حق الزوجة (المرأة)
بسم الله الرحمن الرحيم
سلسلة دائرة المرأة العالمية في نيويورك موضوع رقم ( 5 س 3 ت 91 ر 2 ) حقوق النشر محفوظة
نتعرض إلى حقوق المرأة في الإسلام فان اللّه سبحانه جعل المرأة سكناً وراحة وطمأنينة لكي يعيش الأنسان عيشة السعداء وعيشة الأمن والاستقرار ففي الحقوق لكل من الزوج والزوجة حتى لا يكون عدم الاستقرار فقد أمر اللّه الزوجة بطاعة زوجها وعدم الخروج إلا بإذنه إلا في فريضة الحج الواجبة عليها فانه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق وما عدا ذلك فليس من حقها الخروج كما لا يجوز لها التصدق في ماله إلا بإذنه فإذا أعطت شيئاً من غير رضاه كانت ضامنة ووجب عليها إرجاع المال إليه كما يجب عليها أن لا تمانعه في فراشه وإلا تكون ناشزاً .
وأما ما عدا ذلك فان حقوقها أن يقوم بكسوتها والإنفاق عليها بالطعام والشراب والإسكان في دار يناسبها وإذا كانت ممن تخدم وجب عليه أن يجعل لها خادماً .
وبالجملة أن الحقوق يمكن أن تقسم إلى قسمين :
1 ـ الحقوق الشرعية .
2 ـ الحقوق الأخلاقية .
فمثل الحقوق الشرعية كما أسلفنا من الالتزام بالإنفاق في الطعام والشراب والكسوة والإسكان المناسب .
وأما الحقوق الأخلاقية فكثيرة مثل القيام بالخدمة والمشاركة مع زوجته في عمل المنزل أو إتيانه بالفاكهة في مثل يوم الجمعة وتقديمها لعائلته أو قيامه بإخراج عائلته في مقامات الأندية المحافظة أو إرسالها إلى العتبات المقدسة أو خروجه مع زوجته لزيارة أقاربه أو أقاربها وإدخال السرور عليها كان ذلك من ضمن الحقوق الأخلاقية أو تقديم احسن الالبسة أو احسن الأثاث والامتعة كل ذلك من الأمور الأخلاقية .
إن طبيعة الحق ما كان قابلا للإسقاط، والحكم غير قابل للإسقاط كما أن حق الولاية غير قابل للإسقاط لأنه حق عام للأمة يحفظ كيانها، ويقسم الحق على نوعين حق عام كحق الولاية وحق خاص كحق الحيازة والشُفعة وحق الرضاع وحق الزوجة وحق الزوج، وقد تطرقنا إلى أن حق الزوج أن لا تخرج المرأة إلا بإذن زوجها والرجال قوامون على النساء بالإدارة وليس بسلب الحرية فلا يتخيل الرجل أن المرأة مسلوبة الاختيار والحرية والإرادة وعدم الحركة فلو أن المرأة ملكت مالاً و أمكنها المضي إلى الحج وجب عليها المضي إلى بيت اللّه وإن خالف زوجها ذلك ما دامت مأمونة على عرضها وشرفها حيث لا طاعة للمخلوق في معصية الخالق فأعطاها الدين الإسلامي الحرية ولما جعل اللّه المرأة سكنا وراحة ورحمة وأمانا فلا يصح أن تعامل المرأة بقسوة وجفاء وخشونة وازدراء وإنما المرأة ريحانة لا قهرمانة.
وقال الإمام زين العابدين عليهالسلام : «وحق الزوجة أن تعلم أن اللّه عز وجل جعلها لك سكنا وأنسا وتعلم أن ذلك نعمة من اللّه تعالى عليك فتكرمها وترفق بها وإن حقك عليها أوجب فإن لها عليك أن ترحمها لأنها أسيرك وتطعمها وتكسوها فإذا جهلت عفوت عنها».
فالصلة الجنسية بين المرأة والرجل أوجب خلق علاقة وترابط وانسجام وتواد ورحمة وبذلك يتحقق السكن للنفس وهدوء العصب والراحة للجسم واستقرار للقلب وأنس للروح ويوجد الهدوء والراحة والاطمئنان لكل من الرجل والمرأة على السواء.
ويقول سبحانه : « لتسكنوا إليها »[1].
