النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: حقيقة الملائكه

  1. #1
    عضو سوبر مميز
    تاريخ التسجيل
    Aug 2005
    المشاركات
    2,786
    شكراً
    0
    تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
    معدل تقييم المستوى
    283

    حقيقة الملائكه

    حقيقةالملائكة
    حقيقة الملائكة" هي الفقرة الأولى من محاضرة عنالملائكة ألقاها حضرة ميرزا بشير الدين محمود أحمد ( رضي الله عنه ) الخليفة الثانيللإمام المهدي والمسيح الموعود عليه السلام. وكان ذلك في إجتماع عقدته الجماعةالإسلاميّة الأحمديّة في أواخر ديسمبر من سنة 1920.
    هل الملائكة مخلوقة?
    قد يتبادر إلى الذهن أنّ الملائكة ليست مخلوقة و هذاتصوّر خاطئ إنساق إليه المسيحيّون فتوهّموا أنّ روح القُدُس غير مخلوق و أنّما هوجزءٌ من الله تعالى و يؤدّي ذلك إلى أنّ جبريل عليه السلام هو الله. و على العكس منذلك فإنّ الإسلام يُعلن صراحة أنّ الملائكة مخلوقة, فقد جاء في سورة الصّافات:
    أَمْ خَلَقْنَا الْمَلائِكَةَ إِنَاثاً وَهُمْ شَاهِدُونَ (151)
    (الصافات:151)

    و يعني ذلك أنّالملائكة مخلوقة و أنّ خالقها هو الله تبارك و تعالى. و هنا قد يًعنّ للبعض أنيسأل: هل هم خالدون أم ميّتون؟ ثمّ إنّ المفروض أنّ كلّ مخلوق لا بدّ من أن يموت وهذه مسألة أُخرى.

    وعلى كلّ حال فالجواب أنّه لمّا كانت روح الإنسان محفوظةفبالمثل تظلّ الملائكة باقية أو ربّما يفنى بعضها أو يبقى بعضها محفوظًا. و نُشيربهذه المناسبة إلى أنّ بعض المذاهب الأخرى ترى خلاف هذا الذي ذكرناه, فاليهوديعتقدون أنّ كلّ إلهامٍ جديد يأتي به ألوفٌ من الملائكة الجدد ثمّ يهلكون بعدانتهاء مهمّتهم. أماّ المذهب الزرادشتيّ فإنّه يقول بعدم فناء الملائكة و هو قولُيتفق و ما قلنا آنفًا.
    رؤيةالملائكة
    و النقطة الثانية عن حقيقة الملائكة هي ما إذا كان منالممكن رؤيتها أم لا. و الواقع أنّه يستحيل على الإنسان رؤية الملائكة بالعينالطبيعيّة لأنّها مخلوقات روحانيّة, و قد جاء في القرآن الكريم ردًّا على مطالبةالكفّار إنزال ملكين من السماء
    وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكاً لَجَعَلْنَاهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ (10)
    (الأنعام - 10)

    أي أنّه يستحيلرؤية الملائكة على حقيقتها بالعين البشريّة فإنّما يكون ذلك في هيئة أُخرى خلافوجودهم الحقيقيّ أمّا رؤيتهم على صورتهم الحقيقيّة فلا تكون إلّا بالعينالروحانيّة.

    رُبَّ سائلٍ يسأل: لماذا لا تنزل الملائكة في شبه إنسان كييراهم الناس؟ و الجواب على ذلك أنّه لو نزل مَلَكٌ في صورة إنسان لكان موضع شُبهة ولَشكَّ الناس في أمره هل هو ملَك أو إنسان..و بذلك يظلّ ما في قلوبهم من شك موجودًاكما هو و بالتالي يشكّون أيضًا في ما إذا كان ما يقول هذا الرجل هو كلام ربّالعالمين أم هو كلام الرجل نفسه, و من ثُمّ لا فائدة من نزول الملائكة بحيث يراهمالناس بعيونهم الماديّة لأنّ الشكّ و الاعتراض يظلان قائمين.
    نوع الملائكة
    و النقطة الثالثة الجديرة بالذكر هي أنّ هذهالمخلوقات ليست ذكورًا و لا إناثًا بدليل الآية:
    أَمْ خَلَقْنَا الْمَلائِكَةَ إِنَاثاً وَهُمْ شَاهِدُونَ (151)
    (الصّافات: 151)

