أوباما يلتزم صمتا مدمرا تجاه التوسع الإسرائيلي
بالقدر الذي يهتم به الناخبون الغربيون بالشؤون الخارجية، ينصرف اهتمامهم الآن إلى أفغانستان والعراق وإيران. وفي المقابل، هناك تردد واسع في التفكير في إسرائيل والفلسطينيين، لأن هذه المشكلة ينظر إليها على أنها مُجْهِدة ويصعب تتبعها.
هذا ضرب من الطيش. إننا نخاطر بتجاهل قوة مشاعر المسلمين. قبل عقد من الزمان كان من النادر أن تخطر فلسطين على بال الباكستانيين، أو المصريين، أو الإيرانيين، على الرغم من أنها ألهمت الخطاب الحماسي لزعماء هذه البلدان.
الآن أصبحت هذه القضية رمزاً يتم الدفاع عنه، واختبارا لرغبة الغرب في تقديم العدالة للمسلمين، واختبارا لمعاييره المزدوجة ــ المتصورة ــ للسلوك الدولي.
أحد كبار السياسيين الأردنيين يحذر من أن «السلام مع إسرائيل في أيامنا هذه أمر غير شعبي تماماً بين شعوبنا». وهذا يفسر لماذا توجد حالة من القلق في المنطقة بعد ملاحظات تبدو متسامحة أدلت بها وزيرة خارجية الولايات المتحدة فيما يتعلق ببناء المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية.
لقد أطلق انتخاب باراك أوباما وخطابه الذي ألقاه في القاهرة في الربيع الماضي، آمال المسلمين لتحلّق بطريقة لم نشهدها منذ أيام جيمي كارتر ــ التي نعترف بأنها كانت سابقة غير محظوظة ــ وعلى النقيض من ذلك التفاؤل، يُخشى الآن على نطاق واسع من أن الإدارة الأميركية الحالية، شأنها في ذلك شأن إدارات كثيرة قبلها، ستحبط التوقعات.
وكثير ما يستخدم النقاد في الشرق الأوسط هذه الأيام جملة «الوقت ينفد بالنسبة لحل الدولتين».
ويستمد العناد الإسرائيلي دعماً من حقيقة عدم وجود شريك فلسطيني ذي صدقية. فالقيادة الفلسطينية تتعرض لضربة بإعلان محمود عباس أنه لن يترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، بينما تواصل حماس وحزب الله نهجهما البعيد عن الدبلوماسية.
ولا يوجد سياسي فلسطيني راغب، أو قادر على تقديم السلام مقابل أي عرض يمكن أن تتقدم به إسرائيل. ولذلك ينتظر أن تستمر إسرائيل في توسيع استيطانها في الضفة الغربية، ما لم يوظف أوباما كامل سلطته ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو.
رأى نتنياهو وزملاؤه أن باراك أوباما، منذ بداياته، أخطر على طموحاتهم من أي رئيس سابق، وبالتالي اجتهدوا بشدة، ولم يكونوا فاشلين، في حشد أصدقاء إسرائيل من الأميركيين ضده.
إن الإدارة الأميركية التي تواجه كثيرا من الصعوبات الأخرى، بما في ذلك أفغانستان، والتغير المناخي، والإصلاح الصحي، أخذت تدرك الآن أن مواجهة مع إسرائيل تتطلب رأسمال سياسي محلي، وهو أمر يمكن أن يكون خارج حدود التحمل.
ومثلهم مثل المسلمين، يشعر بعض المراقبين الأميركيين بالذهول من إخفاق الرئيس في الوفاء بما ورد منه من دعم خطابي سابق لإقامة دولة فلسطينية. ويشيرون إلى طيف من الخيارات الهادئة المتوافرة، منها مثلا، جعل العلاقات الدفاعية الأميركية ــ الإسرائيلية فاترة لتحذير حكومة نتنياهو. غير أن واشنطن لم تقدم على مثل هذه الخطوة.
ويقول أحد الأكاديميين المسلمين المميزين: «فيما يبدو، لا يوجد في واشنطن تقدير لتكلفة ومتطلبات إقامة علاقة جديدة مع العالم الإسلامي. ويمكن القول بصراحة أكثر إن أي صفقة مقبولة فلسطينيا تتطلب من الولايات الدخول في عراك مع إسرائيل».
قليلون هم الذين يشكون في تفهم وتعاطف الرئيس الشخصي مع المأساة الفلسطينية، لكنه يظل رجلاً واحداً وسط الآلة السياسية والأمنية الهائلة في واشنطن، التي تركز خصوصا على الحرب طويلة الأجل على الإرهاب.
وتحدد إسرائيل، ولا سيما تحت زعامة نتنياهو، مستقبلها في ضوء تفوقها العسكري. ويبدو ضمنياً أن إسرائيل تمارس سياستها كما لو أن حالة الحرب مقبولة إلى ما لا نهاية.
ربما يكون في ذلك سوء حكم على الأمور، وبالذات في ظل المشاكل الديمغرافية طويلة الأجل التي تواجهها. فآلاف الشباب من الإسرائيليين يصوتون بأقدامهم ويختارون العيش في الخارج. لكن الحكومة الإسرائيلية مقتنعة، فيما يخص المستقبل القريب، بأن موقفها منيع، سياسياً وعسكرياً، ضد أوباما وضد أعدائها من العرب.
ويخشى كثير من المسلمين من أن التوسع الإسرائيلي في الضفة الغربية، وعلى نحو خاص في القدس، أمر لا يمكن التراجع عنه دون نشوب حرب. ومن الخطأ الكامل الاعتقاد بأن ذلك يجعلهم متوافقين مع واقع جديد. بل على العكس، إنه يغذي ويؤجج غضباً ينطوي على عواقب ضخمة محتملة.
ستتعرض أميركا وحلفاؤها إلى خيبة أمل شديدة، إذا افترضوا أن أية علاقة مستقرة مع المجتمعات الإسلامية أمر ممكن إذا ما أقروا استمرار الهيمنة الإسرائيلية على أكثر مناطق الضفة الغربية حساسية.






رد مع اقتباس
المفضلات