
لم تعد مياه الصرف الصحي بشمال تاروت بالقرب من الزور أقل خطورة من الردم والتجريف على شجر المانجروف أو القرم ، فقد أصبحت كالمد الأحمر الذي يحاصر ثاني أكبر غابة في خليج تاروت فلم يقتصر تهديد وقتل شجر المانجروف على أسلوب واحد أو اثنين ولم يكن الردم أو التجريف مصدري التهديد لهذه الشجرة البحرية وإنما هناك أساليب متنوعة للقضاء عليها سواء عن قصد أو غير قصد .. وكأن تواجدها في الساحل الشرقي على الخليج العربي قد أصدر عليها حكمًا بالموت بلا استئناف .
خط أحمر
وقال الصياد عبدالله حسن البيابي من تاروت الذي يعمل في البحر منذ 28عامًا إن مياه الصرف الصحي التي تلتقي في شمال جزيرة تاروت عند الزور بغابات شجر المانجروف والردم والتجريف عند التركية نتج عنها أضرار على شجرة مهمة وثمينة.
هذه الشجرة التي تعتبر الحاضنة والرحم الأول للكائنات الحية في البحار والذي أثر ذلك على قلة كمية الأسماك والربيان إلى أكثر من النصف مما كانت عليه منذ 20عامًا وفي الوقت نفسه ارتفع عدد الصيادين في جزيرة تاروت إلى 800 صياد في الوقت الراهن ونحن نلاحظ قلة الناتج من الأسماك في الخليج مما أصبح مؤشراً خطراً ، علاوة على أنه خط أحمر يجب على المسئولين متابعته ومعرفة أسبابه وأن هذا المؤشر ينذر بتهديد الأسر التي يعمل عائلها في البحر .
روائح ذكية
وأكدد البيابي أن الأرض الساحلية في شمال تاروت كانت طينية بيضاء قبل تواجد محطة التحلية وكانت نسائم الريح تأتي بروائح زكية إن هبت على شجر المانجروف بسبب كثافة الغابة بينما اليوم تأتي روائح عفنة ومقززة وأصبحت الأرض ملوثة وكأنها وحل مخيف .
غذاء الأسماك
وبين فتحي أحمد البنعلي من صيادي دارين أن شجر القرم يعتبر من أقوى الأشجار ويتمسك بالمكان الذي يعيش فيه بجذوره القوية فهي تعيش عشرات السنين وهي الغذاء للكائنات الحية في البحر وتغير هذه الشجرة يؤدي لتغير جودة الأسماك ونلاحظ اليوم بعض أنواع السمك قد تغيرت جودته فأصبح له رائحة إن أردت أكله فتجد سمك الصافي المتواجد بكثرة في شمال تاروت مثلاً له رائحة غير مقبولة في بطنه وذلك بسبب غذائه الذي يأكله وذلك بسبب ما يرمى في البحر من مياه ملوثة لها روائح غير مقبولة فالغذاء الذي تتلقاه الأسماك يوثر في نوعية وجودة الأسماك المتواجدة كما نلاحظ قلة السمك وهذا هو المهم للصيادين وللمسئولين وشدد على المياه التي تلقى اليوم من محطة التحلية في شمال جزيرة تاروت وتعد سببًا جوهريًا في قلة الأسماك.
قلة الأسماك
ولفت الصياد منير عبدالله الناصري من سنابس أن ما يلقى اليوم من مياه في غرب الزور يعتبر غير معالج للبيئة البحرية مما أدي لافتقاد التربة وشجر القرم حيويتها إضافة لتأثيراتها على الكائنات البحرية الأكثر تنوعًا وأوضح أن منطقة شمال تاروت تعتبر منطقة تكاثر للأسماك فقد جعلها الله سبحانه وكأنها مصنع ومنبع للكائنات البحرية ولكنها تأثرت وقل عطاؤها مع مرور الأيام وخاصة خلال الأعوام الثلاث الماضية ولوحظ قلة أعداد الأسماك والربيان في جزيرة تاروت ويعتقد الصيادون أن مياه الصرف الصحي التي تلقى بكميات كبيرة في البحر لها الدور الأبرز في ذلك .
