الإمام محمد بن علي الجواد عليه السلام, من المعصومين الأربعة عشـ14ـر
نسبه الشريف :
هو ثالث المحمدين الأربعة المعصومين الأثنى عشر ، أولهم محمد رسول الله وثانيهم الإمام الخامس محمد بن علي الباقر وثالثهم هو ورابعهم الحجة الثاني عشر الإمام محمد بن الحسن المهدي (عج) ، الإمام التاسع والمعصوم الحادي عشر ، حجة الله على العباد ، وشفيع يوم التناد ، جواد الأجواد ، ومحل الرشاد ، ومفتاح السداد ، باب المراد ، الإمام الهمام ، ومجتمع الشيعة الأمجاد ، صاحب المصائب من أهل الألحاد والتي تندك لها الجبال الأطواد ، وتتفطر لها السبع الشداد ، الإمام الأقدس ، صاحب المعجزات ، والمأثر المشهورة الإمام محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب سلام الله تعالى عليهم اجمعين ، وأبنائه المعصومين .
فنسبه من نسب والده الإمام الرضا على - ماعرفت - وأبائه الأطهار صعوداً حتى ابي عبدالله الحسين فامير المؤمنين والرسول .
واما امه فكانت أم ولد يقال لها سبيكة ، ودرة ، وريحانة ، ثم سماها الإمام الرضا خيرزان ، وقد تسمت بالمونسة ، وسكينة المريسية وحريان ، وتكنى أم الحسن ، وكانت نوبية ، وهي أفضل نساء زمانها وكانت من اهل بيت أم المؤمنين مارية القبطية زوجة النبي الأكرم ووالدة إبراهيم بن رسول الله .
مولده عليه السلام :
ولد الإمام الجواد يوم الجمعة العاشر من شهر رجب الأصب ، من سنة خمس وتسعين ومائة من الهجرة المباركة ، ويؤيد هذا القول بل يؤكده ويلزم به الدعاء المنسوب إلى مولانا الحجة المنتظر وقد أمر بقراءته أيام رجب ، وأوله ( اللهم إني اسألك بالمولودين في رجب ، محمد بن علي الثاني ، وابنه علي بن محمد المنتجب ) .
كنيته والقابه عليه السلام :
أما في الكنية فهو يشبه جده محمد بن علي كما يشبهه في الأسم ، واسم الأب ، أي ابو جعفر ، محمد بن علي ، ولذا اشتهر الإمام الجواد بأبي جعفر الثاني ، تمييزاً عن الإمام محمد الباقر ، وربما يقال في كنيته أبو عبدالله ، ايضاً .
وأما القابه فمنها : الجواد ، والتقي ، والقانع ، والمرتضى ، والمختار ، والمتوكل ، والمنتجب ، والنجيب ، والمتقي ، والزكي ، وغيرها .
النص على إمامته عليه السلام :
تعددت وتضافرت الروايات التي تقول بان الإمام الرضا نص على امامة ولده محمد اكثر من مرة ، وبعضها يشدد على ان أباه الرضا نص على إمامته قبل ولادته ، أي وهو مايزال جنيناً في بطن امه ، نذكر منها :
روى الشيخ المفيد في الأرشاد ، عن محمد عن الخيراني عن ابيه قال : كنت واقفاً بين يدي أبي الحسن الرضا (عليه السلام ) بخراسان فقال قائل : يا سيدي إن كان كون فإلى مَن ؟ قال : (( إلى ابي جعفر ابني )) فكأن القائل استصغر سن ابي جعفر (عليه السلام ) فقال أبو الحسن (عليه السلام ) إن الله سبحانه بعث عيسى بن مريم رسولاً نبياً صاحب شريعة مبتدأة في اصغر من السن الذي فيه أبو جعفر (عليه السلام ) .
روي ايضاً عن احمد بن محمد عن صفوان بن يحيى قال : قلت لرضا (عليه السلام ) قد كنا نسألك قبل ان يهب الله لك أبا جعفر ، فكنت تقول يهب الله لي غلاماً فقد وهب الله لك ، وأقر عيوننا به ، فلا ارانا الله يومك وإن كان كون فإلى مَن ؟
فأشار بيده إلى ابي جعفر وهو قائم بين يديه ، فقلت له : جعلت فداك هذا ابن ثلاث سنين قال : وما يضره من ذلك ؟ قد قام عيسى بالحجة وهو ابن أقل من ثلاث سنين .
