المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تفسير البسمله عند السيد الخوئي ..



شذى الزهراء
12-02-2007, 04:35 AM
نظرا لما تمثله البسملة من أهمية كبرى في حياة المؤمن, نضع أمام القارىء هذا البحث حول البسملة للإمام الخوئي- قدس سره - نقلا عن كتابه البيان في تفسير القرآن.


اللغة الاسم : في اللغة بمعنى العلامة ، وهمزته همزة وصل ، وليست من الحروف الاصلية ، وفيه لغات كثيرة والمعروف منها أربع : اسم ، سم وكلاهما بكسر الاول وضمه وهو مأخوذ من السمو " الارتفاع " باعتبار أن المعنى يرتفع به فيخرج
من الخفاء إلى الظهور ، فإن المعنى يحضر في ذهن السامع بمجرد سماع اللفظ بعد أن لم يكن فيه ، أو باعتبار أن اللفظ يرتفع بالوضع فيخرج من الاهمال إلى الاستعمال ، وقيل باشتقاقه من السمة " العلامة " وهو خطأ لان جمع اسم أسماء ، وتصغيره سمي ، وعند النسبة إليه يقال : سموي واسمي وعند التعدية يقال : سميت وأسميت .

ولو كان مأخوذا من السمة لقيل في جمعه أو سام ، وفي تصغيره وسيم ، وفي النسبة إليه وسمي ، وعند التعدية وسمت وأو سمت .

الله : علم للذات المقدسة ، وقد عرفها العرب به حتى في الجاهلية ، قال لبيد :
ألا كل شئ ما خلا الله باطل * وكل نعيم لا محالة زائل

وقال سبحانه : " ولئن سألتهم من خلق السماوات والارض ليقولن الله 31 : 25 " .
ومن توهم أنه اسم جنس فقد أخطأ ، ودليلنا على ذلك أمور :
الاول : التبادر ، فإن لفظ الجلالة ينصرف بلا قرينة إلى الذات المقدسة ، ولا يشك في ذلك أحد ، وبإصالة عدم النقل يثبت أنه كذلك في اللغة ، وقد حققت حجيتها في علم الاصول .

الثاني : ان لفظ الجلالة - بما له من المعنى - لا يستعمل وصفا ، فلا يقال : العالم الله ، الخالق الله ، على أن يراد بذلك توصيف العالم والخالق بصفة هي كونه الله وهذه آية كون لفظ الجلالة جامدا ، وإذا كان جامدا كان علما لا محالة ، فإن الذاهب إلى أنه اسم جنس فسره بالمعنى الاشتقاقي .

الثالث : أن لفظ الجلالة لو لم يكن علما لما كانت كلمة " لا إله إلا الله " كلمة توحيد ، فإنها لا تدل على التوحيد بنفسها حينئذ ، كما لا يدل عليه قول : لا إله إلا الرازق ، أو الخالق ، أو غيرهما من الالفاظ التي تطلق على الله سبحانه ، ولذلك لا يقبل إسلام من قال إحدى هذه الكلمات .

الرابع : أن حكمة الوضع تقتضي وضع لفظ للذات المقدسة ، كما تقتضي الوضع بإزاء سائر المفاهيم ، وليس في لغة العرب لفظ موضوع لها غير لفظ الجلالة ، فيتعين أن يكون هو اللفظ الموضوع لها .

إن قلت : إن وضع لفظ لمعنى يتوقف على تصور كل منهما ، وذات الله سبحانه يستحيل تصورها ، لا ستحالة إحاطة الممكن بالواجب ، فيمتنع وضع لفظ لها، ولو قلنا بأن الواضع هو الله - وأنه لا يستحيل عليه أن يضع إسما لذاته لانه محيط بها - لما كانت لهذا الوضع فائدة لاستحالة أن يستعمله المخلوق في معناه فإن الاستعمال أيضا يتوقف على تصور المعنى كالوضع ، على أن هذا القول باطل في نفسه .

قلت : وضع اللفظ بإزاء المعنى يتوقف على تصوره في الجملة ، ولو بالاشارة إليه ، وهذا أمر ممكن في الواجب وغيره ، والمستحيل هو تصور الواجب بكنهه وحقيقته ، وهذا لا يعتبر في الوضع ولا في الاستعمال ، ولو اعتبر ذلك لامتنع الوضع والاستعمال في الموجودات الممكنة التي لا تمكن الاحاطة بكنهها : كالروح والملك والجن ، ومما لا يرتاب فيه أحد أنه يصح استعمال اسم الاشارة أو الضمير ويقصد به الذات المقدسة ، فكذلك يمكن قصدها من اللفظ الموضوع لها ، وبما أن الذات المقدسة مستجمعة لجميع صفات الكمال ، ولم يلحظ فيها - في مرحلة الوضع - جهة من كمالاتها دون جهة صح أن يقال : لفظ الجلالة موضوع للذات المستجمعة لجميع صفات الكمال .

