سجاياه الأخلاقية


وكان السيد القاضي لا يدخر جهداً في إعانة المحتاجين ما استطاع إلى ذلك سبيلا . يقول السيد عباس الكاشاني : عندما كنت مقيماً في النجف كان لي صديقاً في غاية الفقر , فذهب يوماً الى السيد القاضي وقال له : إن الله تعالى قد أولاني الجميل في جميع أموري - إلا اني في فقر وفاقة شديدة واعاني بسبب ذلك من مشاكل جمّة, وارجو منك ان تعينني على حل هذه المشكلة . فمد السيد القاضي يده في جيبه واخرج صماً من النقود وناوله إياها قائلاً له : ضع هذه النقود في جيبك وانتفع منها من غير أن تعدها . يقول صديقنا : بقيت مدة من الزمن كلما احتجت شيئاً مددت يدي في جيبي واخرجت المبلغ الذي احتاجه من غير ان اعرف مقدار النقود التي في جيبي , إلى ان وسوست لي نفسي واقول : ما عسى أن تكون هذه النقود التي لا تنفد , ومددت يدي الى جيبي وأخرجتها وعددتها فإذا هي لا تتجاوز عدة فلوس , فأرجعتها إلى جيبي , ولكن بعد مدة يسيرة ذهبت بركة هذه النقود و وقعت مرة أخرى في الفقر والفاقة . فذهبت ثانية إلى السيد القاضي وقبل أن اتفوه بكلمة قال لي : ها ؟ ماذا فعلت ؟ عددت النقود ؟ واعطاني صمّاً من النقود وقال لي : ضعها في جيبك ولا تعدها كما فعلت في المرة الأولى .

يقول السيد الكاشاني : وبقي صاحبي ينتفع من هذه النقود ما دام على قيد الحياة من غير أن ينقص منها شيء .



ونقل السيد عباس الكاشاني أيضاً الحادثة التالية التي تدلل على عطف السيد القاضي على عموم الناس والتوسل الى الله عز وجل في قضاء حوائجهم يقول : كنت يوماً جالسا عند السيد القاضي فجاءه رجل مسرعاً وكان يبدو عليه الحزن والاضطراب وقال للسيد : إن زوجتي في حال الاحتضار , وإذا ماتت فلا احد لي سواها , فارجو منك الدعاء لترجع إليها عافيتها وتنجو من الموت , فقال له السيد القاضي : لماذا تأتي إلى هنا وأنت جُنب , اذهب واغتسل ثم عد إليّ . فنهض الرجل العربي مسرعاً وقد لفّه العجب واخذته الدهشة وذهب إلى منزله واغتسل ثم عاد مرة اخرى , وجلس في مقابل السيد بأدب وخضوع - فوضع السيد سبابتيه على صدع الرجل وشرع في القراءة والدعاء حتى أخذت دموعه تسيل على خديه وبعد إتمام الدعاء , أمره السيد بالنهوض , فذهب الرجل الى منزله وبعد عدة ايام رأيت هذا الرجل في صحن مرقد أمير المؤمنين عليه السلام وسالته عن نتيجة الدعاء , فقال : عندما رجعت الى منزلي رأيت زوجتي سالمة وفي صحّة جيدة وهي تزاول اعمالها المنزلية كالمعتاد .