بسم الله الرحمن الرحيم


اللهم صلي على محمد وال محمد وعجل فرجهم وفرجنا بهم ياكريم



المَسْخ : قَلْبُ الشيء و تحويل صورته إلى ما هو أقبح منها .
و المُسُوخ : على وزن دُروس و بُخور ، جمع المَمْسوخ .
و لقد مسخ الله عَزَّ و جَلَّ جماعة من البشر إلى حيوانات و حشرات مختلفة ، غير أن الممسوخين لم يبقوا أكثر من ثلاثة أيام ثم ماتوا و لم يتوالدوا ، و الحيوانات التي تُعدُّ اليوم من الممسوخات إنما سُمّيت مُسوُخاً استعارةً ، لكونها على صور أولئك الممسوخين ، و لهذه الحيوانات أحكام خاصة في الشريعة الإسلامية .



القرآن الكريم و المسخ :

يصرّح القرآن الكريم في عدد من الآيات بأن الله عَزَّ و جَلَّ قد غضِب على جماعة من الناس فمسخهم إلى قردة و خنازير .
قال عَزَّ و جَلَّ : ﴿ وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَواْ مِنكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ
و قال جَلَّ جَلالُه : ﴿ قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللّهِ مَن لَّعَنَهُ اللّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُوْلَئِكَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضَلُّ عَن سَوَاء السَّبِيلِ
و قال عَزَّ مِنْ قائل : ﴿ فَلَمَّا عَتَوْاْ عَن مَّا نُهُواْ عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ



الأحاديث الشريفة و المسخ :

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ( صلى الله عليه وآله ) يَقُولُ " ... إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى مَسَخَ سَبْعَمِائَةِ أُمَّةٍ عَصَوُا الْأَوْصِيَاءَ بَعْدَ الرُّسُلِ ، فَأَخَذَ أَرْبَعُمِائَةٍ مِنْهُمْ بَرّاً ، وَ ثَلَاثُمِائَةٍ بَحْراً ، ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ : ﴿ فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ



وَ رَوَى الإمام جعفر بن محمد الصادق ( عليه السَّلام ) عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ( عليه السَّلام ) ، أنهُ قَالَ : " الْمُسُوخُ مِنْ بَنِي آدَمَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ صِنْفاً ، مِنْهُمُ الْقِرَدَةُ ، وَ الْخَنَازِيرُ ، وَ الْخُفَّاشُ ، وَ الضَّبُّ ، وَ الْفِيلُ ، وَ الدُّبُّ ، وَ الدُّعْمُوصُ، وَ الْجِرِّيثُ ، وَ الْعَقْرَبُ ، وَ سُهَيْلٌ ، وَ الْقُنْفُذُ ، وَ الزُّهَرَةُ ، وَ الْعَنْكَبُوتُ ... .

وَ رَوَى جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ آبَائِهِ ( عليهم السلام ) ، عَنْ أمير المؤمنين عَلِيّ بْن أَبِي طَالِبٍ ( عليه السَّلام ) ، أنهُ قَالَ : سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ ( صلى الله عليه و آله ) عَنِ الْمُسُوخِ ؟
فَقَالَ : " هُمْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ : الْفِيلُ ، وَ الدُّبُّ ، وَ الْخِنْزِيرُ ، وَ الْقِرْدُ ، وَ الْجِرِّيثُ ، وَ الضَّبُّ ، وَ الْوَطْوَاطُ ، وَ الدُّعْمُوصُ ، وَ الْعَقْرَبُ ، وَ الْعَنْكَبُوتُ ، وَ الْأَرْنَبُ ، وَ سُهَيْلٌ ، وَ الزُّهَرَةُ ... "





المُسوخ و علة مسخها :
رَوَى عَلِيُّ بْن جَعْفَرٍ عَنْ أَخِيهِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ ( عليه السَّلام ) أنهُ قَالَ : الْمُسُوخُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ : الْفِيلُ ، وَ الدُّبُّ ، وَ الْأَرْنَبُ ، وَ الْعَقْرَبُ ، وَ الضَّبُّ ، وَ الْعَنْكَبُوتُ ، وَ الدُّعْمُوصُ ، وَ الْجِرِّيُّ ، وَ الْوَطْوَاطُ ، وَ الْقِرْدُ ، وَ الْخِنْزِيرُ ، وَ الزُّهَرَةُ ، وَ سُهَيْلٌ " .
قِيلَ : يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ ( صلى الله عليه و آله )