إن قلت : إن كلمة " الله " لو كانت علما شخصيا لم يستقم معنى قوله عزاسمه : " وهو الله في السماوات وفي الارض 6 : 3 " . وذلك لانها لو كانت علما لكانت الآية قد أثبتت له المكان وهو محال ، فلا مناص من أن يكون معناه المعبود ، فيكون معنى الآية : وهو المعبود في السماوات والارضين .
قلت : المراد بالآية المباركة أنه تعالى لا يخلو منه مكان ، وأنه محيط بما في السماوات وما في الارض ، ولا تخفى عليه منها خافية ، ويشهد لهذا قوله تعالى في آخر الآية الكريمة : " يعلم سركم وجهركم ويعلم ما تكسبون 6 : 3 " .

وقد روى أبو جعفر وهو محمد بن نعمان في ظن الصدوق قال : " سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل : " وهو الله في السماوات وفي الارض 6 : 3 " . قال عليه السلام : " كذلك هو في كل مكان ، قلت : بذاته ؟ قال : ويحك إن
الاماكن أقدار ، فإذا قلت في مكان بذاته لزمك أن تقول في أقدار وغير ذلك ، ولكن هو بائن من خلقه محيط بما خلق : علما وقدرة وإحاطة وسلطانا . . . " ( 1 ) .

والالف واللام : من كلمة الجلالة وإن كانت جزء منها على العلمية ، إلا أن الهمزة فيها همزة وصل تسقط في الدرج ، إلا إذا وقعت بعد حرف النداء ، فتقول يا الله بإثبات الهمزة وهذا مما اختص به لفظ الجلالة ، ولم يوجد نظيره في كلام العرب قط ، ولا مضايقة في كون كلمة الجلالة من المنقول ، وعليه فالاظهر أنه مأخوذ من كلمة " لاه " بمعنى الاحتجاب والارتفاع ، فهو مصدر مبني للفاعل ، لانه سبحانه هو المرتفع حقيقة الارتفاع التي لا يشوبها انخفاض ، وهو - في غاية ظهوره بآثاره وآياته - محتجب عن خلقه بذاته ، فلا تدركه الابصار ولا تصل إلى كنهه الافكار :
فيك يا أعجوبة الكون * غدا الفكر كليلا
أنت حيرت ذوي اللب * وبلبلت العقولا
كلما أقدم فكري * فيك شبرا فر ميلا
ناكصا يخبط في عشواء * لا يهدي السبيلا

ولا موجب للقول باشتقاقه من " أله " بمعنى عبد ، أو " أله " بمعنى تحير ليكون الاله مصدرا بمعنى المفعول - ككتاب - فانه التزام بما لا يلزم .

الرحمن : مأخوذ من الرحمة ، ومعناها معروف ، وهي ضد القسوة والشدة . قال الله تعالى : " أشداء على الكفار رحماء بينهم 48 : 29 . إعلموا أن الله شديد العقاب وأن الله غفور رحيم 5 : 98 " . وهي من الصفات الفعلية ، وليست رقة القلب مأخوذة في مفهومها ، بل هي من لوازمها في البشر .

فالرحمة - دون تجرد عن معناها الحقيقي - من صفات الله الفعلية كالخلق والرزق ، يوجدها حيث يشاء .

قال عز وجل : " ربكم أعلم بكم إن يشأ يرحمكم أو إن يشأ يعذبكم 17 : 54 .

يعذب من يشآء ويرحم من يشآء وإليه تقلبون 29 : 21 " . حسب ما تقتضيه حكمته البالغة .

وقد ورد في الآيات طلب الرحمة من الله سبحانه : " وقل رب اغفر وارحم وأنت خير الراحمين 23 : 118 "

وقال غير واحد من المفسرين وبعض اللغويين : إن صيغة الرحمن مبالغة في الرحمة ، وهو كذلك في خصوص هذه الكلمة ، سواء أكانت هيئة فعلان مستعملة في المبالغة أم لم تكن ، فان كلمة " الرحمن " في جميع موارد استعمالها محذوفة المتعلق ، فيستفاد منها العموم وأن رحمته وسعت كل شئ . و مما يدلنا على ذلك أنه لا يقال : إن الله بالناس أو بالمؤمنين لرحمن ، كما يقال : إن الله بالناس أو بالمؤمنين لرحيم . وكلمة " الرحمن " بمنزلة اللقب من الله سبحانه ، فلا تطلق على غيره تعالى ، ومن أجل ذلك استعملت في كثير من الآيات الكريمة من دون لحاظ مادتها قال سبحانه : " قالوا ما أنتم إلا بشر مثلنا وما أنزل الرحمن من شئ 36 : 15 .

إن يردن الرحمن بضر لا تغن عني شفاعتهم شيئا ولا ينقذون : 23 .
هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون : 52 .

ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت 67 : 3 " .

ومما يقرب اختصاص هذا اللفظ به قوله تعالى : " رب السماوات والارض وما بينهما فاعبده واصطبر لعبادته هل تعلم له سميا 19 : 65 " .

فان الملحوظ أن الله تعالى قد اعتنى بكلمة " الرحمن " في هذه السورة " مريم " حتى كررها فيها ست عشرة مرة . وهذا يقرب أن المراد بالآية الكريمة أنه ليس لله سمي بتلك الكلمة .

