الحفاظ على الحريّة


الخرائج والجرائح 1/254، ح 8: روي عن زين العابدين أنّه قال:
لمّا كانت اللّيلة ألّتي قتل فيها الحسين (عليه السلام) في صبيحتها قام في أصحابه فقال (عليه السلام):

إنّ هؤلاء يريدونني دونكم، ولو قتلوني لم يقبلوا إليكم، فالنجاء النجاء، وأنتم في حلّ فإنّكم إن أصبحتم معي قتلتم كلّكم.

فقالوا: ﻻ نخذلك، ولا نختار العيش بعدك.

فقال (عليه السلام): إنّكم تقتلون كلّكم حتّى ﻻ يفلت منكم واحد، فكان كما قال (عليه السلام).

ملامح القيادة الإسلامية


تفسير الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) 218 ـ 219، ح 101: قال الإمام العسكري (عليه السلام):
ولمّا امتحن الحسين (عليه السلام) ومن معه بالعسكر الّذين قتلوه، وحملوا رأسه، قال لعسكره:

أنتم من بيعتي في حلّ، فالحقوا بعشائركم ومواليكم، وقال لأهل بيته: قد جعلتكم في حلّ من مفارقتي فإنّكم ﻻ تطيقونهم لتضاعف أعدادهم وقواهم، وما المقصود غيري، فدعوني والقوم، فإنّ الله عزّ وجلّ يعينني ولا يخلّيني من حسن نظره، كعادته في أسلافنا الطيّبين.

فأمّا عسكره ففارقوه، وأمّا أهله والادنون من أقربائه فأبوا وقالوا: ﻻ نفارقك ويحلّ بنا ما يحلّ بك، ويحزننا ما يحزنك، ويصيبنا ما يصيبك، وإنّا أقرب ما نكون إلى الله إذا كنّا معك.

فقال لهم: فإن كنتم قد وطّنتم أنفسكم على ما وطّنت نفسي عليه، فاعلموا أنّ الله إنّما يهب المنازل الشريفة لعباده لصبرهم باحتمال المكاره، وانّ الله وإن كان خصّني ـ مع من مضى من أهلي الذين أنا آخرهم بقاء في الدنيا ـ من الكرامات بما يسهل معها عليّ احتمال المكروهات، فإنّ لكم شطر ذلك من كرامات الله تعالى واعلموا أنّ الدنيا حلوها ومرّها حلم والإنتباه في الآخرة، والفائز من فاز فيها، والشقّي من شقي فيها.

لقاء في الثعلبيّة


اصول الكافي 1/398 ـ 399، ح 2: علي بن محمد بن عبد الله، عن إبراهيم بن إسحاق الأحمر، عن عبد الله بن حمّاد، عن صباح المزنيّ، عن الحارث بن حصيرة، عن الحكم بن عتيبة قال:
لقي رجل الحسين بن علي (عليهما السلام) بالثعلبيّة وهو يريد كربلاء فدخل عليه فسلّم عليه، فقال له الحسين (عليه السلام):

من أيّ البلاد أنت؟ قال: من أهل الكوفة.

قال: أما والله يا أخا أهل الكوفة لو لقيتك بالمدينة لأريتك أثر جبرئيل (عليه السلام) من دارنا ونزوله بالوحي على جدّي، يا أخا أهل الكوفة أفمستقى الناس العلم من عندنا فعلموا وجهلنا؟ هذا ما ﻻ يكون.

إلى بني هاشم


اللّهوف 28: محمد بن يعقوب الكليني، عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن أيّوب بن نوح، عن صفوان، عن مروان بن إسماعيل، عن حمزة بن حمران:
عن أبيعبد الله (عليه السلام)، قال: ذكرنا خروج الحسين (عليه السلام) وتخلف ابن الحنفية، فقال أبو عبد الله (عليه السلام):

يا حمزة اني ساحدثك بحديث ﻻ تسأل عنه بعد مجلسنا هذا، ان الحسين لمّا فصل متوجّهاً، أمر بقرطاس وكتب:

بسم الله الرحمن الرحيم، من الحسين بن علي إلى بني هاشم.

أمّا بعد: فإنّه من لحق بي منكم استشهد ومن تخلّف عنّي لم يبلغ الفتح، والسلام.