و يقول عزوجل: « و جعل بينكم مودة ورحمة »[2].
و يقول تعالى: « هن لباس لكم وأنتم لباس لهن »[3].
فكان بهذه العلاقة الجنسية حصول التوافق والاستجابة الفطرية بين النفسين فيحصل منهما السكن والامتقرار والمودة.
شرعت الزوجية لأجل أن يتولد منهما البناء الأسري فتنحدر منهما البنوة ووجدت الأبوة وتولدت الأخوة والقرابة والمصاهرة وبها يوجد الترابط الأسري وينطلق منهما الاجتماع فإذا صلحت الأسرة صلحت الأمة وصلحت الدولة وسوف نشير إلى دور الإصلاح الأسري لبناء حياة الأمة والمجتمع.
إن اللّه جعل المرأة السكن للرجل والاطمئنان والراحة والمتعة وهدوء النفس والستر والعفاف كما قال سبحانه: « هن لباس لكم وأنتم لباس لهن »[4]. ومقتضى اللباس لكل من الرجل والمرأة أن تكون العفة والحياء لكل منهما وأن لا ينظر كل واحد منهما إلى ما متع اللّه به من زوجات حسان للآخرين ورجال كرام.
وترتسم حقوق المرأة على نهج الخطوط الآتية:
أ ـ الانفاق
الإنفاق على المرأة بما يناسب حالها وشرفها ومكانتها الاجتماعية فلا يقتر الرجل على المرأة ولا يضيق عليها ويجعلها تنظر إلى الآخرين نظرة الاستجداء والحقارة فقد ورد عن الإمام الباقر عليهالسلام : «من كانت عنده امرأة فلم يكسها ما يواري عورتها ويطعمها ما يقيم صلبها كان حقا على الإمام أن يفرق بينهما».
و ورد عن أبي عبد اللّه عليهالسلام في قوله تعالى « ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه اللّه »[5] قال : «إن أنفق عليها ما يقيم ظهرها مع كسوة وإلا فرق بينهما».
و عن الإمام الصادق عليهالسلام قال: «لما نزلت هذه الآية « يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم و أهليكم نارا »[6] جلس رجل من المسلمين يبكي وقال أنا قد عجزت من نفسي كلفت أهلي فقال رسول اللّه صلىاللهعليهوآله «حسبك أن تأمرهم بما تأمر به نفسك وتنهاهم عما تنهى عنه نفسك».
وقد حرض الدين والشريعة الإلهية على الإنفاق كما في قوله تعالى: « لينفق ذو سعة من سعته »[7].
و قوله صلىاللهعليهوآله : «أن تحسنوا إليهن» فليوسع على زوجته ما استطاع وليحسن إليها ما وجد فإن ذلك أبقى للمودة وأرعى للحرمة وأنفى لكفر النعمة وعدم جعل المرأة في حاجة وكان الإسلام يرى أن الرجل في ظرف الحكر والتضييق على المرأة الواجب مفارقتهما حتى تكون المرأة في فسحة وانطلاق في حريتها ومكانتها فلا يحبذ الكبت والاستبداد والقسوة وإنما يريد المساواة والعدالة وحفظ الحقوق بين الطرفين فلا يتعدى الرجل على المرأة ولا تتعدى المرأة على الرجل وأن تكون المرأة حصنا منيعا في ماله وعرضه وحفظ كرامته في غيبته في سفره وحضره.
و قال صلىاللهعليهوآله : «خير الرجال من أمتي الذين لا يتطاولون على أهليهم ويحنون عليهم ولا يظلمونهم ثم قرأ: « الرجال قوامون على النساء بما فضل اللّه بعضهم على بعض »[8].
و قال صلىاللهعليهوآله : «عيال الرجل أسراؤه وأحب العباد إلى اللّه عز وجل أحسنهم صنعا إلى أسرائه».
و قال الكاظم عليهالسلام : «عيال الرجل أسراؤه فمن أنعم اللّه عليه نعمة فليوسع على أسرائه فإن لم يفعل أوشك أن تزول عنه تلك النعمة».