مَا كَانَ سَبَبُ مَسْخِ هَؤُلَاءِ ؟

قَالَ : " أَمَّا الْفِيلُ فَكَانَ رَجُلًا جَبَّاراً لُوطِيّاً لَا يَدَعُ رَطْباً وَ لَا يَابِساً ، وَ أَمَّا الدُّبُّ فَكَانَ رَجُلًا مُؤَنَّثاً يَدْعُو الرِّجَالَ إِلَى نَفْسِهِ ، وَ أَمَّا الْأَرْنَبُ فَكَانَتِ امْرَأَةً قَذِرَةً لَا تَغْتَسِلُ مِنْ حَيْضٍ وَ لَا جَنَابَةٍ وَ لَا غَيْرِ ذَلِكَ ، وَ أَمَّا الْعَقْرَبُ فَكَانَ رَجُلًا هَمَّازاً لَا يَسْلَمُ مِنْهُ أَحَدٌ ، وَ أَمَّا الضَّبُّ فَكَانَ رَجُلًا أَعْرَابِيّاً يَسْرِقُ الْحَاجَّ بِمِحْجَنِهِ ، وَ أَمَّا الْعَنْكَبُوتُ فَكَانَتِ امْرَأَةً سَحَرَتْ زَوْجَهَا ، وَ أَمَّا الدُّعْمُوصُ فَكَانَ رَجُلًا نَمَّاماً يَقْطَعُ بَيْنَ الْأَحِبَّةِ ، وَ أَمَّا الْجِرِّيُّ فَكَانَ رَجُلًا دَيُّوثاً يَجْلِبُ الرِّجَالَ عَلَى حَلَائِلِهِ ، وَ أَمَّا الْوَطْوَاطُ فَكَانَ رَجُلًا سَارِقاً يَسْرِقُ الرُّطَبَ عَلَى رُءُوسِ النَّخْلِ ، وَ أَمَّا الْقِرَدَةُ فَالْيَهُودُ اعْتَدَوْا فِي السَّبْتِ ، وَ أَمَّا الْخَنَازِيرُ فَالنَّصَارَى حِينَ سَأَلُوا الْمَائِدَةَ فَكَانُوا بَعْدَ نُزُولِهَا أَشَدَّ مَا كَانُوا تَكْذِيباً ، وَ أَمَّا سُهَيْلٌ فَكَانَ رَجُلًا عَشَّاراً بِالْيَمَنِ ، وَ أَمَّا الزُّهَرَةُ فَإِنَّهَا كَانَتِ امْرَأَةً تُسَمَّى نَاهِيدَ وَ هِيَ الَّتِي يَقُولُ النَّاسُ افْتَتَنَ بِهَا هَارُوتُ وَ مَارُوتُ‏ "





حكم المُسُوخ في الشريعة الإسلامية :

تؤكد الأحاديث المروية عن أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) على حرمة أكل لحوم الممسوخات ، و اليك نموذجاً واحداً من هذه الأحاديث :
قال الإمام جعفر بن محمد الصادق ( عليه السَّلام ) في حديث طويل : " … و حرّم اللهُ عَزَّ و جَلَّ و رَسُولُه ( صلَّى الله عليه و آله ) المُسُوخَ جميعها "


علة تحريم أكل المُسُوخ :

رُوِي عن الإمام جعفر بن محمد الصادق ( عليه السَّلام ) في حديث طويل أنه قال : " ... إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى مَسَخَ قَوْماً فِي صُوَرٍ شَتَّى ، شِبْهِ الْخِنْزِيرِ ، وَ الْقِرْدِ ، وَ الدُّبِّ ، وَ مَا كَانَ مِنَ الْمُسُوخِ ، ثُمَّ نَهَى عَنْ أَكْلِهِ لِلْمَثُلَةِ ، لِكَيْلَا يَنْتَفِعَ النَّاسُ بِهَا وَ لَا يُسْتَخَفَّ بِعُقُوبَتِهَا ..



الشيخ صالح الكرباسي حفظه الله