عبادته رضوان الله عليه
وكان له سجدات طويلة في كلّ يوم لا يشغله عن الإتيان بها شاغل, يقول السيد الكشميري : عندما كنتُ في النجف الأشرف كنتُ أتشرف بزيارة السيد القاضي في منزله بين الفينة والأخرى ,فأجده ساجداً أحياناً فأدخل الغرفة وانتظر طويلاً لعلهّ يرفع رأسه من السجود, ولكن دون جدوى ,فأخرج وهو لا يزال في سجوده .
وكان إضافة إلى السجدات الطويلة يواظب أيضاً على قراءة سور المسبحات قبل النوم, يقول السيد الكشميري : كان السيد القاضي يقرأ سور المسبّحات في كل ليلة قبل النوم.
وسور المسبّحات – كما يقول العلاّمة الطباطبائي –هي السور التالية تبدأ بـ "يسبّح"و"سبّح" وهي خمس : الحديد والحشر والصف والجمعه والتغابن . وأمّا سورة الأعلى والتي تبدأ بالفعل "سبّح" أيضاً فهي ليست من المسبّحات وان ورد ذلك في رواية , ولكن الرواية المعتبرة نصّت على هذه السور الخمسة .
وكان رسول الله صلى الله عليه واله –كما في الخبر- يواظب على تلاوة هذه السور الخمسة قبل النوم, وحينما سُئل عن ذلك قال :إنّ في كل سورة من هذه السور آية تعادل ألف آية وفي رواية أخرى أن كل من قرأ المسبّحات في كل ليلة قبل النوم فانّه لا يموت حتى يرى رسول الله صلى الله عليه واله قبل الموت فيريه منزلته ودرجته في الجنّة .
ويقول السيد الكشميري :
وكان السيد القاضي يواظب أيضاً على زيارة مقبرة وادي السلام يومياً من بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس, وقد ورد الحث على زيارة المقابر بين الطلوعين في إحدى الأخبار .
ويقول السيد محمد حسين الطهراني : نقل الكثير من تلاميذ السيد القاضي أنّه كان يتردّد كثيراً على مقبرة وادي السلام في النجف الأشرف ,وكانت تستغرق زيارته ساعتين إلى أربع ساعات يومياً, وكان يجلس في زاوية صامتاً, وكان تلاميذه الذين يصحبونه أحياناً لا يطيقون صبراً ويذهبون بعد بُرهة وجيزة ويتساءلون في أنفسهم عن العوالم التي يعيشها أستاذهم خلال هذه الساعات في وادي السلام من غير أن يعتريه التعب أو يتسرب إلى نفسه الضجر والملل ويقول الشيخ محمد تقي الآملي وهو من الطبقة الأولى من تلاميذ السيد القاضي في الأخلاق والعرفان : كنت أرى المرحوم القاضي يجلس ساعتين أو ثلاثة في وادي السلام فكنت أقول في نفسي : ينبغي أن يزور الإنسان ويرجع ويدخل السرور على أهل القبور باهداء ثواب قراءة سورة الفاتحة لهم, فهناك أعمال أخرى أهم يجب أن ينصرف لها . وكان هذا الاعتراض في نفسي ولم أخبر به أحداً, واستمّر ذهابي إلى السيد القاضي يومياً إلى أن عزمت على الرجوع إلى إيران ولكنّي كنت متردّداً في وجود مصلحة في هذا السفر وكانت هذه النية في نفسي أيضاً ولم أخبر بها أحداً .
وفي إحدى الليالي كنت أريد النوم في الغرفة التي اسكن فيها في المدرسة وكان فيها رف عليه كتب يكون عند قدّمي عندما أنام, فنويت النهوض وتغيير مكان نومي ثمّ تبدّل عزمي وقلت في نفسي : لا يحتاج ذلك لأن ّ الكتب ليست في مقابل رجلاي ويقع الرف في أعلاهما ,وليس في ذلك هتكاً لحرمة الكتاب ,ثم نمت . وعندما ذهبت إلى السيد القاضي صباحاً وسلّمت عليه قال: وعليكم السلام ليس من المصلحة أن تذهب إلى إيران كما أنّ مد الرجلين مقابل الكتب فيه هتك للحرمة.فذهلت من كلامه وقلت متعجّباً: من أين علمتم ذلك يا سيّدنا ؟ فأجابني : من وادي السلام علمت ذلك .





رد مع اقتباس

المفضلات