وروى الشيخ الصدوق في عيون أخبار الرضا عن الإمام الرضا أنه قال : أبو جعفر وصيي وخليفتي في أهلي .
وكان الإمام الرضا يخاطب ابنه هذا بالتعظيم ، وما يذكره إلا بكنيته " ابي جعفر " وهو صبي قليل السن في مقاييس البشر ومفاهيمهم .
وكان الإمام الرضا يامراصحابه بالسلام على ابنه ابي جعفر بالإمامة والإذعان له بالطاعة ، وكان يؤكد ويشدد على ذلك .
وروي ايضاً ان عم الإمام الرضا علي بن جعفر الصادق الذي عرفناه من جملة ابناء الإمام الصادق ، كان ذات يوم جالسا في مسجد رسول الله بالمدينة المنورة ومعه اصحابه ، إذ دخل عليه ابو جعفر الجواد ، فوثب علي بن جعفر بلا حذاء ولا رداء ، فقبل يده وعظمه ، فقال له ابو جعفر يا عم ، اجلس رحمك الله فقال : يا سيدي كيف اجلس وانت قائم ؟ فلما رجع إلى مجلسه جعل اصحابه يوبخونه ويقولون : انت عم أبيه ، وتفعل هذا الفعل ؟ فقبض علي بن جعفر على لحيته وقال لهم : اسكتوا ، إذا كان الله عز وجل لم يؤهل هذه الشيبة وأهل هذا الفتى ووضعه حيث وضعه ، أنكِرُ فضله ؟! نعود بالله مما تقولون ! بل انا له عبد !!
ثم إن الإمام الجواد قام بما تحتاج إليه الناس بعد أبيه لأنه الحجة ، ولا يعجزه عن ذلك صغر سنه لأنه مستكمل الشرائط ، وهم انوار الله في عالم المكنون والملكوت ، وإنما هم صموت ماداموا لم يؤذن لهم .
وسوف نبحث عن صغر سن الإمام ولياقته للإمامة في بحثنا عن الإمام الحجة الثاني عشر ( عجل )
وعلى اي حال فهذا الإمام الشاب المعصوم عللا صغر سنه لا ينقص فضله وشرفه عن ابائه المعصومين وأبنائه الطاهرين سلام الله عليهم أجمعين . فكلهم نور واحد ذرية بعضها من بعض وكلهم ثمرات الشجرة الطيبة التي اصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أُكلها كل حين بأذن ربها .
فكما تؤتي تلك الشجرة المباركة الكل والثمر كل حين ، كذلك لا تخلو الأرض في كل وقت في وكل حين، وكل ساعة من حجة قائمة عليها ، ومن إمام ساكن عليها وإلا لساخت على الفور باهلها ، وكذلك لا ينقطع الناس ولا يستغنون في كل عصر عن علوم إمام عصرهم وحجة زمانهم ،ولا بد للناس من الرجوع إلى الموجود منهم في كل زمان ، إما شفاهاً بلا واسطة إن كان ظاهراً للأنظار مرئياً بالأبصار ، او إلى نوابه وخدامه الخاصين أوالعامين إن كان غائباً في البلاد ومستوراً عن العباد كا ستتار الشمس وراء الغيم ، مثل إمام عصرنا الحجة الثاني عشر عجل الله فرجه الشريف .
زوجاته واولاده عليه السلام :
نعرف ممن تزوجهن الإمام الجواد أم الهادي والدة الإمام العاشر الذي ستلي سيرته إن شاء الله تعالى . وام الفضل بنت المامون والتي سيرد ذكرها أيضاً في احوال هذا الإمام الهمام وهذه لم تلد له اولاداً .
اما اولاده فهم أربعة : ذكران وانثيان ، والذكران هما بكره أبو الحسن علي الهادي الإمام بعده ، واخوه موسى المعروف بموسى المبرقع .
والأنثيان هما فاطمة ولعلها المعروفة بالحكية أو الحكيمة ، المدفونة في سر من رأى ( وسميت بذلك نظراً لمنظرها الجميل بعد بناءها ، ولما خربت وهدمت سميت ساء من رأى وخففت بعد ذلك وسميت سامراء ) في بقعة الإمام الهادي ، والثانية أمامة ، وهذا قول الشيخ المفيد ( أعلى الله مقامه ) وزاد الشيخ الطبرسي (قد) على ذلك من البنات حكيمة وخذيجة وام كلثوم .
اما ولده الأكبر فهو الإمام أبو الحسن علي بن محمد الهادي كان الإمام من بعده بنص من أبيه وسنذكر حالاته إن شاء الله تعالى في محلها .