وجاءت إلى رسول اللّه خولة وقالت لرسول اللّه صلىاللهعليهوآله إني أتعطر لزوجي كأني عروس أزفّ إليه فآتيه في لحافه فيولي عني ثم آتيه من قبل وجهه فيولي عني فأراه قد أبغضني يا رسول اللّه فما تأمرني قال اتقي اللّه وأطيعي زوجك قالت فما حقي عليه قال حقك عليه أن يطعمك مما يأكل ويكسوك مما يلبس ولا يلطم ولا يصيح في وجهك قالت فما حقه عليّ قال حقه عليك أن لا تخرجي من بيته إلا بإذنه ولا تصومي تطوعا إلا بإذنه ولا تتصدقي من بيته إلا بإذنه وإن دعاك على ظهر قتب ـ الرحل ـ تجيبيه.
إن مسألة الحقوق ميدانها عريض وعلينا أن نؤدي حق اللّه وحق البشر و ان ما تعرضنا إلى أحد مصاديقه وهو حق الزوجة على الزوج فمن جملة الحقوق، كما يلي:
ب ـ حق اللبن
حق اللبن وهو الرضاع فالمرأة عندما تعطي ولدها اللبن فقد أوجب الشارع المقدس فريضة لازمة على الزوج أن يسلم حق اللبن لها فإنها تطالبه ولا يخرج عن العهدة إلا بالوفاء فإنه من جملة الديون اللازمة كما ورد في صحيحابن سنان عن أبي عبد اللّه عليهالسلام : «في رجل مات وترك امرأته ومعها منه ولد فألقته على خادمة لها فأرضعته ثم جاءت تطلب رضاع الغلام من الوصي فقال لها أجرة مثلها وليس للوصي أن يخرجه من حجرها حتى يدرك ويدفع إليه ماله»[9].
والميزان في الإرضاع الرجوع إلى العرف بأن ترضعه بنفسها أو تستعين بخادمة ونحوها ونهاية الرضاع إلى مقدار حولين كاملين لمن أراد الرضاعة كما دلت عليه الآية الكريمة وليس للمرأة أن ترضع أكثر من ذلك ويجوز الأنقص كما ورد عن الإمام الصادق عليهالسلام في خبر سماعه : «الرضاع أحد و عشرون شهرا»[10]، و دل عليه قوله تعالى « وحمله وفصاله ثلاثون شهرا »[11].
بما أن الحمل أكثره تسعة أشهر والباقي في دور اللبن وإذا نقص عن هذه المدة كان جوراعلى الطفل لابد من اشتداد لحمه وعظمه ورعاية الحنو عليه من قبل والدته ولا يجب على الوالد دفع ما زاد على الحولين.
ويكون دور الأم أحق من غيرها في إرضاع الولد كما دل عليه قوله تعالى: « والوالدات يرضعن أولادهن »[12].
و قوله تعالى : « لا تضار والدة بولدها »[13].
و ورد عن أبي عبد اللّه عليهالسلام : «الحبلى المطلقة ينفق عليها حتى تضع حملها وهي أحق بولدها أن ترضعه بما تقبله امرأة أخرى إن اللّه عز وجل يقول: « لا تضار والدة بولدها و لا مولود له بولده »[14].
وخبر البقباق قلت لأبي عبد اللّه عليهالسلام : «الرجل أحق بولده أم المرأة فقال لا بل الرجل قال فإن قالت المرأة لزوجها الذي طلقها أنا أرضع ابني بمثل ما تجد من ترضعه فهي أحق به»[15].
و إن رفضت الأم الإرضاع وكان هناك متبرعة في إرضاع الولد فللأب أن يسلمه إلى المتبرعة. ويستحب أن ترضع الأم ولدها لما ورد عن علي عليهالسلام «ما من لبن يرضع به الصبي أعظم بركة عليه من لبن أمه»[16] و الأفضل أن تعطيه من الثديين لا من ثدي واحد كما ورد في خبر العباس بن الوليد عن أمه أم إسحاق بنت سليمان قالت نظر الصادق عليهالسلام إليّ وأنا أرضع أحد ابني محمدا أو إسحاقا فقال يا أم إسحاق لا ترضعيه من ثدي واحد وارضعيه من كليهما يكون أحدهما طعاما والآخر شرابا»[17]. المصدر بحث رقم ( 170 ) اية الله ال شبير الخاقاني تحقيق الدكتور الشيخ سجاد الشمري
المفضلات