الرحيم : صفة مشبهة ، أو صيغة مبالغة . ومن خصائص هذه الصيغة أنها تستعمل غالبا في الغرائز واللوازم غير المنفكة عن الذات : كالعليم والقدير والشريف ، والوضيع والسخي والبخيل والعلي والدني .

فالفارق بين الصفتين : أن الرحيم يدل على لزوم الرحمة للذات وعدم انفكاكها عنها ، والرحمن يدل على ثبوت الرحمة فقط .

ومما يدل على أن الرحمة في كلمة " رحيم " غريزة وسجية : أن هذه الكلمة لم ترد في القرآن عند ذكر متعلقها إلا متعدية بالباء ، فقد قال تعالى : " إن الله بالناس لرؤف رحيم 1432 . وكان بالمؤمنين رحيما 33 : 43 " . فكأنها عند ذكر متعلقها انسلخت عن التعدية إلى اللزوم .

وذهب الآلوسي إلى أن الكلمتين ليستا من الصفات المشبهة ، بقرينة إضافتهما إلى المفعول في جملة : " رحمن الدنيا والآخرة وحريمهما " . والصفة المشبهة لا بد من أن تؤخذ من اللازم ( 2 ) .

وهذا الاستدلال غريب ، لان الاضافة في الجملة المذكورة ليست من الاضافة إلى المفعول بل هي من الاضافة إلى المكان أو الزمان . ولا يفرق فيها بين اللازم والمتعدي .

ثم إنه قد ورد في بعض الروايات : أن " الرحمن " اسم خاص ومعناه عام وأما لفظ " الرحيم " فهو اسم عام ، ومعناه خاص ومختص بالآخرة أو بالمؤمنين ( 3 ) إلا أنه لا مناص من تأويل هذه الروايات أو طرحها ، لمخالفتها الكتاب العزيز ، فانه قد استعمل فيه لفظ " الرحيم من غير اختصاص بالمؤمنين أو بالآخرة ففي الكتاب العزيز :

" فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم 14 : 36 .

نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم 15 : 49 .

إن الله بالناس لرؤف رحيم 22 : 65 .

ربكم الذي يزجي لكم الفلك في البحر لتبتغوا من فضله إنه كان بكم رحيما 17 : 66
ويعذب المنافقين إن شاء أو يتوب عليهم إن الله كان غفورا رحيما 33 : 24 " .

إلى غير ذلك من الآيات الكريمة ، وفي بعض الادعية والروايات : رحمن الدنيا الآخرة ورحيمهما ( 4 ) .

ويمكن أن يوجه هذا الاختصاص بأن الرحمة الالهية إذا لم تنته إلى الرحمة في الآخرة ، فكأنها لم تكن رحمة ( 5) .

وما جدوى رحمة تكون عاقبتها العذاب والخسران ؟ فإن الرحمة الزائلة تندك أمام العذاب الدائم لا محالة ، وبلحاظ ذلك صح أن يقال : الرحمة مختصة بالمؤمنين أو بالآخرة .


هوامش :
( 1 ) تفسير البرهان ج 1 ص 315 . ( * )
( 2 ) تفسير الآلوسي ج 1 ص 59 .
( 3 ) تفسير الطبري ج 1 ص 43 ، وتفسير البرهان ج 1 ص 28 .
( 4 ) الصحيفة السجادية في دعائه - ع - في استكشاف الهموم ، ومستدرك الحاكم ج 1 ص 155 .
( 5 ) اشير إلى ذلك في بعض الادعية المأثورة . ( * )


منقوول..

دنيا الأحلام
12-02-2007, 05:23 AM
شذى الزهراء
طرح رائع ومميز عزيزتي ورائع جدا" ايضا"
يعطيكِ ربي الف عافية وموفقة لكل خير وجعله الله في
ميزان حسناتكِ
يسلمووووووووووووووووووووووووووووووو

شذى الزهراء
12-03-2007, 02:54 AM
شذى الزهراء
طرح رائع ومميز عزيزتي ورائع جدا" ايضا"
يعطيكِ ربي الف عافية وموفقة لكل خير وجعله الله في
ميزان حسناتكِ
يسلمووووووووووووووووووووووووووووووو


المميز حضورج اختي بصفحتي لاعدمتج يارب ..
والله يسلم عمرج..

ام الحلوين
12-03-2007, 08:59 AM
الله يعطيش الف عافيه خيتو شذى الزهراء

وجعله الله في ميزان اعمالش ياكريم

ورحم الله والديك بحق الصلاة على محمد وال محمد

جررريح الررروح
12-03-2007, 09:12 AM
شذى الزهراء
يعطيك ربي الف عافية على النقل
الرائع وجعل ان شاء الله في ميزان اعمالك
تحياتي

شذى الزهراء
12-04-2007, 01:35 AM
ام الحلووين ..مشكورة على تواجدج الطيب لاعدمناج..
جريح الروح ..تسلم اخوي على مرورك الكريم...