سجاياه الأخلاقية




يقول آية الله السيد محمد الحسيني الهمداني :


كان السيد القاضي بحراً موّاجاً في العلم والأخلاق والعرفان . وكان أكثر أوقاته صامتاً ولا يتكلم إلاّ قليلاً جداً , وكان من عادته أن يبدأ الآخرين بالسلام . وكان يكره أن يلفت انتباه الناس إلى وجوده , ولذا كان يبتعد عن أماكن ازدحام الناس والتجمعات العامة , وربما تمضي فترة طويلة لا يراه أحد .


وكان السيد القاضي في قمة التواضع وهناك قصص عديدة في حياته تسلط الضوء على مقدار التواضع الذي كان يتصف به .



يقول أحد تلاميذ السيد القاضي : رأيت آية الله حسينقلي الهمداني في عالم الرؤيا فسألته هل أستاذنا القاضي إنسان كامل ؟ فقال :إنه إنسان كامل ولكن ليس هو الانسان الكامل الذي هو في تصورك . فحكيت هذا المنام إلى السيد القاضي الذي نقله بدوره في مجلس درسه ثم قال : إني لا أساوي فردة نعل الإنسان الكامل .



وقال آية الله ضياء الدين الآملي في محضر من الفضلاء : أحب أن تسمعوا قضية من لساني لئلاّ تقولوا بعد ذلك اننا لم نسمعها منه , لقد رأيت بأم عيني السيد القاضي يقتدي في صلاته بالشيخ بهجت في مسجد الكوفة أو السهله – والتردد من الناقل-


علماً بأن الشيخ بهجت كان لا يتجاوز عمره أنذاك ثلاثون عاماً , وكان من تلامذة السيد القاضي . وهذه القصة تكشف عن مدى تواضع السيد القاضي الذي لا يأنف رغم كونه شيخاً كبيراً أن يأتم بشاب من تلامذته أمام الناس .



وكان السيد القاضي يحارب التكبر بهذه الأساليب وغيرها ليقلع جذوره من نفسه , وأن أهم ما يواجه السالك في طريق تهذيب النفس هو القضاء على ميول التكبر والأنانية . يقول العلامة الطهراني : كان السيد القاضي يشتري حاجاته بنفسه من السوق , و كان عندما يشتري الخضار يضعها في طرف عباءته ثم يطوف بها السوق . وكان لا يعتني بهندامه , ويعيش متواضعاً دائماً ولذلك وصل إلى منازل معنوية رفيعة .



ويقول السيد عبد الكريم الكشميري : ذهبت –كعادتي – لزيارة السيد القاضي فقّدم لي تمراً , فلم أتناول منه شيئاً , واستفسر السيد القاضي عن علة ذلك , فقلت : لا أرغب في أكل التمر , فقال : هل ترغب في نوع اخر من التمر ؟ فقلت نعم إني أرغب في التمر الديري كثيراً. وبعد مدة جاء إلى دارنا بلباسه العربي وقد ملىء جيب الدشداشة بالتمر الديري وأعطانيه .


وتكشف هذه السيرة عن شدّة اهتمام السيد القاضي بتلاميذه ومحّبيه وكيف يتواضع لهم ويلقنهم دروس التواضع في واقع حياتهم .