سراب من دم احمر


هدوء غريب وسكون يكاد يقطع أشلاء الصمت الرهيب


يبدأ المشهد ب" هديرمن الصمت"


أثار قدام تتلوها أثار لخطوات مثقلة بالأحزان اقتفي أثرها وأسير على خطاها


لعطش شديد يقطع الأحشاء ويفتت الكبد .


شمس محرقة ولهيب من الهواء يكاد يخنقن رئتي فلا أتنفس.


تيبس شفتاي فأبلهما بلساني الخشبي لكني اقتفي الأثر وأسير بخطوات مثقلة على الرمل خطوة من قدمي اليمنى وأخرى من اليسرى على تتبع خطاهم .


حفيف الهواء ينبيء عن عاصفة قوية قادمة


التفت ذات اليمين وذات الشمال فلا أرى أحدا لا قافلة تسير ولا ظل شجر, امسك عصاي وأواصل المسير فجأة تنغرس في الرمل من ثقل الاتكاء عليها ارفعها, امشي خطوة ثم تتلوها أخرى فتنغرس هذه المرة في الم الغربة وقهر البعد عن الأحبة ما عادت تتحمل ثقل تعبي وعطشي الشديد فتنكسر . وأهوي على صعيد تراب احرقه الجفاف من شدة الظمأ


أحاول النهوض متكأ هذه المرةعلى يدي اليمنى واضعا الأخرى على ركبتي اليسرى فانهض بثقل الجبل الأشم .


هواء اسود محرق في كل مكان من السماء و الأرض يحوط بي من كل جانب, تجف عيناي فلا أعود أبصر إلا سراب بقيعة احسبه ماء في كل اتجاهاتي فأحدو نحوه رغم أني افقهه ولكن ربما ..للمستحيل وصول.


يخفق قلبي من شدة الظمأ خفقات مرتجفة تستحي أن تصل إلى مسامع أذني فترهقهما قهرا لطلب المستحيل في هذه الصحراء القاحلة نعم صحراء لا ماء فيها ولا شجر ولا مدر ليس سوى الصمت القاتل .


ارفع رجل بثقل المحيط واضعا الأخرى بثقل الجبل


فأهوي على الأرض بكل ثقل جسمي الضعيف فيثار التراب من تحتي ليغطي ملامح وجهي الشاحب , لم اعد استطيع السير


أتنفس بصعوبة جدا يرهقني المشهد فأبكى حزنا لتتقاطر دموع عيني على الأرض فترتوي ويرتوي ظمأها , افتح صدري بأوسعه لاحتضن التراب وابرد عن حرارته بقلبي الحنون .


استسلم للهيبه واضعا خدي على جمر الصحراء المتوقد لأبرده للآتين بعدي , انظر في الأفق فأراه محمرا عاكسا لونه على السراب وملونه بلونه القاني . يقشعر بدني المرهق لمنظره فيغشى عليّ ساعة.


تنقشع الغشاوة عن بصري فجأة لأرى الحقيقة واضحة جلية أمامي.


فرس ابيض اللون مطأطأ رأسه إلى الأرض ويحمحم لا افقه صهيله الحزين غير أن الريح تسوقه إليّ بمعاني آيات السماء أن انظر بطرفك الخفي أمامك لتتراىء ليك واحة خضراء بها ماء بارد وشجيرات ونخيل مثمرة تحوطها من كل جانب .


فيتبدد الظمأ مني وينتهي العطش من عروقي لتبدأ الحياة بمشهد حسيني رسالي من جديد .