(صلّ) الصلاة من الله الرحمة، ومن الملك الإستغفار، ومن البشر الدعاء والصلاة التي هي العبادة المخصوصة أصلها الدعاء، وصلّيت عليه أي دعوت له ويقال: صلّيت صلاة ولا يقال تصلية، (اللّهمّ) أي يا الله، والميم عوض عن (يا) ولذلك لا يجتمعان، وقيل: أصله يا الله اُمّنا بخير فخفّف
____________


على الدليل إليك في الليل الأليل،

بحذف حرف النداء ومتعلّقات الفعل وهمزته، والأمُّ القصد، وبعضهم زعموا أنّ الأصل اللّهمّ يا الله آتنا بالخير وأورد الرضي (رحمه الله) النقض بما [إذا] قلنا يا الله لا تأتهم بالخير، ولا يبعد أن يقال: لا نسلّم إطلاق لفظة اللّهمّ في غير مقام الإسترحام، بل لا يبعد أن يقال: إنّ الميم اختصار من أرحم، والتشديد عوض عمّا اُسقط، تقديره يا الله ارحم، والحاصل أنّا لم نظفر باستعمالهم هذه اللفظة في غير مقام الدعاء والإسترحام.

فإن قيل: كثيراً ما ورد في مقام الدعوة على العدوّ قلنا: الدعاء على العدوّ يرجع إلى الدعاء لنفسه، وقيل لو كان اللّهمّ أصله ياالله أو آتنا بالخير لجاز أن يقال حالة الذكر اللّهمّ اللّهمّ اللّهمّ كما يقال: يا الله يا الله يا الله.
(على الدليل إليك) أي من كان هادياً لنا، والمراد به النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) (في الليل الأليل) أي البالغ في الظلمة، وهذا مثل قولهم: ظل ظليل، وعرب عرباء، والمراد به زمان انقطاع
____________

والماسكمن أسبابك بحبل الشرف
العلم والمعرفة (والماسك) عطف على الدليل، وإمساك الشيء التعلّق به وحفظه (من أسبابك) السبب الحبل، وكلّ شيء يتوصّل به إلى غيره.
(بحبل الشرف) أي العلوّ (الأطول) صفة الحبل، والمراد الذي يمسك من حبالك بالحبل الأطول من الشرف.
(والناصع) أي الخالص من كلّ شيء يقال: أبيض ناصع، وأصفر ناصع ونصع الأمر وضح وبان، (الحسب) هو ما يعدّه الإنسان من مفاخر آبائه، وقال ابن السكّيت: الحسب والكرم يكونان في الرجل وإن لم يكن آباء لهم شرف والشرف والمجد لا يكونان إلاّ بالآباء.
(في ذروة الكاهل) هو ما بين الكتفين، وذرى الشيء بالضمّ أعاليه، الواحدة ذروة، بكسر الذال، وذروة بالضمّ أيضاً وهي أيضاً أعلى السنام، وفلان يذري حسبه أي يمدحه
____________

الأعبل، والثابت القدم على زحاليفها في الزمن الأوّل، وعلى آله الأخيار

ويرفع شأنه و (الأعبل) أي الضخيم الغليظ والمراد النبيّ الخالص حسبه أو الواضح حسبه في أعلى مراتب المجد الراسخ، والشرف الشامخ.
(والثابت القدم على زحاليفها) الضمير للقدم فإنّها مؤنّث سماعي، والزّحلفة بضمّ الزاء آثار تزلج الصبيان من فوق التلّ إلى أسفله، وهي لغة أهل العالية وتميم يقوله بالقاف، والجمع زحالف وزحاليف، وقال ابن الأعرابي: الزحلوفة مكان منحدر يملس لأنّهم يزحلفون فيه والزحلفة كالدحرجة والدفع يقال: زحلفته فتزحلف (في الزمن) أي الزمان (الأول) المراد النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي ثبت قدمه على المواضع التي هي مظان مزلّة القدم، قبل النبوة أو في أوائل زمان النبوة.
(وعلى آله) هو من يؤل إليه بالقرابة الصوريّة أو المعنويّة (الأخيار) جمع خير كشرّ وأشرار، وقيل جمع خيّر أو خير على
____________

المصطفَين الأبرار وافتح اللّهمّ لنا مصاريع الصباح، بمفاتيح الرحمة والفلاح،

تخفيفه كأموات في جمع ميّت أو ميت (المصطفَين) من الناس يقال: اصطفيته أي اخترته (الأبرار) قال صاحب الكشّاف: هو جمع برّ وبارّ فلا يصحّ ما ذكره الجوهريّ من أنّ فاعلا لا يجمع على أفعال، وعن عليّ (عليه السلام) كلّ دعاء محجوب حتى يصلّي على محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) رواه الطبراني في المعجم الأوسط، وقال أبو سليمان الداراني: إذا سألت الله حاجة فابدأ بالصلاة على النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ثمّ ادع ما شئت ثمّ اختم بالصلاة عليه، فإنّ الله سبحانه يقبل الصلاتين وهو أكرم من أن يدع بينهما، ولذا بدأ عليّ (عليه السلام) هذا الدعاء بالصلاة على النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وصلّى عليه في آخره.

>>>>> يتبع