الكافي ج : 1 ص: 489

7- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ يَاسِرٍ الْخَادِمِ وَ الرَّيَّانِ بْنِ الصَّلْتِ جَمِيعاً قَالَ لَمَّا انْقَضَى أَمْرُ الْمَخْلُوعِ وَ اسْتَوَى الأَمْرُ لِلْمَأْمُونِ كَتَبَ إِلَى
الرِّضَا عليه السلام يَسْتَقْدِمُهُ إِلَى خُرَاسَانَ فَاعْتَلَّ عَلَيْهِ أَبُو الْحَسَنِ عليه السلام بِعِلَلٍ فَلَمْ يَزَلِ الْمَأْمُونُ يُكَاتِبُهُ فِي ذَلِكَ حَتَّى عَلِمَ أَنَّهُ لا مَحِيصَ لَهُ وَ
أَنَّهُ لا يَكُفُّ عَنْهُ فَخَرَجَ
عليه السلام وَ لأَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام سَبْعُ سِنِينَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ الْمَأْمُونُ لا تَأْخُذْ عَلَى طَرِيقِ الْجَبَلِ وَ قمْ وَ خُذ عَلَى طَرِيقِ
الْبَصْرَةِ وَ الْأَهْوَازِ وَ فَارِسَ
حَتَّى وَافَى مَرْوَ فَعَرَضَ عَلَيْهِ الْمَأْمُونُ أَنْ يَتَقَلَدَ الأَمْرَ وَ الْخِلافَةَ
فَأَبَى أَبُو الْحَسَنِ عليه السلام
قَالَ فَوِلايَةَ الْعَهْدِ فَقَالَ :
عَلَى شُرُوطٍ أَسْأَلُكَهَا قَالَ الْمَأْمُونُ لَهُ سَلْ مَا شِئتَ فَكَتَبَ الرِّضَا عليه السلام :
"إِنِّي دَاخِلٌ فِي وِلايَةِ العَهْدِ عَلَى أَنْ لا آمُرَ وَ لا أَنْهَى وَ لا أُفْتِيَ وَ لا أَقْضِيَ وَ لا أُوَلِّيَ وَ لا أَعْزِلَ وَ لا أُغَيِّرَ شَيْئاً مِمَّا هُوَ قَائِمٌ وَ تُعْفِيَنِي مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ"
فَأَجَابَهُ الْمَأْمُونُ إِلَى ذَلِكَ كُلهِ قَالَ فَحَدثنِي يَاسِرٌ
قَالَ فَلَمَّا حَضَرَ العِيدُ بَعَثَ الْمَأْمُونُ إِلَى
الرِّضَا عليه السلام يَسْأَلُهُ أَنْ يَرْكَبَ وَ يَحْضُرَ العِيدَ وَ يُصَليَ وَ يَخْطُبَ فَبَعَثَ إِلَيْهِ
الرِّضَا عليه السلام قَدْ عَلِمْتَ مَا كَانَ بَيْنِي وَ بَيْنَكَ مِنَ الشرُوطِ فِي دُخُولِ هَذَا الأَمْرِ.
فَبَعَثَ إِلَيْهِ الْمَأْمُونُ إِنَّمَا أُرِيدُ بِذَلِكَ أَنْ تَطمَئِنَّ قُلوبُ الناسِ وَ يَعْرِفُوا فَضلكَ فَلَمْ يَزَلْ عليه السلام يُرَادُّهُ الْكَلامَ فِي ذَلِكَ
فَأَلَحَّ عَلَيْهِ
فَقَالَ:
يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنْ أَعْفَيْتَنِي مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ وَ إِنْ لَمْ تُعْفِنِي خَرَجْتُ كَمَا خَرَجَ
رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه واله وَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام
فَقَالَ الْمَأْمُونُ:
اخْرُجْ كَيْفَ شِئْتَ وَ أَمَرَ الْمَأْمُونُ القوَّادَ وَ الناسَ أَنْ يُبَكِّرُوا إِلَى بَابِ أَبِي الْحَسَنِ قَالَ فَحَدَّثَنِي يَاسِرٌ الخَادِمُ أَنَّهُ قَعَدَ النَّاسُ لأَبِي الْحَسَنِ عليه السلام فِي الطُّرُقَاتِ وَ السُّطُوحِ الرِّجَالُ وَ النِّسَاءُ وَ الصِّبْيَانُ وَ اجْتَمَعَ الْقُوَّادُ وَ الْجُنْدُ عَلَى بَابِ
أَبِي الْحَسَنِ عليه السلام فَلَمَّا طَلَعَتِ الشَّمْسُ قَامَ عليه السلام :
فَاغْتَسَلَ وَ تَعَمَّمَ بِعِمَامَةٍ بَيْضَاءَ مِنْ قطنٍ أَلقَى طَرَفاً مِنْهَا عَلَى صَدْرِهِ وَ طَرَفاً بَيْنَ كَتِفَيْهِ وَ تَشَمَّرَ ثُمَّ
قَالَ لِجَمِيعِ مَوَالِيهِ افعَلوا مِثْلَ مَا فَعَلتُ ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِهِ عُكازاً ثمَّ خَرَجَ وَ نَحْنُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَ هُوَ حَافٍ قَدْ شَمَّرَ سَرَاوِيلَهُ إِلَى نِصْفِ السَّاقِ وَ عَلَيْهِ ثِيَابٌ مُشَمرَةٌ فَلَما مَشَى وَ مَشَيْنَا بَيْنَ يَدَيْهِ رَفَعَ رَأسَهُ إِلَى السَّمَاءِ و كَبرَ أَربَعَ تَكبِيرَاتٍ فَخُيلَ إِلَينَا أَنَّ السّمَاءَ وَ الحِيطَانَ تُجَاوِبُهُ وَ القوادُ وَ الناسُ عَلَى البَابِ قَدْ تَهَيئُوا و لَبِسُوا السلاحَ وَ تَزَينُوا بِأَحْسَنِ الزِّينَةِ فَلَمَّا طَلَعْنَا عَلَيْهِمْ بِهَذِهِ الصُّورَةِ وَ طَلَعَ
الرِّضَا عليه السلام
وَقَفَ عَلَى البَابِ وَقْفَةً ثُمَّ قَالَ:
اللّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ عَلَى مَا هَدَانَا اللَّهُ أَكْبَرُ عَلَى مَا رَزَقَنَا مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى‏ مَا أَبْلانَا
نَرْفَعُ بِهَا أَصْوَاتَنَا
قَالَ يَاسِرٌ
فَتَزَعْزَعَتْ مَرْوُ بِالْبُكَاءِ وَ الضَّجِيجِ وَ الصِّيَاحِ