تااااااااااااااااااااااااااااابع
معجزاته عليه السلام :
ومن معجزاته البارعة ما وقع له عند استشهاد أبيه . منها ما رواه محمد بن ميمون قال : كنت مع الرضا بمكة قبل خروجه إلى خراسان فقلت له إني أريد أن أتقدم إلى المدينة ، فاكتب معي كتاباً إلى ابي جعفر فتبسم وكتب كتاباً وسرت إلى المدينة وكان قد ذهب بصري فاخرج الخادم أبا جعفر يحملة من المهد ، فناولته الكتاب فقال موفق ، فضه وانشرره ين يديه . ففضضته ونشرته بين يديه ، فنظر فيه ، ثم قال لي : يا محمد ما حال بصرك فقلت يا ياابن رسول الله اعتليت فذهب بصري كما ترى ، فمدّ يده ومسح على عيني فعاد إليّ بصري كأصح مما كان ، ثم قبلت يديه ورجليه وانصرفت من عنده وانا بصيراً .
علمه ومحاججاته عليه السلام :
تعددت الأخبار والروايات عن سعة علم الإمام الجواد (كأبائه -ع- ) وقوة حججه وعظمة آياته منذ صغره ، وعن ادهاشه وافحامه العلماء والكبار وهو حدث صغير السن ، فمن تلك الأخبار ، أنه دخل بعد شهادة أبيه الرضا خلق كثير من بلاد مختلفه لينظروا إليه ، وكان في المجلس عمه عبدالله بن موسى ، وهو شيخ كبير نبيل ، عليه ثياب خشنه ، وبين عينيه سجادة كبيرة ، وكان يكرم الجواد كثيراً على صغر سنه ، والمنادي ينادي هذا ابن بنت رسول الله فمن أراد السؤال فليسأل ، فسئل عن اشياء أجاب فيها بغير الجواب ، ، فرد على الشيعة ما أحزنهم وغمهم واضطربت الفقهاء ، فقاموا وهموا بالأنصراف ، وقالوا في انفسهم : لو كان أبو جعفر يكمل لجواب السائل لما كان عند عبدالله ما كان من جواب بغير الجواب ، ففتح عليهم باب من صدر المجلس ودخل موفق وقال : هذا ابو جعفر فقاموا إليه واستقبلوه وسلموا عليه فرد عليهم السلام ، فدخل وعليه قميصان وعمامة بذؤابتين ، وفي رجليه نعلان ، وجلس وامسك الناس كلهم ، فقام صاحب المسأله فسأله عن مسأله أجاب عنها بالحق ، ففرحوا ودعوا له وأثنوا عليه ، وقالوا له : إن عمك عبدالله أفتى بكيت وكيت ، فقال لا إله إلا الله ياعم إنه عظيم عندالله أن تقف بين يديه - فيقول لك لِمَ تفتي عبادي بما لا تعلم وفي الأمة من هو أعلم منك .
وأما محاجاته فكثيراً جداً ، ولعل من أكثرها شهرة مع يحيى بن أكثم في مسألة مُحرم الذي قتل صيداً ؟ وأجاب عند ذلك بجواب متفرع ، فحير ابن اكثم واخجله .
ومنها ما حدث في مجلس المعتصم ، وذلك أنهم جاؤوا يوماً بسارق ليجرى عليه الحد ، وكان عنده من علماء المذاهب الإسلامية المختلفة جماعة ، فسألهم عن حكمه ، فحكموا عليه بقطع اليد ولكنهم اختلفوا في حد اليد فقال قوم بان تقطع يده من الكرسوع وهو الزند ، تمسكاً بآية التيمم وحده من الزند ، وقال اخرون بكون القطع من المرفق ، فاحضر الإمام وسأله عن ذلك فتثاقل الإمام عن الجواب واستعفى منه ، فاصر عليه المعتصم وحلفه وألزمه ، فحكم الإمام بخطأ الفريقين ، وإن يد السارق لا تقطع إلا اصابعها ، ولا بد من ابقاء الكف للسجود عليه ، تمسكاً بقوله تعالى (( وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا )) وإن ما كان لله فلا يقطع ، فاعجب ذلك المعتصم وأمر بقطع يد السارق من مفصل الأصابع دون الكف .
