ليلة الذكرى
الذكرى العاشرة لرحيل العلامة الشيخ منصور البيات رحمه الله
ليلة التاسع والعشرين من شهر شعبان تأتي ومعها الذكرى العاشرة لرحيل العلامة الشيخ منصور البيات رحمه الله، و عندما تمر الذكرى تتداعى الذكريات وتترادف الصور والملامح العامة التي تمتاز بها هذه الشخصية بعض سماتها التي تعتبر أنموذجا يطرح للأجيال للأخذ به ، فأحببت أن اذكر ما قاله العلامة السيد منير الخباز في صفة الدافعية للتعليم والتعلم التي امتاز بها الشيخ البيات لتتطلع عليها أجيالنا اليوم . فالسيد يرى بان الدافعية تتألف من عنصرين :
الأول الرغبة والانفتاح على العلم والمعرفة .
الثاني عدم الغرور والثقة بالنفس .
أما من ناحية العنصر الأول:
فان الفقيد رحمه الله مع فقده للبصر ومع ابتلائه بمرض الجسد منذ الصغر وحتى آخر يوم في حياته , كان منفتحا على التعلم وطلب المعرفة , فالفقيد يهاجر وهو من أبناء الستين من القطيف إلى النجف الأشرف فقط لطلب العلم , يواظب وهو في النجف الأشرف رغم سنه ومرضه على مواصلة العلم والمذاكرة فيه يوميا ، بل لا يمر عليه يوم إلا وهو يذاكر العلم قراءة عليه أو كتابة له آو سؤالا أو استفهاما أو مناقشة لمن يكون حاضرا لمجلسه .
هذه الروح المنفتحة على العلم ، تربي عند شبابنا الدافعية للتعلم ، فالملحوظ أن أبناءنا في الآونة الأخيرة بدأت تدب فيهم روح الكسل والملل عن العلم والمعرفة ، وتشيع عندهم روح القنوط ، وروح اليأس ، روح فقدان الأمل وعدم الطموح.
مع انه لابد لنا من خلال الأجواء الأسرية ، ومن خلال الأساليب التربوية المدرسية ، ومن خلال الأصدقاء الأذكياء أن نلهب عند أطفالنا الدافعية الذاتية للتعلم ، أن نربي فيهم كيف ينفتحون على العلم ، وكيف يرون أن المعرفة والعلم كمال ، بل هو اعز شيء يناله الإنسان وثمن شيء يصل إليه .
إن سيرة الفقيد قدوة لأجيالنا وأبنائنا تبعث في جوانحهم روح التعلم والإقبال على الدراسة والدقة في فهم المعلومات حتى يكونوا لمستقبل بلادنا خير النماذج التي تنهض بالمستوى العلمي الحضاري لهذا المجتمع .
العنصر الثاني عدم الغرور :
لا يمنع الإنسان عن العلم إلا الغرور ، من وثق بأنه وصل إلى المعرفة لم يصغ لغيره ، فالشخص الذي يريد أن يتعلم عليه أن يذيب عقدة الغرور من داخل نفسه ، عليه أن يعرف أن فوق كل ذي علم عليما ، وان ينهج ما ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام : ( لا يزال المرء عالما ما طلب العلم ، فان ظن انه علم فقد جهل ) .
إن فقيدنا كان إلى أواخر حياته يلهج بذكر أساتذته ويثني عليهم ثناء عطرا ، كان يقول : أنا صنيعة الشيخ فرج العمران رحمه الله وكياني ووجودي ببركة الشيخ فرج العمران ، وكان يذكر الإمام الخنيزي رحمه الله ويثني عليه ثناء كبيرا وكان يحدثني شخصيا : كيف انه يلحق به في كل وقت حتى وقت سباحته ، حتى إذا ذهب إلى الحمام المشهور ( حمام أبو لوزة ) كان يلحق به ويجلس على الدكة ليناقشه ويحاوره أثناء سباحته ليستفيد منه العلم والمعرفة .
إن علاقة البيات بأساتذته علاقة حميمة وتفاعل روحي باهر.
هذا بعض مما ذكره سماحة السيد في مقاله الذي ورد في كتاب
( العلامة البيات شيخ المتهجدين )
فرحمك الله أيها الشيخ المقدس وحشرك مع من أحببت محمد وآله الكرام الطيبين .
المفضلات