ثم جاء بها حتى أجلسَها عندي ، وَخرجَ إلى أصحابهِ فأمرَهم أن يُقرِّبوا بعض بيوتهم مِن بعض ، وأن يُدخِلوا الاطناب بعضها في بعض ، وأن يكونوا هُم بين البُيوت ، إلا الوجه الذي يأتيهم منهُ عدوّهُم قال الامام زين العابدين عليه السلام : جمع الحسين عليه السلام أصحابه ، فسمعتُ أبي يقول لأصحابه : أُثني على الله تبارك وتعالى أحسنَ الثناء ، وأحمدَهُ على السّراء والضراء أما بعد فإني لا أعلمُ أصحاباً أولى ولا خيراً من أصحابي ، ولا أهل بيت أبرَّ ولا أوصل من أهل بيتي ، فجزاكُم الله عني جميعاً خيراً } ألا وإني أظنُ يوَمنا من هؤلاءِ الأعداء غداً إلاّ واني قد أذنتُ لكم ، فانطلقِوا جميعاً في حل ، ليس عليكم حَرجٌ منّي ولا ذمام ، هذا الّليلُ قد غشيّكم فاتّخذوه جَمَلا. وليأخُذ كلُ رجل منكم بيد رجل من أهل بيتي ، وتفرّقوا في سَوادِكم ومدائنكم حتى يُفرِّجَ الله فإنَّ القومَ إنما يطلبوني ولو قد أصابوني لَهوا عن طلب غيري. فأجابوهُ بنو هاشم والأنصار ، لِم نفعل ؟ لنبقى بعدَكَ ! لا أرانا الله ذلك أبداً ، لا والله لا نفعل ، ولكن تفديك أنَفسُنا وأموالُنا وأهلونا ، ونقاتلُ معك حتى نردَ مورِدَك فقبَّحَ اللهُ العيشَ بعدَك بل نحيا بحياتك ، ونموت معك فبكى وبكوا عليه ، وجزاهم خيراً
قالَ الحسينُ لهُم :
الخيـلُ تَطلُبُـنـي والأرضُ مِــن دَمِّ نـحـري حــان سُقْيـاهـا
فلا جُنـاح َ عليكُُـم ‘ ليلُكُـم جمـل ٌ فلتركبـوهُ ‘ وخلُّونـي للُقياهـا
فقال مُسلمُ : يا ليتَ الجبال َ هَوتْ عَن أن نُخَلّيِك َ فرداً ‘ كيفَ ترضاها
لو كنتُ أعزل مِن سَيفي ومِن رُمُحي قاتَلتُهُم بحجار الأرضِ ‘ أدناهـا
وقال عابسُ يا بنَ المصطفى عجبا ً كيف الفِراقُ ‘ وروحي فيكَ مسراها
وقال آخر ُ: لو أنِّي قُتلتُ هُنـا سبعيـن مـرَّة َ فيكـم ‘ مـا أُحَيلاهـا
ثم استشاطوا جميعـاً عنـدَ سيِّدِهـم وآلـه ‘ وبنـاتٍ صِحـنَ أوَّاهـا
نفديكم ‘ بفيـضٍ مـن مناحِرنـا قالـوا ‘ وأيـدٍ لنـا شالـت مناياهـا
ما العمرُ إلا خطايا دون معترك ونحنُ فُرسانُهـا رَدحـاً ‘ وصرعاهـا
يا بن النبي لأجل الدِّين في شَمَمٍ دَعْنا بجَنْبِـكَ كـأسُ المـوتِ نسقاهـا
فيا سفينةَ نـوحٍ حيـن تركبَهـا وحـق جـدَّك نـدري أيـنَ مُرساهـا
وَبات الحسينُ ( ع) وأصحابُه ـ ليلةَ عاشوراء ـ وَلهم دويٌّ كَدويِّ النحلِ ،
باتــوا وبات إمامهم ما بينهم ولهم دوي حولـه ونحيــب
من راكع أَو ساجد أو قـاريء أو مَنْ يُناجي رَبَّهُ وَينيبُ
مَا بَينَ راكع وساجد ، وقائم وقاعد ، وَكذا كانت سجيةُ الحسينِ ( ع) في كَثرةِ صَلاتِه وَكمالِ صِفاته.
كما وصفه إمامنا المهدي ( عج) : كنت للرسول ولداً ، وللقرآن سنداً ، وللاُمة عضُداً ، وفي الطاعة مجتهداً ، حافضاً للعهد والميثاق ، ناكباً عن سبيل الفُسّاق تتأوّه تأوّه المجهود ، طويلَ الرّكوعِ والسّجود ، زاهداً في الدنيا زهدَ الرَّاحل عنها ، ناظراً إليها بعين المستوحشين منها. وقام أصحابه كذلك يدعون ويصلّون ويستغفرون.
باتَ الحسينُ وصَحبُه مِنْ حولهِ وَلَهم دويُّ النحل لمّا باتــوا
من رُكّع وَسطَ الظلامِ وسُجّــــــد للهِ مِنهم تَكثـرُ





رد مع اقتباس
المفضلات