتان ، أولهم وأفضلهم الإمام السادس أبو عبدالله جعفر محمد الصادق وهو الإمام الموصى إليه بعد أبيه ، وثانيهم عبدالله وقد يشار إله بالفضل والصلاح ، وأمهما فاطمة المكناة بام فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر بن أبي قحافة .
وإما بقية أولاده فهم عبيدالله ، وإبراهيم ، وعلي ، وأم سلمة ، وزينب ، وهم من أمهات شتى .
مجمل عهد إمامته ومعاصروه من طواغيت بني امية :
بدأت إمامة الباقر في عهد الوليد بن عبدالملك ، وقد استمرت إمامته بقية خلافة الوليد ، ثم خلافة أخيه سليمان بن عبدالملك ثم خلافة عمر بن عبد العزيز ، فيزيد بن عبدالملك ، فخلافة هشام بن عبدالملك . وهنا تختلف الروايات في شخص أخر خليفة أموي عاصره الإمام ، فبعضها ترى ان استشهاد الإمام الباقر كان في عهد هشام بن عبد الملك هذا . وهو قول الشيخ الطبرسي في إعلام الورى - وهذا الرأي هو الأرجح - ، وبعضها ترى ان الإمام عاش بعد هشام في عهد أبن أخيه الوليد بن يزيد بن عبدالملك ، وبعضها ترى انه عاش بعد الوليد أيضاً في عهد عمه يزيد بن الوليد بن عبد الملك ، وإبراهيم بن الوليد بن عبدالملك .
بعض الوقائع التي ابتليى بها الإمام مع الطواغيت:
إن وقائع هذا الإمام المظلوم المسموم مع خلفاء بني أمية هؤلاء ومع سواهم من الحساد والمتنكرين ، لإمامته ، والمصائب والمحن التي لقيها من اولئك وهؤلاء لكثيرة لا يسع المقام لذكرها ، وقد تحملها الإمام صابراً محتسباً ، كما تحمل قبله أباؤه وعمه (الحسن) عليهم السلام ، وكان كالطود رسوخاً وشموخاً وتعالياً وكرامة .
ويكفي أن نشير إلى نموذجٍ من جبروت من سلاطين بني امية ، إلى الوليد بن يزيد بن عبد الملك ، من انه فتح المصحف الشريف يوماً متفئلاً ، فجُوبه بقوله تعالى (( واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد )) فغضب اللعين ، ورمى المصحف بعيداً ، ثم أمر ان يرفعوه ليجعلوه له هدفاً ، ثم رماه بالنشاب وهو يقول :
تهددني بالجبار عنيدٍ … فها أنا ذاك جبارٌ عنيدٍ
إذا ما جئت ربك يوم حشرٍ ... فقل يارب مزقني الوليدُ
ويروى أيضاً أنه فتح المصحف يوماً آخر ، فرأى فيه آيات الحساب في يوم القيامة ، فرماه أيضاً بالسهام وهو يقول :
تذكرني الحساب ولست أدري ... أحق ما تقول من الحساب
فقل لله يمنعني طعامي ... وق لله يمنعني شرابي
ومثله وربما ألعن منه وأكثر كفراً وحقداً ومحاربة لآ ل رسول الله ، عمه هشام بن عبدالملك الذي مرّ في سيرة السجادما كان ينقمه هذا اللعين على الإمام الرابع والد الباقر
من احترام الناس له ولبيته ، وكيف حاول الأزراء بالإمام وتوهينه ، مما أثار الشاعر الفرزدق ، وحبسه على قصيدته الغراء التي تقدمت .
ولم يقل هشام ايداء وتوهيناً للإمام الباقر من ايذائه وتوهينه لأبيه( ع) ، فقد أمر هشام باشخاص الباقر مقيداً من المدينة المنورة إلى دمشق الشام ، إمعاناً في إذلاله وتعذيبه ، بل يقال أنه هو الذي قتله .
عــــلــــــمــــــــــــه :
كان الإمام الباقر بحراً في العلم ، وكان في المعرفة الذروة التي لا يبلغها بالغ ، ولذا كان لقب (( باقر العلم )) منطبقاً عليه تمام الأنطباق ، ولذا كان أيضاً يتهيبه سلاطين بني أمية ، وخاصتهم بسبب مكانته العظمى بين العلماء وبين الناس ، فما كانوا يجدون سبباً يتخذونه ذريعة للبطش بالإمام ، إلى أن اضطروا إلى قتله بالسم سراً .
وعرف عليه السلام بمنطقه وقوة حججه في المجادلات الفقهية والكلامية وفي أحكام الشريعة الغراء ، وكانت له مجالس مع علماء زمانه الذين كانوا يقصدون لسألون ويناقشون ويستفيدوا منه سلام الله عليه .
اســــتــشـــهــاده :
استشهد الإمام الباقر بسم دسه له الخليفة الأموي في سرج فرسٍ اركب الإمام عليه، عندما أرجعه من دمشق ألى المدينة بعدما أشخصه منها إلى الشام . وكان ذلك السلطان علىالأرجح -هشام بن عبدالملك (لع) ، وقد كان الإمام سميناً ، فسرى السم من السرج إلى لحمه ، فأثر في رجله ثم أمرضه ثلاثة أيام ، وقبض يوم الأثنين السابع من شهر ذي الحجة الحرام من سنة أربع عشرة ومئة من الهجرة النبوية المباركة بالمدينة المنورة .
وقد أوصى إلى أبنه عبدالله بن جعفر الصادق بالإمامة بعده ، وأودعه ودائع الإمامة ، وجدد له وصاياه وتعاليمه ، وكان في جملة وصاياه ان يشقوا قبره كما لحد لرسول الله وعين ثمان مئة درهم لمأتمه ، وكان يرى ذلك من السُّنة المقدسة .
ثم اوصى بوقف من ماله لِنوادب يندبنه عشر سنين ، أيام منى من الحج ، واوصى بعمامة وبردٍ وأثواب أخر لكفنه وروي عنه انه قال (( إن الموتى يتباهون بأكفانهم )) ثم قضى نحبه مظلوماً شهيداً مسموماً ، ودفن في البقيع من المدينة المنورة ، في البقعة التي فيها العباس بن عبد المطلب ، أي حيث دفن أبوه السجاد وعمُّ أبيه الحسن المجتبى ، بقرب جدته فاطمة بنت أسد أم أمير المؤمنين علي ابن ابي طالب .




.
رد مع اقتباس
المفضلات