    و قد سبقالاستشهاد بها في مجالٍ آخر في الفقرة الأولى. و ليس المقصود هنا نفي الأنوثة عنالملائكة و إثبات الذكورة. فحَسَب سياق الكلام يتّضح أنّ الآية تتضمّن تسفيه زعم منقالوا أنّ الملائكة إناث فجاء الردّ هنا مؤكّدًا نفي هذا الزعم مبيّنًا أنّ القولبأنّ الملائكة إناث أو ذكور لا أساس و لا سند له لأنّهم لم يشهدوا خلقهم, ثمّ إنّذلك التنوّع لا يكون إلّا في الأشياء الماديّة و أمّا في الأمور الروحانيّة فلاتذكير و لا تأنيث. و بالمثل ينبغي ألّا يُفهم بأنّ روح الذكر مذكّرة و روح الأنثىمؤنّثة ذلك لأنّ التذكير و التأنيث إنّما هو في شكل الوعاء أي الجسم و أمّا مايحتويه أي الروح فشيءٌ آخر.
    طبقاتالملائكة
    و الحقيقة الرابعة التي نعرفها عن الملائكة هي أنّهمثلاث طبقات و ليسوا من قسم أو نوعٍ واحد, و يُشير إلى ذلك قوله تبارك و تعالى:
    الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (8)
    (غافر: 8)

    و يتبيّن من هذهالآية أن ّفئات الملائكة ثلاث: إثنتان بدلالة النصّ و الثالثة بإشارة النصّ. فالنوعالأولّ يحملون العرش, والنوع الثاني هُم من حول العرش, وأمّا النوع الثالث فهمالذين تُبعث معهم الأحكام الشرعيّة إلى الأرض. أي أنّ هناك طبقة من الملائكة دونالذي من حول العرش. و يُؤيّد ذلك الأحاديث الشريفة إذْ يَثبت منها أنّ فريقًا منالملائكة مًخصّصون لأشياء مختلفة. و مِثل هذا المفهوم موجود عند الزرادشتيين فهميقولون بوجود سبعة ملائكة, و ما من شيءٍ في هذ الحياة الدنيا إلّا و له علاقةبهؤلاء السبعة.

    و كذا ورد في القرآن الكريم أنّ عرش ربّ العالمين يحمله يومالقيامة ثمانية (سورة الحاقّة – الآية 18) و لا يعني ذلك أنّ هناك إيوانًا من الذهبو الفضّة و إنّما ترمي الآية إلى تصوير وصفٍ أسمى يُظهر أُلوهيّة الله تعالى. ففيالعالم الثاني – أي عالم القيامة – يتجلّى ذلك بالملائكة الثمانية. و لكن في هذاالعالم كما هو ثابت من الاستدلال يتجلّى من سبعة ملائكة. و حاصل القول أن ّالملائكةتنقسم إلى ثلاثة أقسامٍ أو أنواع: ألاوّل يحمل العرش, و الثاني أدنى درجة و هوكمعاون للنوع الأوّل و لكنّه من المقرّبين أيضًا إذ أنّه حول العرش, و الثالث هوالطبقة الدُنيا و يقوم بمختلف الأعمال. و تِبْعًا لقوله تعالى:
    وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ ( 32 )
    (المُدّثِّر : 32)

    فإنّهيستحيل عد أو حصر هذه الطبقة من الملائكة. هذا و من الثابت من أقوال كثير منالأنبياء أنّ كُلّ شيءٍ يحدث بفعل الملائكة.
    يتبع >>>
    التعديل الأخير تم بواسطة نور علي ; 04-19-2006 الساعة 08:05 AM
    ما فيه توقيع