السفارة الأمينة


إرشاد المفيد 204 ـ 205:
لمّا بلغ أهل الكوفة موت معاوية ارجفوا بيزيد وعرفوا امتناع الحسين (عليه السلام) من بيعته فاجتمعوا في دار سليمان بن صرد الخزاعي وأجمعوا على الوفاء للحسين (عليه السلام) وراسلوه بذلك وتلاقت الرسل كلها عنده، فقرأ الكتب وسأل الرسل عن الناس ثم كتب مع هانئ بن هانئ، وسعيد بن عبد الله، وكانا آخر الرسل إليه من قبل أهل الكوفة:

بسم الله الرحمن الرحيم، من الحسين بن علي إلى الملأ من المؤمنين والمسلمين.

أمّا بعد: فإنّ هانياً وسعيداً قدما عليّ بكتبكم، وكانا آخر من قدم عليّ من رسلكم، وقد فهمت كل الذي اقتصصتم وذكرتم، ومقالة جلّكم انه ليس علينا إمام، فأقبل لعلّ الله أن يجمعنا بك على الحق والهدى، واني باعث إليكم أخي وابن عمّي وثقتي من أهل بيتي مسلم بن عقيل، فإن كتب إليّ أنّه قد اجتمع رأي ملأكم، وذوي الحجى والفضل منكم على مثل ما قدمت به رسلكم وقرأت في كتبكم، فإنّي اقدم إليكم وشيكاً إن شاء الله فلعمري ما الإمام إلاّ الحاكم بالكتاب القائم بالقسط، الدائن بدين الحق، الحابس نفسه على ذات الله، والسلام.

ودعا الحسين (عليه السلام) مسلم بن عقيل فسرّحه مع قيس بن مسهر الصيداوي وعمارة بن عبد الله السلوليّ وعبد الرحمان ابنا شداد الأرحبي وأمره بالتقوى وكتمان أمره واللّطف، فإن رأى الناس مجتمعين مستوسقين عجّل إليه بذلك.

فأقبل مسلم رحمه الله حتّى أتى المدينة فصلّى في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وودّع من أحبّ من أهله، واستأجر دليلين من قيس فأقبلا به يتنكّبان الطريق، فضلاّ (عن الطريق) وأصابهما عطش شديد فعجزا عن السير فأو مآله إلى سنين الطريق بعد أن لاح لهما ذلك، فسلك مسلم ذلك السنن، ومات الدليلان عطشاً، فكتب مسلم بن عقيل رحمه الله من الموضع المعروف بالمضيق مع قيس بن مسهّر (أمّا بعد فإنّي أقبلت من المدينة مع دليلين فجازا عن الطريق فضلا، واشتدّ عليهما العطش فلم يلبثا أن ماتا، وأقبلنا حتّى انتهينا إلى الماء فلم ننج إلاّ بحشاشة أنفسنا، وذلك الماء بمكان يدعى المضيق من بطن الخبت، وقد تطيّرت من توجّهي هذا، فإن رأيت أعفيتني منه وبعثت غيري، والسلام).

فكتب إليه الحسين (عليه السلام) (أما بعد فقد خشيت أن ﻻ يكون حملك على الكتاب إليّ في الإستعفاء من الوجه الّذي وجّهتك له إلاّ الجبن، فامض لوجهك الّذي وجّهتك فيه والسلام).

فلمّا قرأ مسلم الكتاب قال: أمّا هذا فلست أتخوّفه على نفسي، فأقبل، حتّى مرّ بماء لطيّئ فنزل ثمّ ارتحل عنه، فإذا رجل يرمي الصيد فنظر إليه قد رمى ظبياً حين أشرف له فصرعه، فقال مسلم بن عقيل: نقتل عدوّنا إن شاء الله تعالى.

ثمّ أقبل حتى دخل الكوفة فنزل في دار المختار بن ابي عبيدة وهي التي تدعى اليوم دار مسلم بن المسيّب، وأقبلت الشيعة تختلف إليه، فلمّا اجتمع إليه منهم جماعة، قرأ عليهم كتاب الحسين (عليه السلام) وهم يبكون، وبايعه الناس حتّى بايعه منهم ثمانية عشر ألفاً، فكتب مسلم إلى الحسين (عليه السلام) يخبره ببيعة ثمانية عشر ألفاً ويأمره بالقدوم، وجعلت الشيعة تختلف إلى مسلم بن عقيل ـ رحمه الله ـ حتى علم بمكانه.

و لكلام سيد الأحرار روحي فداه بقية رحم الله من ذكر القائم من آل محمد .