السيد الخوئي والسيد القاضي


يقول آية الله الشيخ جواد الكربلائي : سمعت الكلام الآتي من السيد الخوئي ومن الشيخ بهجت أيضاً : كان بدء تعرّف السيد الخوئي على السيد القاضي عن طريق الشيخ بهجت حينما كان يحضر بحث السيد الخوئي في أصول الفقه موضوع استعمال اللفظ في أكثر من معنى يستلزم اجتماع لحاظين آلي واستقلالي في إطلاق واحد للفظ, وهو محال, فقال الشيخ بهجت وكان في سني شبابه الأولى للسيد الخوئي : أنّه من الممكن أن تصل نفس الإنسان إلى درجة من القوة تستطيع أن تجمع كلا اللحاظين , الإلهية ولم يدع السيد الخوئي الموضوع يمّر هكذا ,بل استوضح تلميذه عن حقيقة المطلب وسأله عمّن يراجع في هذا الموضوع, فعرّفه بالسيد القاضي ورّتب اللقاء الأول بينهما في صحن أبي الفضل العباس عليه السلام في كربلاء المقدسه حيث استمر ساعة ونصف .


يقول الشيخ جواد الكربلائي : فقال لي السيد الخوئي : فسلّمنا له ووقعنا تحت تأثيره وقبلنا قوله, وعرض علينا برنامج وشروطاً خاصّة للذكر , فهيئت جميع الشرائط وصممت على البدء في الساعة الثانية بعد الظهر في مكان مناسب وخالٍ في حرم الأمام أمير المؤمنين علي عليه السلام, وعندما جلست نحو القبلة وأردت الشروع نسيت الذكر الذي أعطانيه, وكلّما حاولت أن أتذكّر ذلك لم استطع , فيئست وقلت في نفسي : يا أبا القاسم أن أهل البيت لا يريدونك لهذا العمل , وقد كان الذكر هو : "لا إله إلاّ هو وعلى الله فليتوكّل المؤمنون".


ثم توطّدت العلاقة بعدها بين السيد القاضي والسيد الخوئي إلى حدّ انّه أراه في عالم الكشف حياته منذ صغره إلى حين وفاته , فقد كتب السيد نعمة الله الحسيني : سمعتُ السيد حسين القاضي ينقل عن السيد الخوئي قوله : عندما كنت في النجف مشغولاً بتحصيل العلوم الدينية كنتُ ملتزماً بالآداب والسنن والأوراد والأذكار, وكنت أحضر أحياناً المجالس الأخلاقية المباركة للمرحوم السيد علي القاضي قدّس سرّه , وانتفع من أنفاسه القدسية. إلى أن قلت له يوماً علّمني شيئاً أعمل به. فأعطاني عملاً وقال لي التزم به أربعين يوماً, فواظبت على أداءه , وفي اليوم الأربعين حصلت لي مكاشفة فرأيت جميع الحوادث وكيفية حياتي ومستقبلي , ورأيتُ نفسي على المنبر أعطي درساً, ورأيت نفسي جالساً في المنزل والناس تتردّد علّي ,ورأيت إمامتي لصلاة الجماعة, ومراجعات الناس لي وحالات مختلفة ,رأيت كلّ ذلك كمرآة تسير أمامي حتى وصلت إلى مكان سمعت فيه صوتاً من أعلى منارة أمير المؤمنين عليه السلام يقول : إنّا لله وإنا إليه راجعون ,انتقل إلى جوار ربّه الكريم آية الله السيد الخوئي ,ثم ارتفعت تلك الحالة عنّي ورجعت إلى حالتي العادية .

ويقول آية الله الأحمدي الميانجي من علماء قم : في أوائل مرجعيّة السيد الخوئي جاء مجموعة من أهالي مدينة خوي – التي ينتسب إليها السيد الخوئي – وأعطوا خمسهم إلى السيد الحكيم, فأوصل أحد الطلبة الخبر إلى السيد الخوئي فابتسم وقال : لا ضرر في ذلك فقد أراني السيد علي القاضي مستقبلي ومرجعيتي , ومثل هذه الأمور سوف لن تؤثر على مرجعيتي .
وكان السيد الخوئي ينفرد عن باقي المراجع وأساتذة الحوزة العلمية في الإطّلاع على حقيقة منزلة السيد علي القاضي .
يقول آية الله الحسيني الهمداني : ذكر السيد الخوئي أنّه بعد وفاة السيد القاضي جاء المرحوم آية الله حسين القمي من كربلاء على النجف ليقيم أوّل مجلس الفاتحة على روحه الطاهرة .وكان من المتعارف في النجف أن يُقام مجلس الفاتحة لمدة ثلاثة أيام ونصف . وقد شارك في هذا المجلس كبار العلماء كالسيد الخوئي والميرزا مهدي الشيرازي وآية الله حسين القمي وآية الله السيد الميلاني .
يقول السيد الخوئي : وبعد انتهاء مجلس الفاتحة في اليوم الثالث ورجوعي إلى البيت , زارني مجموعة من العلماء وعلى رأسهم المذكور ين آنفاً ,فقال لي آية الله القمي : سمعت أنّ لك علاقة بالسيد القاضي ! يقول : فقلت له : إنّ كثيراً من العلماء لهم علاقة بالسيد القاضي . فقال : كيف كان المرحوم القاضي في نظركم ؟ فقلت : من أي جهة تقصدون ؟ فقال من جهة مقاماته المعنوية . فقلت له : - والكلام للسيد الخوئي -: تقصدون ما هو مقامه العرفاني والشهودي ؟ فقال : نعم . فقلت له :إذا كان ما رأيناه من السيد القاضي له حقيقة عند الله عز وجل فهو سماء وأنت ارض وإذا لم يكن له حقيقة فالعكس . فقال المرحوم القمي وهو في غاية الدهشة : عجيب .