  2. #2
    عضو سوبر مميز
    تاريخ التسجيل
    Aug 2005
    المشاركات
    2,786
    شكراً
    0
    تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
    معدل تقييم المستوى
    283

    رد : حقيقة الملائكه

    عِصْمةالملائكة
    و الأمر الخامس الجدير بمعرفته عن الملائكة هو أنّهالا ترتكب ذنبًا أو معصية وعلى العكس من الإنسان فإن ّفيه مادة تجعله قابلًا لارتكابالخطيئة. فقد يرفض كلام الأنبياء بل قد يُنكر وجود الله تعالى و قد يتمادى فيالمعصية حتّى أنّه قد يُسيئ بالقول إلى ذات الله تبارك و تعالى. أمّا الملائكةفليست فيهم تلك المادة و لم يُخلقوا قادرين على فعل شيء من هذا, و إذا وازنّا بينهمو بين الناس فإنّ دائرة عملهم محدودة, و أمّا الإنسان فإنّه يخرج أحيانًا عن نطاقهذه الدائرة. و قد وُصِفت هذ الناحية من خَلْقِهم في قوله تبارك و تعالى
    لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (7)
    (التحريم : 7)
    طاعة الملائكة وقدرتها
    ليس من طبيعة الملائكة ألّا تعصى الله تعالى فحَسْب, بل إنها تواظب على الطاعة و تدأب على العمل. فعدم عصيان أوامر الله تعالى شيء و عدمتنفيذ أوامره جلّ و علا و عدم القيام بها شيءٌ آخر. و بيان ذلك أنّك قد تأمر شخصًابأن يحمل شيئًا ما إلّا أنّه لضعفه لا يقوى على أن يفعل ذلك. ففي هذه الحال لايُسمّى ذلك عصيانًا إنّما هو عجز أو عدم مقدرة. أمّا إذا كان الشخص يقدر على حِمْلذلك الشيء و لم يفعل ففي هذه الحال يُسمّى ذلك عصيانًا. فقوله تبارك و تعالى كماجاء بالآية ( ...لا يَعْصُونَ اللهَ مَا أَمَرَهُمْ وَ يَفعَلُونَ مَا يُؤمَرُونَ ) يُشير إلى أنّ في الملائكة استعدادًا أو قابلية لأن يقدروا على فِعل كلّ ما يؤمرونبه, فهم ليسوا كالنّاس منهم من يميل إلى الطاعة و منهم من يميل إلى العصيان. ثمّإنّ الإنسان قد يرغب في فعل شيءٍ ما و لكنّه قد يعجز أحيانًا عن النهوض به كما لوأراد أن يُصلّي واقفًا و لكنّ المرض أو كِبَر السِّن قد يضطره إلى أداء الصلاة و هوجالس.
    صفة الملائكة من حيث التأثّر والتأثير
    و الأمر السابع هو أنّ الملائكة لا تتأثّر بمن حولهامن مؤثّراتٍ و لا تستجيب لمؤثّرٍ من الخارج أو الغير, أمّا باقي المخلوقات فمهماكانت قوّتها فإنّها عُرضة للوقوع تحت تأثير الغير. إلّا أنّه بالنسبة للإنسان فهناكحالات, ذلك أنّ بعض الناس يتأثّرون بالغير و البعض الآخر يُقاوم. فلأنبياء يتأثّرونمثلًا بالحسنات و الطيّبات, ففي الحرب مثلًا قد يشتر ك النبيّ في المعركة و يتأثّربها كبشَر و لكنّه محفوظٌ من مالمؤثّرات السيئة الشريرة. أمّا الملائكة فهم محفوظوندائمًا من المؤثّرات. و قد أُشير إلى ذلك في سورة التحريم
    ( ...
    عَلَيْهاملائِكةٌ غِلاظٌ شِدادٌ.. )[الآية 7] فهذه من صفة الملائكة: غِلاظٌ شِداد أي لايؤثّر فيهم شيءٌ مطلقًا.

