وجو الحرية الإيمانية والفكرية هذا ، في اواخر العهد الأموي وأوائل العصر العباسي ، ولَّدا أفكاراً ومذاهب وفرقاً دينية متعددة ، وفلسفات ومدارس فكرية مختلفة ، إنتسب كل واحد لمؤسسها ، فانتسب الشيعة للإمام جعفر بن محمد الصادق وصار يقال لهم الشيعة الجعفرية ، أفتخاراً بعلم جعفر الصادق ومكانته الشامخه ، واعتداداً بارتباطهم به هو لا سواه :
الله أظهر دينه ... و أعزه بمحمد
والله أكرم بالخلا ... فةِ جعفر بن محمد
مقامه العلمي وكراماته ، ومحاججاته :
كان ، وكذا اباؤه وابناؤه المعصومون ، القمة العليا والذروة القصوى في العلم والخلق معاً ، وكان يضرب به المثل في الجمع بين الشرف والمعرفة ، وفي الأخبار عنه أنه كان يحضر درسه اربعمائة رجل من وجوه المسلمين تلاميذ وعلماء ومجتهدين ، وروي عنه وحدث من الثقات أربعة آلاف نفر ، منهم مالك بن أنس وشعبة بن الحجاج ، وسفيان الثوري ، وأحمد بن حنبل وأبو حنيفة الذي كان من تلامذته والذي يقول ( لولا السنتان لهلك النعمان ) أي السنتين اللتين درسهما عند الإمام جعفر بن محمد الصادق وغيرهم . وكان عدد كبير من أعلام الفقهاء والصوفية يفتخرون بالنقل عنه ، أمثال أبي يزيد ، ومالك والشافعي وابن جريح وابراهيم بن ادهم ، ومالك ابن دينار ، بل أن مالك بن أنس كان يقول ما رأت عين ولا سمعت أذن ولا خطر على قلب بشر ، أفضل من جعفر الصادق فضلاً وعلماً وورعاً وعبادة
ومناقشاته ومحاججاته الكثيرة مع أهل العلم ، ومع المخالفين من أرباب الديانات والمذاهب الأخرى ، ومع الملحدين ومع منكري البعث وسواهم والتي القمت اخصامه دائماً حجراً ، تبهر العقول وتحير الألباب ، وله معجزات كثيرة وكرامات خارقه ، ليست مستغربة قط من أهل بيت النبوة وفروع الدوحة العلوية .
اسـتـشـهـــــــاده :
إن المكانة التي كانت للصادق علماً وإمامة ، جعلته كآبائه وأهل بيته عامة ، عرضه للحسد والعداوات من قبل الخلفاء والحكام ، وقد تحمل الإمام الصادق بخاصة من معاصريه ومن مدعي الإمامة ، ومدعي العلم والفضل في زمانه أذايا وبلايا كثيرة ، ولا سيما من بعض أرحامه وأقاربه .
ولكن الخليفة العباسي أبا جعفر المنصور الدوانيقي(لع) كان أشدهم في تطلب فرصة للبطش بالإمام والبحث عن دريعة لقتله ، حتى أنه أشخصه اربع مرات من مدينة جده إلى الكوفة ليقتله ، فكانت تظهر من الإمام آيات ومعجزات تمنعه عن الإقدام على جريمته إلى أن بعث إلى الإمام بسم أجبروه جبراً على شربه ، وذلك في عنب ورمان ، فجعل يجود بنفسه وقد أخضر لونه ، وصار يتقيأ كبده قطعاً قطعاً ، فاستشهد سلام الله عليه مظلوماً بسم المنصور ، وكان ذلك في المدينة المنورة في الخامس والعشرين من شهر شوال في سنة ثمان وأربعين بعد المئة من الهجرة الشريفة ، وقام بتجهيزه ابنه الإمام موسى الكاظم ودفن بجانب قبر أبيه الإمام الباقر وجده السجاد وعم جده الحسن في بقيع الغرقد في المدينة المنورة ، فياله من قبر ما أعظمه ، ويالها من تربة ما أكرمها عند الله عز وجل ، وقد حوت تلك البقعة أربعاً من الحجج المعصومين . وستةً في المدينةِ بأسرها ، أولهم سيد الأكوان وفاطمة الزهراء ، إضافةً لائمة البقيع سلام الله عليهم أجمعين .




 
			
			 
					
						 
					
						
 
					
					
					
						 رد مع اقتباس
  رد مع اقتباس
المفضلات