علاقته مع المأمون والمعتصم :
بقى عند المامون معززاً مكرماً ، وذلك تظاهراً من المأمون . وكانات زوجته ام الفضل لا توافقه في الأخلاق والأفعال ، لآنه يكرم كثيراً زوجته ألجليلة أم الإمام العاشر ، وكانت تشكيه لأبيها المامون وهولا يصغي لها لما صدر منه نحو ابيه الرضا ولم يتعرض لأذيته ولا لأحد من أهل البيت ، علماً بأن ذلك ليس في صلاح دنياه ولا أخراه . وقد علمه الإمام الحرز المعروف بحرز الجواد للحفظ من الشرور والبلايا والمكاره والآفات والعاهات وهو من أوثق الأحراز .
ثم خرج من معاشرة المامون فخرج للحج ، ومعه أم الفضل ، ورجع من مكة بوطن جده ، فلم يزل بها حتى هلك المأمون ، وبويع لأخيه المعتصم وكان مضى على خلافته بعد أبيه ست عشر سنة .
وكان المعتصم أكثر بني العباس تعصباً ةكرهاً لأبناء علي ، وكان يبهره ويحيره ما يسمع من معجزات وكرامات وعلوم الإمام وفي الوقت نفسه يملأ قلبه خوفاً منه وحسداً ويزيده عداوه . واخيراً قرر أن يستدعيه من المدينة المنورة ليبقيه بجانبه وتحت نظره في بغداد .
فلما بلغت دعوته الإمام ، تهيأ للمسير مع زوجته ام الفضل ، وأوصى لولده الإمام الهادي وجعله خليفة من بعده ونص عليه بالإمامة بمحضر أكابر شيعته ، ودفع إليه مواريث الإمامة وهو بعد صغير السن وانصرف ودخل بغداد في الثامن والعشرين من شهر محرم من سنة عشرين ومأتين للهجرة الشريفه ، وفي بغداد حيث محاججاته وإكبار العلماء والناس له واياته التي تظهر تزيد المعتصم خشية منه ويتظاهر بتقدير واحترام الإمام ولذا كان ينتظر فرصة ، ليُضعف فيها الإمام ويكسفه .
وكان بنو العباس يخافون من الإمام وينقمون عليه من علمه وحب الناس له ، فكانوا دائمي السعاية والدس له والأفتراء عند المنصور ، ولعل أبرز هؤلاء الأخصام والأعداء جعفر بن المامون ، أخا ام الفضل زوجة الإمام .
استشهاده عليه السلام :
نظراً لتلك السعايات التي فعلت فعلتها في المعتصم ، قرر التخلص من الإمام ، فأوعز إلى زوجة الإمام أم الفضل ، كما أنها فعلت بايعاز من أخيها جعفر بن المامون أيضاً . فجعلت السم في العنب الرازقي واطعمته الإمام وقيل أنها سمت العنب بمسحه بمنديل مسموم ، وإن الإمام عندما أحس بأثر السم ادرك انه منها ودعا عليها ، وكانت شهادته يوم السبت السادس من شهر ذي الحجة الحرام من سنة عشرين ومأتين من الهجرة الشريفة في بغداد ، ودفن في مقابر قريش بظهر قبر جده الإمام موسى الكاظم وهي اليوم بعيدة عن بغداد مسيرة ساعة في بلدة تسمة الكاظمية ، وفوق بقعتهما قبتان عاليتان من ذهب ، مع اربع مآدن عاليةٍ كبار ، وأربع صغار من جوانبها الأربع . بأحسن ترتيب واجمل هئية .
رزقنا الله تعالى في الدنيا زيارتهما وفي الأخرة شفاعتهما وشفاعة آبائهما الطاهرين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين .
ويقال أن جنازته بقيت ثلاثة أيام بلا دفن ، ومثل هذا القول ورد بشأن جده الإمام موسى بن جعفر الكاظم (ع ) الذي بقي على جسر الرصافة ببغداد كذلك ، وايضاً بقي سيد الشهداء ثلاثاً
المفضلات