علمني جدك
علمني والدي ما عن أبيه قد تعلم
و لقنني تلك النصائح
لأغدو مواطن صالح
فقال لي أسمع كلامي لكي تسلم
علمني جدك أن لي حرية الرأي و الفكر
و أن الرضوخ لغير الله شرك و كفر
و أن لي حق الحياة الكريمة
أن أرغد بخير الله و نعيمة
فكلنا هنا عدلاً سواسية
و حقوقك كالجبال رواسية
علمني جدك أن أُبقي ذلك الرأس مرفوع
فصوت الحق هو الأصدح و المسموع
و لا تلومني في الله لومة لائم
و لا غير طريق الحق للسلك ملائم
علمني جدك أن أتحلى بالأخلاق و لين الجانب
و أن أعطف على الكبير و الصغير و القريب و الأجانب
و إني بأخلاقي لسوف أسمو
و رصيدي في قلوب الخلق سوف ينمو
علمني جدك القناعه
أن أتقي الله يوم لقائه يوم الساعة
فكل سيجازى له عمله
يوم لا ظل إلا ظله
علمني جدك أن أؤثر الناس على نفسي و لو كنت ذا خصاصة
و أن أكرم الغير و أن أترك البراصة
فأنت جزء من الناس و هذه الخلاصة
علمني جدك أن أتعلم
و أن أجالس أهل الفكر و أهجر من تبلم
و في حضرة الأعلم أن لا أتكلم
علمني جدك أن القناعة كنز لا يفنى
و من طمع بمال غيره أبداً لا يغنى
فهو كمن يشرب شرب الهيم
فلا يشبع أبداً و هو لئيم
علمني جدك التسامح و تقبل الغير
و أن أحمل الغير على سبعين محمل من الخير
فحساب العباد عند بارئهم
و حسابنا نحن في تعاملنا معهم
علمني جدك أن الشر منبوذ و الخير أحسن
و من أساء لي فلـ أدر له خدي الأيمن
و أن الدين مسايرة و تغاضي
فلا أنصب نفسي على الغير قاضي
علمني جدك و علمني
ظناً منه أنه بالمعروف حملني
و ياليته ما تكلم
و ياليتني لم أتعلم
يابني
لا تسمع أي كلام قد قاله ذلك الخَـرِف
فهو جاهل بأمر زماننا و لما جرى ما عرف
يابني
أياك و إياك
أياك و الفكر فلسوف تعصر
و أياك أن ترفع ذلك الرأس لكي لا يكسر
وأياك و التسامح و لين الجانب و البساطة
فقسوة القلب و الجبروت مطلوبة في الغابة
و إن لم تكن ذئباً بين الذئاب
فطأطئ ذلك الرأس و جر الأذناب
يابني
أياك و التحلي بغير النفاق
فهو أعلى درجات الأخلاق
و ليكن مسماه مسايره أو مجامله
و تعايش بين الخلق و مسالمه
يابني
عليك بصحبة الدينار و الدرهم
فهما الأولى بالصحبة و بهما يزال الهم
وأياك و صحبة الحكماء
فكل ما يقولونة جعجعة جوفاء
يابني
تعلم أن لا تتعلم
و في هذه الدنيا أن أردت أن أتسلم
و بالعيش بها أن لا تتألم
فتعلم
أن لا ترى و لا تسمع و لا تتكلم
و غير ذلك فلا تتعلم
تَحَرَّز مِن الدُنيا فَإِنَّ فَناءَها - مَحَلُّ فَناءٍ لا مَحَلُّ بَقاءِ
فَصَفوَتُها مَمزوجَةٌ بِكُدورَةٍ - وَراحَتُها مَقرونَةٌ بِعَناءِ
ما أصف من دار أولها عناء، وآخرها فناء، حلالها حساب وحرامها عذاب، من استغنى فيها فتن ومن افتقر حزن.
الأمام علي بن أبي طالب عليه السلام
المفضلات