" في مسرح الجريمة - قتل خطأ "


***************


السلام عليكم , هذه القصة تعُتبر ثان ِ قصة بوليسية لي اسردها للقاري , حيث القصة الأولى لم تعجبني , لذلك لقد بذلت جهد في إخراج هذه القصة التي اعتبرها الآن أفضل ما كتبت ...
لان دائما القصص البوليسية لها كتّأب يحملون طابع خاص , قررت اليوم طرح قصة غريبة قليلا , قد تعرف الجاني منذ بداية الأحداث و لكن ما يهمني أكثر هو أن أقدم فكرة , و أسلوب أدبي راقي ...

محمود غسان

( سيتم طرحها على خمس حلقات )
الحلقة الأولى


" جريمة قتل "


دخلت الآنسة كليرا وهي شابة طويلة القامة مكتب المحقق دانيال , حيث رأيته يتحدث عبر الهاتف بعنف شديد , فسمعته يصرخ و يقول : " اليوم حين أأتي لا أريد أن أراكِ " و أغلق سماعة الهاتف بقوة ..

فلاحظ وجود الآنسة كليرا فالتفت إليها و قال بهدوء : " المعذرة , أنها زوجتي ! "
فلاحظت و كأن الوقت غير مناسب و لكن كان عليها إخباره :
" المعذرة سيدي , و لكن جاءني بلاغ الآن عن جريمة قتـل في 7515 شيلدون في إلك جروف "
فسألها المحقق : " من الذي قــُتـل ؟؟ "
لم يكن سؤاله ينم عن إرادة قوية لمعرفة من هو , حتى سمعها تقول له بتردد شديد :
" انه رجل الأعمال روبيرت باندريك "

صُدم المحقق باندريك بشدة حتى قال باهتمام : " كيف حدث هذا ؟ "
جلست الآنسة الحسناء أمام مكتبه ثم عقدت شعرها الذهبي كذيل الحصان ثم قالت :
" لقد جاءني اتصال للتو من مديرة أعماله التي تدعى سوزان و قالت بأنها وجدت سيدها مقتولا في غرفة مكتبه , غارقاً بدمائه .... "

أصدر المحقق صوت همهمة ثم نظر إلى ساعة يده فوجدها تشير إلى الرابعة و النصف مساءا
ثم قال : " حسنا هيا بنا ... "


* * * * * *


دخـل بيت السيد روبيرت باندريكرجل قصير القامة يبلغ من العمر خمسة و أربعون , اسمر اللون ..
فوجد بيته صغيرا و أثاثه فاخرا , بيته في منطقة بعيدة عن المدينة , منطقة يسودها الهدوء و السكينة و لا احد يقصدها إلا ملاك تلك البيوت ..

فنظر إلى سيدة تبدو حزينة جالسة في احد أركان البيت فأقترب منها و قال :
" من فضلك يا سيدتي أنا المحقق دانيال من قسم مكافحة جرائم القتل "
فنهضت تلك السيدة و قالت و هي تبكي :
" من فضلك يا سيدي اقبض على من فعل تلك الفعلة من فضلك سيدي , لا تجعله أن يفلت بفعلته "
فحاول المحقق أن يهدئ من روعها :
" حسنا .. حسنا و لكن عليكِ مساعدتي في هذا , من فضلك رافقيني الآن إلى مكان السيد باندريك "

فتحركت تلك السيدة و من خلفها المحقق دانيال و بجواره الآنسة كليرا و من خلفه رجلان احدهم هو جاستيس بيرو المحقق الجنائي , و الآخر الدكتور بيتر روكويل خبير البصمات ...

دخلت تلك السيدة أولا ثم تبعها المحقق دانيال بحذر شديد و بخطوات قد تكون متناهية الصغر و تبعه من خلفه مساعدته و الرجلان الآخران ....