مزروعات الشوارع
وقال الصياد محمود محمد البيابي من تاروت : تعتبر هذه المحطة المجمع الذي يرمى بمياه الصرف الصحي من جزيرة تاروت والمكونة من تاروت وسنابس والربيعية ودارين وتخرج كميات كبيرة من الصرف الصحي وهو نتاج مواد كيميائية متعددة: زيوت وشحوم ومنظفات ومخلفات أدمية وغيرها، ويرى انه فى حالة معالجتها فمن الأفضل تحويلها لري أشجار الطرقات والشوارع لأن رميها في البحر سيضر بالبيئة البحرية ولو بقدر بسيط خاصة وأن خليج تاروت يجمع عدة مرامي في تاروت والقطيف وصفوى ورأس تنورة و سيهات مما يؤثر سلباً على الحياة البحرية برمتها في خليج تاروت وطالب باستغلال ما يعالج في ري المزروعات بدل من رميه في البحر .
جمعية الصيادين
وأكد نائب رئيس جمعية الصيادين جعفر أحمد الصفواني أن ما يرمى اليوم من مياه صرف شكلت اللون الأحمر سواء في الأحواض البدائية نفسها أو في البحر عند الغابة والتي أصبحت قريبة بتسمية ذلك بالمد الأحمر كما تنشئها الطحالب والتي تؤدي لإنتاج السموم ويؤدي ذلك لقلة الأكسجين ونفوق الأسماك وأشار إلى أن تواجد المحطة بعملها الحالي أدى لنزوح كميات كبيرة من الأسماك وهجرتها من المكان بسبب تلوثه مما نتج عنه قلة التكاثر بالغابة والتي كانت غنية بأنواع الأسماك والربيان سابقاً والمحطة الحالية تعتبر المعالجة فيها طبيعية وتم إنشاؤها منذ أكثر من 25عامًا وكانت 6 أحواض يبلغ طول الحوض الأول من الجانبين في المحطة 180م ×120م طولاً تقريباً والثاني والثالث من الجانبين 120م × 120 م طولاً وعرضاً تقريباً وكانت تواكب عدد السكان في جزيرة تاروت آنذاك حيث تبلغ طاقتها الاستيعابية 9000 متر مكعب. وزاد عدد السكان وبقيت على حالها الاستيعابية مما يؤكد أن ما يرمى في البحر غير معالج بالصورة المطلوبة.
المد البحري
وقال عضو الجمعية داوود سلمان آل إسعيد إن شجر المانجروف أو القرم لم يعرف الإنسان بعد قدرها فقد أوضحت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة "الفاو» أهمية زراعة أشجار المانجروف التي تأثرت بموجات المد البحري التي تكون كما كان في تسونامي ونقول إن الشجرة لو كانت موجودة في بعض الأماكن الذي حدثت فيها فيضانات بحرية وكوارث طبيعية وخاصة في شرق آسيا والتي راح ضحيتها المئات لم تحدث هذه الكارثة لأن هذه الشجرة ستكون مصدات لمياه الفيضانات العاتية ونحن هنا نتلاعب بهذه الشجرة ونقوم بقتلها وبدون عذر أو سبب فاليوم ما يرمى من مجار وصرف في غابة شمال جزيرة تاروت يعتبر قضاء على ثاني أكبر غابة بخليج تاروت التى تضم مئات الآلاف من أشجار المانجروف وتعد الأكبر بعد غابة صفوى .
