تشخيص وتقييم الشلل الدماغي (المخي)
الأستاذ الدكتور عبد الرحمن سيد سليمان
بادئ ذي بدء يتعين القول أن الشلل المخي نوع من الإعاقات التي لا يسهل اكتشافها عند الولادة. صحيح أنه في معظم الحالات يستطيع الأطباء الاشتباه في وجود نوع ما من التلف المخي، إذا تعرضت الأم أثناء أشهر الحمل أو أثناء الولادة لعوامل خطر رئيسية . بيد أن الطفل قد لاتبدو عليه أية مشكلات فورية ومباشرة إذا تعرض لتلف في المخ. ومع مرور الوقت تبدأ المشكلات تتضح لأن التلف المخي يعطل النمو الحركي السوي. وتجدر الإشارة هنا إلى أن من العلامات المبكرة: ضعف استجابة المص، والاصفرار، والاختلالات، و التصلب.
ويتضمن تشخيص الأطفال لتحديد ما إذا كان بعضهم مصاباً بشلل مخي من عدمه ، إجراءات متعددة يشترك فيها الأطباء وأولياء الأمور وغيرهم . وتتم عملية التشخيص على مستويين اثنين هما :
-- المستوى الأول : ويطلق عليه في الكتابات العلمية المتخصصة مستوى الكشف والتعرف المبدئي . ويفضل أن يتم ذلك في مراحل عمرية باكرة . حيث تجمع بيانات أولية عن الطفل من خلال مقابلة والديه وخاصة أمه وذلك لتحديد مدى حاجته إلى التشخيص الشامل .
-- المستوى الثاني : عملية التشخيص الشامل أو التشخيص الدقيق ، وذلك باشتراك فريق متعدد التخصصات ، الذي يمكنه القيام بالفحوص الدقيقة سواء كانت فحوصاً طبية أم غير طبية . ويتضمن التشخيص الشامل دراسة مستفيضة لحالة الطفل لتأكيد أو نفي وجود الشلل المخي لديه ، وذلك من أجل اتخاذ القرارات العلاجية أو التأهيلية المناسبة للطفل في مرحلة لاحقة .
ويقسم الباحثون والمتخصصون عملية التشخيص الشامل إلى قسمين :
-- القسم الأول : التشخيص الطبي
الذي يقوم به طبيب الأعصاب ، وطبيب الأطفال وذلك من أجل تأكيد أو نفي حالة الإصابة بالشلل المخي ، وتقويم حالة الطفل في الجوانب الجسمية والحركية والصحية .
-- القسم الثاني : التشخيص التربوي النفسي
الذي يقوم به الأخصائي النفسي والأخصائي الاجتماعي ، وأخصائي التربية الخاصة ، لتحديد مستوى تأثر الجوانب العقلية المعرفية ، والجوانب النفسية والجوانب الانفعالية بالإصابة بالشلل المخي ، وتقويم أداء الطفل في الجوانب المعرفية والنفسية والجوانب الانفعالية بالإصابة بالشلل المخي ، وتقويم أداء الطفل في الجوانب المعرفية والنفسية ذات الصلة بعملية توافق الطفل .
ومع أن عملية تشخيص الشلل المخي هي عملية طبية في المقام الأول ، إلا أن التشخيص التربوي والنفسي يعتبر أمراً ضرورياً عند تقييم الجوانب التربوية والنفسية التي غالباً ما تتأثر بالإصابة . أضف إلى ذلك أن تقييم هذه الجوانب يعتبر أمراً مهماً جداً للبدء في تقديم البرامج التربوية والتأهيلية اللازمة . ذلك أن عملية التشخيص يتعين ألا تتم بمعزل عن تقديم الخدمات ، ويرى البعض أنها يجب أن تكون موجهة لعملية تقديم الخدمات بل وترتكز عليها؛ آية ذلك أن التشخيص بغرض تقديم الخدمات هو أحد أهم أهداف التشخيص في ميدان التربية الخاصة .
وفيما يلي إشارة إلى مستويي تشخيص الشلل المخي بما يتضمنه من قسمين مكملين لبعضهما البعض .
الأول : مستوى الكشف والتعرف المبدئي :
وقد سبقت الإشارة إلى أنه من المفضل أن يتم في مراحل عمرية باكرة من حياة الطفل، حيث تجمع بيانات أولية عن الطفل من خلال مقابلة والديه ؛ خاصة أمه ، وذلك لتحديد مدى حاجة الطفل إلى المستوى الثاني أعنى احتياجه إلى تشخيص شامل .
