ما أنت فلا يهابك، ألّفت بقدرتك الفِرَق، وفلقت بلطفك الفَلق،

يعلمهم) والثاني يتعدّى إلى مفعولين، نحو (فإن علمتموهنّ مؤمنات) (ما أنت) أي أيّ شيء أنت (فلا يُهابك) أي لا يخافك.
(ألّفت) قال الإمام الراغب: المؤلّف ما جمع من أجزاء مختلفة، ورتّب ترتيباً، قدِّم فيه ما حقّه أن يقدَّم، واُخرّ فيه ما حقّه أن يؤخّر (بمشيتك) أي إرادتك الأزلية (الفِرَق) هي القطعة المنفصلة، ومنه الفرق للجماعة المنفردة من الناس (وفلقت بقدرتك) الفلق هو شقُّ الشيء وإبانة بعضه عن بعض (الفَلق) هو الصبح، وقيل الأنهار المذكورة في قوله تعالى (أمّن جعل الأرض قراراً وجعل خلالها أنهاراً).
____________

وأنّرت بكرمك دياجي الغسق، وأنهرت المياه من الصمّ الصياخيد عذباً واُجاجاً، وأنزلت من المعصرات ماءً ثجاجاً وجعلت الشمس والقمر للبريّة

(وأنّرت) من الإنارة (بكرمك دياجي الغسق) قال الجوهري: دياجي الليل حنادسه، والحندس بالكسر الليل الشديد الظلمة، والغسق هو أول ظلمة الليل (وأنهرت المياه) يقال أنهرت الدم أي أسلته، وفي بعض النسخ (أهمرت) والهمر الصبّ وقد همر الدمع والماء يهمره همراً (من الصمّ) يقال حجر صمّ أي صلب مصمت (الصياخيد) هي جمع صيخود، وصخرة صيخود أي شديدة (عذباً) هو الماء الطيّب وقد عذب عذوبة (واُجاجاً) ماء اُجاج أي ملح (وأنزلت من المعصرات) وهي السحاب التي تعصر بالمطر (ماءً) هو الذي يشرب، والهمزة فيه مبدلة من الهاء، بدليل هوية وأصله مَوَهَ بالتحريك لأنه يجمع على أمواه في القلّة، ومياه في الكثرة (ثجّاجاً) يقال ثججت الدم والماء إذا أسلته بالوادي يثججه أي يسيله، ومطر ثجّاج إذا انصبّ جدّاً.
(وجعلت الشمس والقمر للبريّة) يقال: برء الله الخلق
____________

سراجاً وهّاجاً، من غير أن تمارس فيما ابتدأت به لغوباً ولا علاجاً. فيامن توحّد بالعزّ والبقاء، وقهر العباد بالموت والفناء،

برءاً، وهو الباري والبريّة الخلق، وقد ترك العرب همزه، وقال الفرّاء، إن أخذت البريّة من البري، وهو التراب فأصلها غير الهمز (سراجاً) هو الزاهر بفتيلة ودهن، ويعبّر به عن كلّ مضيء (وهّاجاً) الوهج بالتسكين مصدر وهجت النار وهجاناً إذا اتّقدت (من غير أن تمارس) المراس والممارسة المعالجة، والمراد من غير أن ترتكب (فيما ابتدأت به لغوباً) هو التعب والإعياء (ولا علاجاً) يقال: عالجت الشيء معالجة وعلاجاً: إذا زاولته.
(فيامن توحّد) أي تفرّد (بالعزّ والبقاء) هو دوام الوجود، وتوحّده بالعزّ لأنّ كلّ ممكن فوجوده وجميع صفاته مستعارة من الله، فهو في حدّ ذاته ذليل، وإنّما العزّة لله، وتوحّده بالبقاء، لأنّ كلّ شيء إلاّ وجهه (وقهر) أي غلب (عباده) العبودية التذلّل، والعبادة أبلغ منها، لأنّها غاية التذلّل (بالموت) هو مفارقة الروح من البدن (والفناء) هو العدم بعد الوجود.
____________

صلّ على محمّد وآله الأتقياء، واسمعندائي، وأهلِك أعدائي، واستجب دُعائي، وحقّق بفضلك أملي ورجائي. يا خير من انتجع لكشف الضّرُّ،

(صلّ على محمّد وآله الأتقياء) التّقي المتّقي، يقال: اتّقى يتّقي وتوهموا أنّ التاء من نفس الكلمة، وقالوا، تقى يتقى مثل قضى يقضي، وناسب هذا الوصف قول النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) كلّ تقي آلي (واستمع) يقال: استمعت له أي أصغيت إليه (ندائي) أي صوتي (واستجب دُعائي) الإجابة والإستجابة بمعنى، والدعاء واحد الأدعية، وأصله دعاوٌ، لأنّه من دعوت إلاّ أنّ الواو لمّا جاءت بعد الألف همزت (وحقّق) أي ثبّت من حقّ يحقّ ثبت (بفضلك) هو والإفضال الإحسان (أملي) في الدنيا (ورجائي) في الآخرة.
(يا خير من دعي) يقال: دعوت فلاناً أي صحت به واستدعيته (لدفع الضرّ) هو بالضمّ الهزال، وسوء الحال، وفي بعض النسخ (لكشف الضّرُّ) يقال كشفت الثوب عن الوجه


>>>> يتبع