    نعم, إذا أُمِروا أن يُؤثِّروا في الغير فعلوا ذلك, و هذا ليس بمقدور الإنسان. فقد يُمكنه أن يؤثّر على الغير تارةً, و قد يعجز عن ذلكتارةً أُخرى. فالإنسان من حيث الصفات يمكنه أن يفعل أو يقتبس شيئًا و لكن ليس منجميع الوجوه. و قد جاء في القرآن المجيد
    مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ... (30 )
    (الفتح : 30)

    و يتبيّن من ذلكأن ّالمؤمنين أشدّاء أيضًا كالملائكة و لكن على الكُفّار فقط أمّا فيما بينهم فهمرُحماء يتأثّر بعضهم ببعض. و جاء في القرآن المجيد
    يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدْ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ ... (73)
    (التوبة : 73)

    أي حاربهم وجاهدهم و لا تتأثّر بهم. و حاصل القول أنّ المؤمن على وجه العموم, يُؤثّر في الغيرو لكن لا يناله تأثير الغير و لا يتمكّن منه إلّا في بعض الأُمور, أمّا الملائكةفلا يتأثّرون من أي وجهٍ من الوجوه.
    عدد الملائكة
    أمّا عدد الملائكة فإنّه غير محدّد و لا معلومبالنسبة للنّاس, و في ذلك يقول القرآن الكريم:
    وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ ( 32 )
    (المُدّثِّر: 32)
    يتبع >>>
    التعديل الأخير تم بواسطة نور علي ; 04-19-2006 الساعة 08:18 AM
    ما فيه توقيع



  3. #3
    عضو سوبر مميز
    تاريخ التسجيل
    Aug 2005
    المشاركات
    2,786
    شكراً
    0
    تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
    معدل تقييم المستوى
    283

    رد : حقيقة الملائكه

    درجات الملائكة
    نجد أنّ بين الملائكة أيضًا من هم رؤساء و من هممرؤسون. و ليس هذا لأنّ بعضهم كبير و بعضهم صغير بل لأنّ كلّاً منهم يُختص بعملٍمعيّن في موضعٍ معيّن. قال تعالى:
    قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (12)
    (السجدة: 12)

    و قال تعالىأيضًا
    وَلَوْ تَرَى إِذْ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُوا أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنفُسَكُمْ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ (94)
    (الأنعام: 94)

    و قال جلّ وعلا:
    إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمْ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً (98)
    (النِّساء: 98)

    فإذا ماتدّبرنا هذه الآيات الثلاث معًا يبدو من الآية الأولى أنّ قبض أرواح جميع النّاسمُسندٌ إلى ملَكٍ واحد. و هذا لا يتناقض بل يدلّ بوضوح على أنّ الموت موكول إلىملَكٍ واحد و أنّ هذا الملَك له مساعدون كثيرون يطيعونه و يقومون بقبض الأرواح. وما دام هناك تدرّج في مسألة الموت فبالمثل نستنتج أيضًا وجود سلسلة ملائكيّة في غيرذلك من المسائل تبدأ بملَكٍ أكبر ثمّ تتدرّج أو تنحدر إلى مُساعدين و تابعين.
    طاقةالملائكة
    تُعتبر طاقة الملائكة بالقياس إلى طاقة الإنسانمحدودة. فالملائكة على حالٍ واحدة دائمًا أبدًا, أمّا الإنسان فيتقدّم و يرتقي. قالاللهُ تعالى في كِتابه العزيز
    وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاء إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ (32) قَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (33)
    (البقرة : 32-33)