وفي هذا المستوى تحديداً يتم التعرف على المؤشرات أو المنبئات التي قد يستدل منها على احتمال إصابة الطفل بالشلل المخي . ولهذا يكون من الأفضل أن يتم اكتشاف حالات الشلل المخي في الأشهر الأولى من عمر الطفل ، صحيح أن ذلك قد يكون صعباً في بعض الحالات ، إلا إذا بلغ عمر الطفل عاماً أو عاماً وبضعة أشهر . وهكذا يمكن رصد المؤشرات والدلائل التي يمكن ملاحظتها على نمو الطفل وحركاته من قبل الأم عادة . ويتفق كل من (جمال الخطيب ومنى الحديدي ، 1997 : 118-119؛ وعبد العزيز السرطاوي وجميل الصمادي ، 1998: 74 -75) على أن هذه الملاحظات يمكن أن تزودنا بمعلومات مهمة تساعد في الاكتشاف المبكر لحالات الشلل المخي إذ أنها تعني أن الطفل معرض للخطر ، ثم يسجل كل منهما عدداً من المشكلات والدلائل على النحو التالي:
(1) أن الطفل لا يرضع بصورة طبيعية .
(2) أن الطفل يحني ظهره أثناء الجلوس .
(3) أن الطفل يمد رجليه بشكل متصلب .
(4) أن الطفل يعاني من تشنجات عضلية .
(5) أن الطفل يعاني من الصراخ وحدة المزاج .
(6) أن الطفل لا يبلع ما يتناوله بصورة جيدة .
(7) أن الطفل يعاني ارتخاءً واضحاً في العضلات .
(8) أن رجلي ( ساقي ) الطفل تقتربان من بعضهما .
(9) أن الطفل لا يستطيع القيام بحركات تلقائية .
(10) أن الطفل تندفع رأسه إلى الخلف عندما تحمله أمه .
(11) أن الطفل يلاحظ عليه التأخر في الوقوف والمشي .
(12) أن هناك تقلصاً غير طبيعي في ذراعي الطفل وساقيه .
(13) أن هناك تأخراً في القدرة على تثبيت الرأس وسط الجسم .
(14) أن الطفل يركل رجليه بشكل متزامن وليس بالتناوب .
(15) أن الطفل يصاب بالتهابات في الجهاز التنفسي بشكل متكرر .
(16) أن الطفل يعاني بطئاً في الحركة وعجزاً عن الحركة بمفرده .
(17) أن هناك ضعفاً لدي الطفل في السيطرة على عضلات الرقبة .
(18) أن الطفل ليس بمقدوره القيام بعملية الرفس في سن ثلاثة أشهر .
(19) أن الطفل غير مستقر في نومه ، ويبكى عند تغير وضعه أثناء النوم .
(20) أن جسم الطفل يندفع إلى الأمام إذا لم يستند إلى أحد دعماً في جلسته .
(21) استخدام إحدى اليدين ـ فقط قبل أن يبلغ الطفل السنة الأولى من عمره ، أو التأخر بشكل عام في استخدام اليدين ؛ يتضح ذلك في عدم تحريك اللعب من يد إلى أخرى .
(22) أن الطفل يبقي إحدى اليدين منقبضة ، أو يبقي الإبهام داخل قبضة اليد .
(23) أن الطفل لا يقدر على الجلوس مثلما يفعل بقية الأطفال ممن هم في عمره .
(24) أن الطفل يعاني من ضعف القدرة على التركيز البصري للمثيرات المحيطة به ، فضلاُ عن أنه ليس بمقدوره أن يتابع المثيرات البصرية المتحركة أمام ناظريه .
(25) أن الطفل يخرج لسانه من فمه بشكل متكرر ، بالإضافة إلى قيامه بحركات بلسانه داخل الفم وخارجه .
(26) أن الطفل قد تأخر كثيراً في الابتسام والمناغاة في حال مقارنته بمن هم في سنه .
وعندما تلاحظ الأم بعض هذه المؤشرات والدلائل أو واحده منها بالنسبة إلى عمر الطفل يتعين عليها أن تبادر بعرض الطفل على طبيب أطفال للقيام بإجراءات التشخيص الشاملة ، والتي تبدأ عادة بالفحص السريري الذي يقوم به الطبيب . بيد أن وجود بعض هذه المظاهر الحركية غير السوية أو بعض المظاهر النمائية الأخرى غير السوية ، لا يعني بالضرورة أن الطفل مصاب بالشلل المخي ، وإنما يعني أن هناك احتمال أكبر أن يكون مصاباً به في حال مقارنته بأطفال آخرين ليس لديهم نفس المظاهر .
وبوجه عام ، يمكن القول أن التأخر في النمو الحركي عندما يكون مصحوباً بأنماط حركية غير سوية لدى الطفل ، بالإضافة إلى وجود توتر عضلي غير طبيعي ، واستمرار الأفعال الأولية المنعكسة ، وعدم اختفائها في الوقت المناسب تعتبر مظاهر مهمة يجب التأكيد عليها كدلائل تشير إلى احتمال إصابة الطفل بالشلل المخي .
يتبع >>>>
المفضلات