تجمد المحقق دانيال مكانه و لكن كانت عيناه تتحرك في أرجاء الغرفة حتى وقعت على الضحية الملقاة على الأرض على بطنه , باسطاً لذراعيه بزاوية قائمة , غارقاً بدمائه و في يديه اليمنى مسدس , و على كفه الأيسر نذبة على شكل مثلث ..

فتحرك بصره قليلا أمام الضحية فوجد برواز لمرآة زجاجية محطمة كليا ...
أما على المكتب فوجد عليها آلة كاتبة و ورقة بيضاء فتناولها و بدأ يقرأ بصوت خافت :

" أنا روبيرت باندريك , اكتب هذا و أنا بكامل قواي العقلية , أحُيل ممتلكات عائلة باندريك جميعها إلى وريثتي الوحيدة سارة براد باندريك بنت أخي براد باندريك المتوفى التي تقيم في فيرزنو دون قيد او شرط .... توقيع روبيرت باندريك "

حوّل المحقق نظره نحو الآنسة كليرا مساعدته ثم قال لها :
" أريد معرفة من هي سارة ؟ و جميع معارفها ؟ "
سكت ثم قال عندما أشار الى الضحية : " أيها المحقق بيرو من فضلك قم بعملك "
و هنا أشار لمدام سوزان الى جهة باب الغرفة قائلا : " من فضلك تعالي معي "
أخذها و خرج خارج البيت يتأمل حديقة المنزل , فتناول مقعد خشبي قصير واتخذه مجلسا له و قال :
" من فضلك سيدتي عليكي ان تهدئي حتى اعرف ماذا حدث"

مسحت سوزان دموعها بيدها ثم أخذت نفـَس من انفها ثم قالت بتأني :
" سيدي , انا لا اعرف ماذا حدث , و لكن ... "
فقاطعها مسرعا : " أولا أريد معرفة من زار سيدك اليوم و خطوات عمله منذ الصباح حتى وقت وقوع الجريمة , حسنا "

ظلت سوزان تفكر قليلا حتى قالت بهدوء :
" عند الساعة التاسعة صباحا زاره مستر براين جونزي , هو مدير شركة بيزك كيميكال للصناعات الخفيفة , مكث معه قرابة ساعتين , بعد ذلك مباشرة طلب الإفطار في حديقة المنزل هناك ( و أشارت الى مكان قريب من موضعهم , ثم التفت إليه و أكملت حديثها ) فجلبت له الإفطار , و عندما فرغ منه طلب ان ينام قليلا حتى موعد قدوم الآنسة نادين .... "
قاطعها المحقق فورا و قال : " المعذرة , من ؟؟ "

نظرت إليه بإعياء و قالت : " الآنسة نادين فتاة ذات أصول عربية و تعمل مترجمة للسيد روبيرت "
سكتت ثم قالت بعد تنهيدة قصيرة : " زارته تقريبا الساعة الواحدة بعد الظهر , مكثت معه في مكتبه حتى جاءني اتصال من احد مسئولي شركة مقاولات يريد تحديد موعد مسبق مع السيد روبيرت بخصوص منشآت في لاس فيجاس , فأعطيته موعد غدا الساعة العاشرة مساءا - حسب جدول مواعيد السيد روبيرت - لان أي عميل قبل قدومه يطلب موعدا مسبقا "

يستمع لها السيد روبيرت بكل تأني و تركيز حتى وجدها فجأة كفت عن الحديث فقال لها بإشارة بيده : " حسنا أكملي .... "
أكملت سوزان و قالت : " حسنا بعد ذلك طلب السيد روبيرت ان أقدم لهما كوبان الشاي في حديقة المنزل , فمضت نادين معه حتى الساعة الثالثة عصرا تقريبا , حتى رأيتها من نافذة المطبخ تغادر حديقة المنزل و مضى السيد روبيرت الى مكتبه , لم يمضي نصف ساعة حتى رأيت رجل غريب الشكل , شعره أجعد قادم نحو المنزل , فسرعان ما تركت ما بيدي و ذهبت إليه كي استفهم أمره , فطلب مني مقابلة السيد روبيرت .... "