    و الحكمة فيتعلُّمِ آدم عليه السلام دون الملائكة هي لأنّه أكثر استعدادًا منهم لأن يكونمَظهرًا للصفات الإلهية. و حاصل القول هو أن قوى الملائكة و طاقاتهم محدودة بالقياسإلى الإنسان و إنْ كان كُلّ ما يفعله الملائكة لا يكون خلافًا لأمر الله تعالى وإرادته.
    إرادة الملائكة
    للملائكة إرادةٌ مُحدّدّة و مَثَل هذه الإرادةالمحدودة كمثَل الفرس الذي يُربط من عنقه إلى الشجرة فيمكنه أن يدور حولها كما يشاءو لكن في دائرة محدودة لا تتعدّى طول الحبل. و هكذا أيضًا الملائكة فإنّها تتحرّكحول مركز معيّن و لا تبتعد عن نطاقِ مُعيّن. و هذا الحدّ هو الذي تعنيه الآية
    لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (7)
    (التحريم: 7)

    و هكذا نلمسإرادة الملائكة المحدودة فيما يتعلّق بالأرض و ما يحدث فيها بصورة واضحة في الآية
    وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ (31)
    (البقرة: 31)

    فقد وَجّهوا السؤال إلى الله تعالى للإستفسار عن الفساد الذي سيُحدِثُه الإنسان في الأرض و ما هو النّظام أو التدبير الذي سَيُتَّخَذُ لذلك, و توجيه السؤال يدُلّ على أنّ للملائكة قوّة إرادة في بعض المسائل المعيّنة لا تتعدّى صدورها, و هي في دائرة الفضيلة و لا تصلُ إلى الشرّ وحدوده.


    يتبع >>>

    ما فيه توقيع



  4. #4
    عضو سوبر مميز
    تاريخ التسجيل
    Aug 2005
    المشاركات
    2,786
    شكراً
    0
    تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
    معدل تقييم المستوى
    283

    رد : حقيقة الملائكه

    هذا و إنّ سياق الآية يدلّ على أنّموقف الملائكة كان موقف المستفسر لا المعترض و لكن رُبَّ قائلٍ يقول أنّ الملائكةليست لهم إرادة مستقلّة و أنّ الله تعالى هو الذي ألهمهم أن يسألوه هذا السؤال وثمّ فعلوا ذلك. و لكن هذا الفرض خطأ بدليل قوله تعالى في الآية التالية (.. إِنْكُنْتُمْ صَادِقينَ) أي إن كُنتم مُحقّين في هذا السؤال. و هذا يدُلُّ على أنّسؤالهم لم يَكُن موزعًا من عند الله تعالى بل صادرٌ عن إرادتهم. و ثابتٌ أيضًا منالأحاديث أنّ للملائكة إرادة في بعض المسائل, فعن أبي سعيدٍ الخدري قال:"أَلاأُخبركم بما سمعته من فِيْ رسول الله صلىّ الله عليه وآله و سلّم؟ سمعته أذُناي ووعاهقلبي.. إنّ عبدًا قتل تسعة و تسعين نفسًا ثمّ عرضت له التوبة فسأل عن أعلم أهلالأرض فدُلَّ على رجلٍ فأتاه. فقال: إنّني قتلتُ تسعةً و تسعين نفسًا فهل لي منتوبة؟ قال: بعد تسعةٍ و تسعين نفسًا.. قال – أي رسول الله صلّى الله عليه وآله و سلّم- فانتضى سيفه فقتله فأكمل به المائة.

    ثمّ عرضت له التوبة فسأل عن أعلم أهلالأرض فدُلَّ على رجل فأتاه فقال: إنّني قتلتُ مئة نفسًا فهل لي من توبة؟ قال– أيرسول الله صلّى الله عليه وآله و سلّم- فقال (العالم ): ويحك و ما يحول بينك و بينالتوبة؟ أُخرج من القرية الخبيثة التي أنت فيها إلى القرية الصالحة كذا و كذا فاعبدربَّك فيها. فخرج يريد القرية الصالحة فعرض له أجله في الطريق فاختصمت فيه ملائكةالرحمة و ملائكة العذاب, قال إبليس: أنا أولى به لأنّه لم يعصني ساعةً قط. قال – أيرسول الله صلّى الله عليه وآله و سلّم- فقالت ملائكة الرحمة إنَّه خرج تائبًا." و فيرواية أُخرى عن حميد الطويل عن بكر بن عبد الله عن ابن رافع, قال :"فبعث الله عزّ وجلّ ملَكًا فاختصموا إليه ثُمّ رجعوا. فقال – أي رسول الله صلّى الله عليه وآله و سلّم- أنظروا أي القريتين كانت أقرب فألحقوه بأهلها".