تهديد جديد
وبين أن المياه الملقاة قريبة للخور ولا تبعد عنه سوى 600متر فقط وهى منطقة ساحلية حجرية خشنة فيكثر سمك الصافي والميد والحيسون والعراضي والقرقفان والاسبيطي ويعتبر مكانًا لتكاثر الربيان. وأكد أن تهديد شجر المانجروف أو القرم في خليج تاروت لم يقتصر على الردم والتجريف فقط وإنما تعدى ذلك حتى جاءت مياه الصرف الصحي في أماكن مختلفة لتقوم بتهديد هذه الشجرة .
مطالب الصيادين
وطالبت جمعية الصيادين و800 صياد بجزيرة تاروت المسئولين في المياه بتنظيف الأحواض الثلاثة على الدوام وإزالة الترسبات فيه والتي تبدو واضحة على السطح في بعض الأجزاء حتى لاينتج أضرارًا وملوثات كما طالبوا بسرعة إنجاز محطة سنابس للصرف الصحي المجاورة لكي يخلص المنطقة والغابة من السموم التي ترمى في البحر لأن ذلك كفيل بالقضاء على الأسماك ونفوقها وكذلك هجرتها كما لاحظه الصيادون خلال ثلاثة أعوام ماضية .
مواد كيميائية
وأكد عضو مجلس الشورى وأستاذ التقنية الحيوية الزراعية بجامعة الملك فيصل الدكتور جميل آل خيري أن البيئة تعتبر وحدة متكاملة مهيأة للعيش والتكاثر لمجموعة من الكائنات الحية وهي محددة نوعياً وكمياً حسب الظروف المناخية وتركيبة التربة السائدة وعندما يطرأ تغير في إحدى مكونات البيئة تتغير نوعية وكمية الكائنات الحية التي باستطاعتها العيش والتكاثر فيها وذلك حسب درجة التغير وفي حال كان التغير مدمراً فإن الحياة فيها تصبح مستحيلة فتنقرض أو تهاجر الكائنات الحية الخاصة بتلك البيئة.
محطة سنابس
وأوضح مدير فرع المياه بمحافظة القطيف علي الصحاف أن محطة سنابس شمال جزيرة تاروت تم إنشاؤها منذ أكثر من 27 عامًا وكان الاستخدام قليلًا وهي تعتبر محطة معالجة قديمة وطاقتها الاستيعابية قليلة ووحدات المعالجة فيها تمر بثلاث مراحل المرحلة الأولى عبر الحوض الأول وهي المعالجة الأولية وهي معالجة لاهوائية ثم مرحلة ثانية وهي هوائية وغير هوائية ، ثم مرحلة الترشيح وكانت 6 أحواض في السابق والآن 3 أحواض فقط .
عينات يومية
وأكد الصحاف سحب عينات يومية سواء من الآبار أو من مياه الصرف الصحي من جميع المحافظة ونقوم بتحليلها عبر المختبرات ونجد أن النتائج تأتي مطابقة للمواصفات المطلوبة حسب المقاييس العالمية كما تقوم وزارة الصحة بأخذ عينات مماثلة للتأكد من سير الأمور بالشكل المطلوب أيضاً .
محطة ثلاثية
وأشار مدير مياه القطيف علي الصحاف إلى أن المياه بصدد الانتهاء من إقامة محطة ثلاثية جديدة تعتبر من أحدث المحطات وبلغت تكلفتها أكثر من 64مليون ريال موضحًا أنه تم إلغاء 3 أحواض في الطرف الشرقي من المحطة لإقامة المحطة الحديثة والتي تقوم بالمعالجة بنسبة لا تضر بالحياة البحرية أبداً، كما يمكن استخدام مياهها المعالجة فى ري الزراعة ونحن على وشك الانتهاء منها فلم يتبق سوى فترة تتراوح ما بين 3 إلى 5 شهور لتشغيلها وأن طاقتها الاستيعابية تبلغ 52 ألف متر مكعب يوميًا، بينما ما يصل اليوم لا يتعدى 30 ألف متر مكعب، مشيرا إلى مراعاة الزيادة السكانية والتوسعات المستقبلية
حدثت الأخطاء التالية عند الإرسال