واما ولده الأخر المسمى بموسى والمشهور بموسى المبرقع ، فقد ولد في المدينة المنورة واقام مع أبيه إلى أن استشهد أبوه ببغداد ، ثم انتقل إلى الكوفة وسكن بها مدة ، وفي سنة ست وخمسين ومأتين هاجر من الكوفة وورد قم وتوطن بها .
وكان موسى يستر وجه عن الناس ويلقي برقعاً عليه ، ولذلك قيل له المبرقع ، وكان يستر وجه خوفاً من شرار بني العباس الذين كانوا يترصدون للعلويين ولأبناء أهل اليت بين كل شجر ومدر ، وينكلوا بهم .
ثم انه أخرج من قم إلى كاشان ونزل عند احمد بن عبدالعزيز بن دلف العجلي فاكرمه ورحب به وبذل له الأموال واحسن إليه .
ثم خرج جماعة من رؤساء العرب من اهل الكوفة وتفحصوا عن امره وعما جرى بينه وبين اهل قم ، فلما اطلعوا على الأمر ، وبخو اهل قم لسوء معاشرتهم مع موسى وإخراجه عن بلدهم .
فعند ذلك ندم اهل قم في اخراج موسى عن البلد ، واستشفعوا برؤساء العرب الذين قدموا قم من الكوفة ، وطلبوا منهم مراجعة موسى المبرقع إلى قم ومغادرة كاشان والتوطن في بلدهم ، فقبل موسى شفاعتهم وعفى عن اهل قم .
ثم نزل قم مرة ثانية واقام بها مكرماً ، وأقاموا عنده ، وكان له خدم وحشم ومقام عظيم عندالقميين ، واحاطوا به واستفادوا من علمه وفضله .
وكان موسى المبرقع من أهل الحديث والدراية وتوفى في بلدة قم في شهر ربيع الأخر من سنة ست وتسعين ومائتين ، ودفن في بيته ، وكان قبل وروده بقم لمحمد بن الحسن بن ابي خالد الملقب بشنبولة ، وكان من اصحاب الإمام الرضا ومن رواة الحديث .
قال العطاري صاحب مسند الإمام الجواد الظاهر أن مخالفة اهل قم مع موسى المبرقع واخراجه عن بلدهم كان لعدم معرفتهم إياه لأنه كان يستر وجهه بالبرقع ولا يظهره للناس ، وكانوا في شكٍ وترديد في شخصه وأمره ، فلما القى البرقع ، وكشف عن وجهه عرفوه وأكرموه نهاية الإكرام .
وقبره اليوم مزار معروف في البلدة المقدسة ، مشهور بـ در بهشت أي باب الجنة تزوره العامة والخاصة .
وكان موسى جد السادة الرضوية وينتهي نسبهم إليه ، والسادة الرضوية المنسوبون إلى الإمام أبي الحسن الرضا من البيوتات العلوية الجليلة الساكنون في ايران والهند وباكستان وأفغانستان وتركستان والعراق والشام وغيرها من البلاد .
سنوات عمرة وحياته بشكل عام :
كان الإمام الجواد صغير السن حين تولى الإمامة بعد شهادة ابيه الرضا فإنه كان ابن سبع سنين وثلاثة أشهر ، او تسع سنوات وأشهراً ، بل كان عمره على المشهور سبع سنين وسبعة اشهر وسبعة أيام ، ولم يتولَ احد الإمامة في مثل هذا العمر الصغير إلا ابنه الإمام الهادي بعده . وبعدهما الإمام الحجة (عج )
وكان أيضاً أقل الأئمة عمراً ، فقد عاش على المشهور خمساً وعشرين سنة وأربعة أشهر وستاً وعشرين يوماً فقط ، وإذا حدفنا منها سنوات حياته مع أبيه وهي سبع سنوات وتسعة أشهر وتسعة عشر يوماً ، فتكون مدة إمامته سبع عشرة سنة وتسعة أشهر وتسعة عشر يوماً .
مـلـوك عـصره :
عاصر الإمام الجواد بقية ملك المامون بعد استشهاد الإمام الرضا وقسماً من ملك المعتصم ، والمعروف المشهور انه استشهد في اول ملك المعتصم ( وإن قيل أيضاً بوقوع شهادته في ملك الواثق ) لكن هذا القول بعيد لان هلاك المعتصم كان في سنة 227هـ وشهادة الإمام في سنة 220هـ
المفضلات