فقاطعها المحقق دانيال و قال باهتمام : " ما اسمه ؟ "
ردت بخوف : " لم أسأله ! "
فصرخ المحقق دانيال : " كيف هذا , أيعقل ما تقولينه ؟؟ , رجل غريب قادم لزيارة السيد روبيرت تسمحي له بالدخول دون معرفة اسمه ؟ "
- " لقد اخبرني بأنه يريده لأمر هام , و انه على عجل , فدخلت المكتب السيد روبيرت و أخبرته بأن هناك رجل يريده لأمر هام , حتى سمعته من خلفي يقول لي المعذرة يا سيدتي اخرجي أنتي "

سكتت ثم قالت : " من الواضح أن سيد روبيرت لا يعرفه , لان عندما رآه قال له من أنت , فلم يجيبه إلا عندما غادرت المكتب "

أصدر المحقق دانيال همهمة ثم قال : " هذا تقريبا حدث الساعة الثالثة والنصف , أليس كذلك "
- " بلى "

فقال المحقق : " حسنا , متى غادر هذا الرجل بيت السيد باندريك ؟؟ "
فأجابت بثقة : " رأيته يغادر البيت تقريبا الساعة الرابعة و النصف مساءا , ووقتها فقط دخلت مكتب سيدي ( فذرفت بعض الدموع ) و وجدته مقتولا "
فقال المحقق بحذر :
" حسنا , لم يخيّـل إليك في هذه الساعة التي مكثها هذا الرجل ان تطمأني على سيدك "

أجابت بهدوء شديد : " لا , سيد روبيرت منعني من ذلك مرارا و تكرارا "
- " هل تعتقدين انه هذا الرجل هو الذي قتله ؟؟ "
و هنا صرخت بشدة : " بالتأكيد هو , من يكون إذن ؟؟ "
و هنا حاول المحقق ان يهدئ من روعها : " على رسلك سيدتي , هل سمعتي صوت إطلاق نار ؟ "

ظلت تفكر قليلا حتى قالت : " لا سيدي , لم اذكر اني سمعت صوت كهذا .... "
فصرخ بسرعة : " لا من فضلك أريدكِ ان تستعدي قواكِ من أجلي و تتذكري "
ثم أضاف بهدوء : " هل سمعتي صوت إطلاق نار و متى ؟؟ "

ظلت تفكير قليلا و عندما شعر المحقق منها باليأس قال لها : " أين كنتي إذن ؟ "
أجابت بسرعة : " لقد كنت في الحديقة .... نعم سيدي , كنت في حديقة المنزل في هذا التوقيت , لأني أنهيت جميع واجباتي .. "

قاطعها بيأس : " حسنا حسنا , بالطبع لم تسمعي صوت شجارا او صوت عال , او صوت تحطيم زجاج المرآة , أليس كذلك "

أجابت بعد ثوان : " لا سيدي , لقد كنت في حديقة المنزل و لم اسمع بشيء من هذا "

- " حسنا , هل كان لسيدك أي أعداء , او هل سمعتي ذات مرة شخصا ما قام بتهديده او أرسل إليه خطابات "

فقالت بسرعة : " لا سيدي , سيد روبيرت رجل مسالم لقد تعدى الخمسة و الخمسين من عمره , و لديه أعماله الخاصة و حماية الخاصة من مجلس الشيوخ و لا أظن ان له أعداء "
فقال المحقق بسرعة : " حسنا , هل تعرفي شيء عن سارة ؟ , ابنه أخوه "
ظلت تفكر قليلا حتى قالت : " نعم لقد زارتنا ثلاث مرات خلال السنتين التي أقمت بها هنا ... "
بسرعة : " كيف كانت علاقتهم ببعضهم البعض ؟ "
- " علاقة الأب بابنته سيدي "
قال المحقق بحذر : " هل أنتي متأكدة من ذلك ؟ "
بثقة : " بالتأكيد سيدي "

يتبع , . . . . .