    و يُستنتج من ذلك أنّ للملائكة قوّة إرادة. ثمّ أنّهيتّضح من الآية
    مَا كَانَ لِي مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلإٍ الأَعْلَى إِذْ يَخْتَصِمُونَ (70)
    (ص : 70)

    أنّ الملائكةيتجادلون فيما بينهم في بعض المسائل و هذا لا يكون إلّا إذا كانت لهم قوّة إرادة وإنْ كانت محدودة جدًا.
    علم الغيب
    يتّضح من القرآن المجيد أن ّالملائكة لا تعلم الغيبفقد جاء في سورة سبأ:
    وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَهَؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ (41)
    قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ (42)
    (ألاية 41-42)

    فلو كانللملائكة عِلمٌ بالغيب لما أظهروا جهلهم بعبادة طائفةٍ من النّاس لهم. هذا و لايُمكن أن يُقال أنَّ الله تبارك و تعالى وَجَّه إلى الملائكة هذا السؤال عبثًا أيدون أن يكون هناك من عبدوا الملائكة فعلًا, و إنّما وجّههُ عن حكمة و هو عزّ و جلّمُنزّهٌ عن ذِكر شيءٍ غير حقيقيّ. ثم أنه يظهر من بعض الكتب السابقة أنّ بعض الناسكانوا يعبدون الملائكة فعلًا.

    و من هذا نعلم أنّ بعض الملائكة الذين كانوايُعبدون يُنكرون ذلك يوم الحساب لجهلهم بتلك العبادة. هذا و قد ورد في الأحاديثالنبويّة ما يدلّ على أنّ الملائكة لا يعلمون الغيب, فقد رُوي عن رسول الله صلىالله عليه وآله وسلم أنّ رجلًا يُسمّى بأسماء المؤمنين و يفعل أفعال المؤمنين و لكنعندما يعرض الملائكة الكاتبون أعماله على الله تبارك وتعالى يأتي صوتٌ من السماءبأن يُرجعوه و يُعيدوا عملهُ إلى وجهه إذ أنّ صلاته لم تكُن لوجه الله سُبحانه وتعالى. و يتّضح من هذا أنّ الملائكة لم يُعطوا العِلم الحقيقيّ إذ لو كان عِندهمهذا العِلم لما رفعوا مِثل هذه الصلاة إلى الله تبارك و تعالى, و هي صلاةٌ ليستلوجهه و لا تستحقّ أن تُعرض عليه.
    كلّ ملكٍ مُختصٌ بعملٍ مُعيّن
    و الحقيقة الثالثة عشر هي أنّ لكُلّ شيءٍ ملَكًاخاصًّا موكلٌ به, و يتّضح من ذلك مِمّا رُوِيَ عن عائشة رضي الله عنها بأنّها قالتللنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم : "هل أتى عليك يومٌ كان أشدَّ من أُحُد؟" قال صلى اللهعليه وآله وسلم :"لَقِيتُ مِن قومكِ ما لقيتُ و كان أشدّ ما لقيتُ مِنهُم يوم العَقبة إذعرَضْتُ نفسي على ابن عبد كُلال فلم يُجِبْني إلى ما أردتُ فانطلقت و أنا مهمومٌعلى وجهي فلم أستفق إلّا و أنا بقَرْنِ الثعالب فرفعتُ رأسي فإذا أنا بسحابة قدأظلّتني فنظرت فإذا فيها جبريل عليه السلام فناداني فقال إنّ الله قد سمع قول قومكو ما رَدُّوا عليك و قد بعث إليك مَلَك الجبال لتأمر بما شِئت فيهم. فناداني ملَكالجبال فسلّم عليّ ثُمّ قال: يا محمّد ثم ّقال ذلك, فيما شِئت؟ إن شِئت أُطْبِقُعليهم الأخشبين. فقال النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم : بل أرجو أن يخرج من أصلابهم منيعبد الله وحده و لا يُشرك به شيئًا".
    و ظاهرٌ من هذا الحديث أنّ ملَك الجبال مُوكّل بعملٍمُعيّن و إلّا لَعَرضَ جبريل نفسه على الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ليتولّى تنفيذ مايريده صلى الله عليه وآله وسلم. و نلخص من ذلك إلى أنّ كلّ شيء مستقل على حِدى و لهملَكٌ موكل به.
    إختلاف الملائكة باختلاف المظاهر والصفات
    ذكرنا فيما سبق أنّ الملائكة تظهِر مختلف الصفاتالإلهيّة فمن الملائكة من يكونون مظهرًا لطاقة واحدة والآخرين لأكثر من طاقة حيثقيل:
    الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1)
    (الآية - 1)

