الردم والتجريف من أسبابها
جفاف 50 ألف شجرة «مانجروف» تُهدد الثروة السمكية بسيهات
.. وتحويل مواقعها إلى محميات طبيعية
![]()
![]()
تواجه أشجار المانجروف «القرم» المنتشرة على ساحل سيهات القريبة من مشتل وزارة الزراعة (1 و2) وعلى طريق الكورنيش مخاطر الجفاف لانحسار المياه عنها جراء مشروع مد خط رملي على الساحل شرقي مدينة سيهات الذي أوقف تدفق المياه اليها عبر 10 أنابيب لإيصال المياه اليها في حالة المد.
وشجرة المانجروف دائمة الخضرة وتنمو في مناطق المد والجزر الاستوائية وشبه الاستوائية وفي بيئات ساحلية ملحية أو قليلة الملوحة. وعلى الرغم من أن الشجرة تستطيع أن تستغل بيئاتها الحيوية عن طريق التكيف الفسيولوجي لتكافح مشاكل عديدة مثل قلة الأكسجين أو الملوحة الزائدة إلا أنها لا تستطيع أن تقاوم العطش الذي أدى إلى «موتها» في هذه المنطقة.
ويقول نائب رئيس جمعية صيادي الأسماك بالشرقية جعفر الصفواني : إن سواحل شرق مدينة سيهات وعنك غنية بأشجار القرم، منوها الى ان مد خط رملي في المنطقة قبل عام قسمها الى جزءين الغربي من الساحل والملاصق للطريق الساحلي بين سيهات والقطيف التي تقدر مساحتها بحوالي 500 ألف متر مربع محصور لا تصله مياه البحر في حالة المد إلا بأنابيب وضعت لربط المنطقة بمياه البحر .
وأشار الى توصية اللجنة الرباعية بوضع أنابيب توصل المياه في حالة المد للمنطقة الغربية من الساحل التي يتواجد فيها ما يقارب 50 ألف شجرة قرم لا تكفي، وبدأت الأشجار تجف، منوها بان مد 10 أنابيب لإيصال المياه في حالة المد للمنطقة لا يروي جميع الشجر وان المساحة المزروعة بشجر القرم تقارب 25 ألف متر مربع، وكان من الأولى عمل قناة توصل المياه بكميات أكبر لري شجر القرم.
وقال الباحث في قسم الدراسات البحرية ومركز البيئة والمياه ومعهد البحوث في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن الدكتور محمد علي قربان هناك 110 انواع من شجر المانجروف وعمرها الافتراضي يتراوح بين 60 و80 سنة ويعتبر معدل الوقت اللازم لاستبدال غابة المانجروف تقريبا من 150 إلى 170 سنة وهي تنتشر على الخليج العربي وعلى الشواطئ المتاخمة لجزيرة تاروت وأبي علي بالمنطقة الشرقية. لافتا الى أهمية هذا النوع من الشجر بيئيا وأنها بدأت تنقرض بسبب الردم والتجريف الجائر .
وحذر قربان من تدهور بيئات المانجروف وتأثيرها على الحياة البحرية، منوها الى أهمية تبيان الطرق لمعالجة أسباب تدهور المنطقة المزروعة بالشجر من خلال حصر وتقيم بيئات المانجروف المتجددة في جميع مناطق الخليج و تحديد بعض مواقع بيئات المانجروف الحساسة بيئياً في الخليج وإعلانها مناطق محمية من أي نشاط بشري ، وكذلك مراجعة وتقيم وتحديث النظم والقوانين الخاصة بعمليات الردم والتجريف. كما يجب تضمين دراسة تقويم الأثر البيئي في دراسة أي مشروع يقام على الخليج العربي خاصة بالقرب من مناطق المانجروف وإعادة تأهيل بعض المواقع المتدهورة بسبب عمليات الردم والتجريف عن طريق استزراع نباتات المانجروف. وأوضح المهتم بشجر المنجروف المهندس حسين عبد الكريم الحجري لمعرفة أهمية أشجار المانجروف عالميا وقيمتها الاقتصادية علينا الرجوع الى دراسة اكاديمية قامت بها جامعة كاليفورنيا في 13 موقعا بحريا بالتعاون مع معهد سكريبس لعلوم المحيطات ونشرت نتائجها في 21 يوليو من العام المنصرم. وخلصت الدراسة إلى أن العائد الكمي (محصول الصيد) يتناسب طرديا مع طول الساحل المزروع بالمانجروف. مبينا ان العلماء قدروا القيمة المالية لشجر المانجروف بـ «37500» دولار امريكي في العام لكل هكتار (الهكتار يساوي 10 آلاف متر مربع)، علما بأن هذه الدراسة قد أجريت في خلجان تماثل في بيئتها البحرية بيئة الخليج العربي.
وأضاف إذا قمنا بعملية حسابية تطبيقية على سبيل المثال نجد أن المنطقة الممتدة من سيهات مرورا بعنك وحتى القطيف ( حوالي 5 كيلو مترات طولا في متوسط عمق 800 متر )، خسرت أكثر من 56 مليون ريال في العام و عالميا تتناقص غابات المانجروف بنسبة واحد إلى اثنين بالمائة سنويا وهو معدل يفوق التناقص الحاصل للشعب المرجانية والغابات الاستوائية، ومنظمة الغذاء والزراعة بالأمم المتحدة تقدر أن غابات المانجروف مهددة بشكل خطير . وقال الحجري أظهرت الدراسة التي قامت بها إدارة موارد المياه والبيئة بمعهد البحوث في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن : إن شباك الجر الساحلية قرب القطيف وسنابس وسيهات أعطت أكبر إنتاج للربيان، حيث توفر المناطق القريبة من الشاطئ لخليج تاروت الحماية لمجمعات نباتات المانجروف الغنية بالمواد المغذية الضرورية لحياة الكثير من الحيوانات البحرية. وتشير نتائج الدراسة إلى التأثير السلبي الذي تخلفه النشاطات، حيث تقع مناطق الصيد بالقرب من نشاط سكاني يشمل عمليات الردم والجرف والصيد والعديد من النشاطات التجارية المختلفة ما أثر على مدى الإنتاجية وعلى البيئة في المنطقة الذي أدى بدوره إلى نقص كميات الأسماك والربيان في شباك الجر الساحلي.
وأكد أن الثروة السمكية وشجر القرم هما مكونان اقتصاديان وهما حق للأجيال الحالية والمقبلة وتقع على الجميع مسؤولية المحافظة عليها وحمايتها من الاندثار .
المفضلات