    و يؤُخذ من هذهالآية أنّ الملائكة غير متساويين من حيث القوى و القدرات و إِنّما زُوِّدواباستعداد المناسب من حيث نوع العمل الموكلين به و حسب حاجة الوقت, و أنَّهم يُرسلونللنّاس تِبعًا لظروفهم و استعدادهم. و عندما بلغت الدنيا أعلى درجاتها في زمنالرسّول صلى الله عليه وسلم أُرسل جيربل في صورته الكاملة التي جاء وصفها في الحديثبأنّ له ستمائة جناح (راجع أحاديث الإسراء و المعراج) و هو ما يُشير إلى أنّ جبريلعليه السلام مظهرٌ لستمائة صفة من صفات ربّ العالمين.

    هذا و من الخطأ أننقول أن ّصفات الله تعالى أقلّ من ستمائة و من ثُمّ كيف يصحّ أن يكون جبريل عليهالسلام مظهرًا لعدد أكثر من الصفات. و الردّ على مثل هذا التصوّر الخطأ هو أنّ صفاتالله تعالى هي في الحقيقة لا تُحصى و لا تُعدّ و لكن منها ستمائة فقط هي التيللإنسان علاقة بها أو هي التي لها تأثير على الإنسان و لذا جاء جبريل عليه السلامبمظهر هذه الصفات. و نشير بهذه المناسبة إلى أنّ للمسيح الموعود عليه السلام في هذهالمسألة قولًا بالغ الدّقة و هو أنّ علم القرآن الكريم قد أُعطيَ لرسول الله صلىالله عليه وسلم بِقدْرٍ أكثر مِمّا أُعطيَ لجبريل عليه السلام نفسه. و هذا حقّ لأنّجبريل عليه السلام لم يكُن بمفرده بل كان هناك ملائكة آخرون في تأييد الرسول صلىالله عليه وسلم و لهم صفات أو أجنحة أُخرى كما ذكرنا آنفًا.
    اختكم ,,, نور علي
    ما فيه توقيع



معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. شعر المسابقه:غبار الملائكه
    بواسطة غبار الملائكه في المنتدى منتدى الشعر والنثر
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 03-29-2009, 11:09 PM
  2. موت الملائكه
    بواسطة علوكه في المنتدى منتدى المواضيع المكررة والمحذوفة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 02-01-2009, 09:31 PM
  3. الملائكه تنقد فتاة من ........................!!!
    بواسطة الملاك راحيل في المنتدى منتدى القصص والروايات
    مشاركات: 13
    آخر مشاركة: 06-13-2006, 11:01 PM
  4. معلومه عن الملائكه
    بواسطة المستجير في المنتدى المنتدى العام
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 06-10-2006, 11:47 PM

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •