وأما السادسة والثلاثون: فإني سمعت رسول الله يقول: ويل لقاتلك؛ إنه أشقى من ثمود، ومن عاقر الناقة، وإن عرش الرحمن ليهتز لقتلك، فأبشر يا علي فإنك في زمرة الصديقين والشهداء والصالحين.
وأما السابعة والثلاثون: فإن الله تبارك وتعالى قد خصني من بين أصحاب محمد بعلم الناسخ والمنسوخ، والمحكم والمتشابه، والخاص والعام، وذلك مما منَّ الله به عليَّ وعلى رسوله. وقال لي الرسول: يا علي إنَّ الله عزوجل أمرني أن أدنيك ولا أقصيك، وأعلمك ولا أجفوك، وحق عليَّ أن أطيع ربي، وحق عليك أن تعي.
وأما الثامنة والثلاثون: فإن رسول الله بعثني بعثًا، ودعا لي بدعوات، وأطلعني على ما يجري بعده، فحزن لذلك بعض أصحابه، قال: لو قدر محمد أن يجعل ابن عمه نبيًا لجعله، فشرفني الله عزوجل بالاطلاع على ذلك على لسان نبيه.
وأما التاسعة والثلاثون: فإني سمعت رسول الله يقول: كذب من زعم أنه يحبني ويبغض عليًا؛ لا يجتمع حبي وحبه إلا في قلب مؤمن. إن الله عزوجل جعل أهل حبي وحبك -يا علي- في أول زمرة السابقين إلى الجنة، وجعل أهل بغضي وبغضك في أول زمرة الضالين من أمتي إلى النار.
وأما الأربعون: فإن رسول الله وجهني في بعض الغزوات إلى ركي فإذا ليس فيه ماء، فرجعت إليه فأخبرته، فقال: أفيه طين؟ قلت: نعم. فقال، ائتني منه، فأتيت منه بطين، فتكلم فيه، ثم قال: ألقه في الركي، فألقيته، فإذا الماء قد نبع حتى امتلأ جوانب الركي، فجئت إليه فأخبرته، فقال لي: وُفِّقت يا علي، وببركتك نبع الماء.
فهذه المنقبة خاصة بي من دون أصحاب النبي.
وأما الحادية والأربعون: فإني سمعت رسول الله يقول: أبشر يا علي؛ فإن جبرئيل أتاني فقال لي: يا محمد إن الله تبارك وتعالى نظر إلى أصحابك فوجد ابن عمك وخَتَنُك على ابنتك فاطمة خير أصحابك، فجعله وصيك والمؤدي عنك.
وأما الثانية والأربعون: فإني سمعت رسول الله يقول: أبشر يا علي؛ فإن منزلك في الجنة مواجه منزلي، وأنت معي في الرفيق الأعلى في أعلى عليين. قلت: يا رسول الله، وما أعلى عليون؟ فقال: قبة من درة بيضاء، لها سبعون ألف مصراع، مسكن لي ولك يا علي.
وأما الثالثة والأربعون: فإن رسول الله قال: إن الله عزوجل رسخ حبي في قلوب المؤمنين، وكذلك رسخ حبك -يا علي- في قلوب المؤمنين، ورسخ بغضي وبغضك في قلوب المنافقين؛ فلا يحبك إلا مؤمن تقي، ولا يبغضك إلا منافق كافر.
وأما الرابعة والأربعون: فإني سمعت رسول الله يقول: لن يبغضك من العرب إلا دعي، ولا من العجم إلا شقي، ولا من النساء إلا سلقلقية .
وأما الخامسة والأربعون: فإن رسول الله دعاني وأنا رمد العين، فتفل في عيني، وقال: اللهم اجعل حرها في بردها، وبردها في حرها، فوالله، ما اشتكت عيني إلى هذه الساعة .
وأما السادسة والأربعون: فإن رسول الله أمر أصحابه وعمومته بسد الأبواب، وفتح بابي بأمر الله عزوجل. فليس لأحد منقبة مثل منقبتي.
وأما السابعة والأربعون: فإن رسول الله أمرني في وصيته بقضاء ديونه وعداته، فقلت: يا رسول الله، قد علمتَ أنه ليس عندي مال؟! فقال: سيعينك الله. فما أردتُ أمرًا من قضاء ديونه وعداته إلا يسره الله لي، حتى قضيتُ ديونه وعداته، وأحصيتُ ذلك فبلغ ثمانين ألفًا، وبقي بقية أوصيت الحسن أن يقضيها.
وأما الثامنة والأربعون: فإن رسول الله أتاني في منزلي، ولم يكن طعمنا منذ ثلاثة أيام، فقال: يا علي، هل عندك من شيء؟ فقلت: والذي أكرمك بالكرامة واصطفاك بالرسالة ما طعمت وزوجتي وابناي منذ ثلاثة أيام، فقال النبي: يا فاطمة، ادخلي البيت وانظري هل تجدين شيئا؟ فقالت: خرجت الساعة، فقلت: يا رسول الله، أدخله أنا؟ فقال: ادخل باسم الله. فدخلت، فإذا أنا بطبق موضوع عليه رطب من تمر، وجفنة من ثريد، فحملتها إلى رسول الله فقال: يا علي، رأيتَ الرسول الذي حمل هذا الطعام؟ فقلت: نعم. فقال: صفه لي ، فقلت: من بين أحمر وأخضر وأصفر، فقال: تلك خطط جناح جبرئيل مكللة بالدر والياقوت. فأكلنا من الثريد حتى شبعنا، فما رأى إلا خدش أيدينا وأصابعنا. فخصني الله عزوجل بذلك من بين أصحابه.
وأما التاسعة والأربعون: فإن الله تبارك وتعالى خص نبيه بالنبوة، وخصني النبي بالوصية، فمن أحبني فهو سعيد يحشر في زمرة الأنبياء.
وأما الخمسون: فإن رسول الله بعث ببراءة مع أبي بكر، فلما مضى أتى جبرئيل فقال: يا محمد، لا يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك. فوجهني على ناقته العضباء، فلحقته بذي الحليفة فأخذتها منه، فخصني الله عزوجل بذلك .
وأما الحادية والخمسون: فإن رسول الله أقامني للناس كافة يوم غدير خم، فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، فبعدًا وسحقًا للقوم الظالمين.
وأما الثانية والخمسون: فإن رسول الله قال: يا علي، ألا أعلمك كلمات علمنيهن جبرئيل ؟، فقلت: بلى. قال: قل: يا رازق المقلين، ويا راحم المساكين، ويا أسمع السامعين، ويا أبصر الناظرين، ويا أرحم الراحمين، ارحمني وارزقني.
وأما الثالثة والخمسون: فإن الله تبارك وتعالى لن يذهب بالدنيا حتى يقوم منا القائم، يقتل مبغضينا، ولا يقبل الجزية، ويكسر الصليب والأصنام، ويضع الحرب أوزارها، ويدعو إلى أخذ المال فيقسمه بالسوية، ويعدل في الرعية.
وأما الرابعة والخمسون: فإني سمعت رسول الله يقول: يا علي، سيلعنك بنو أمية، ويرد عليهم ملك بكل لعنة ألف لعنة، فإذا قام القائم لعنهم أربعين سنة.
وأما الخامسة والخمسون: فإن رسول الله قال لي: سيفتتن فيك طوائف من أمتي؛ فيقولون: إن رسول الله لم يخلف شيئا، فبماذا أوصى عليًا؟ أوَ ليس كتاب ربي أفضل الأشياء بعد الله عزوجل، والذي بعثني بالحق لئن لم تجمعه بإتقان لم يجمع أبدًا. فخصني الله عزوجل بذلك من دون الصحابة.
وأما السادسة والخمسون: فإن الله تبارك وتعالى خصني بما خص به أولياءه وأهل طاعته، وجعلني وارث محمد؛ فمن ساءه ساءه، ومن سره سره -وأومأ بيده نحو المدينة-.
وأما السابعة والخمسون: فإن رسول الله كان في بعض الغزوات، ففقد الماء، فقال لي: يا علي، قم إلى هذه الصخرة، وقل: أنا رسول رسول الله، انفجري لي ماء، فوالله الذي أكرمه بالنبوة لقد أبلغتها الرسالة، فأطلع منها مثل ثدي البقر، فسال من كل ثدي منها ماء، فلما رأيت ذلك أسرعت إلى النبي فأخبرته، فقال: انطلق يا علي، فخذ من الماء، وجاء القوم حتى ملؤوا قربهم وأداواتهم ، وسقوا دوابهم، وشربوا، وتوضؤوا. فخصني الله عزوجل بذلك من دون الصحابة.
وأما الثامنة والخمسون: فإن رسول الله أمرني في بعض غزواته -وقد نفد الماء- فقال: يا علي، ائتني بتور . فأتيته به، فوضع يده اليمنى ويدي معها في التور، فقال: أنبع، فنبع الماء من بين أصابعنا.
وأما التاسعة والخمسون: فإن رسول الله وجهني إلى خيبر، فلما أتيته وجدت الباب مغلقًا، فزعزعته شديدًا، فقلعته ورميت به أربعين خطوة، فدخلت، فبرز إلي مرحب، فحمل عليّ وحملت عليه، وسقيتُ الأرض من دمه. وقد كان وجّه رجلين من أصحابه فرجعا منكسفين.
وأما الستون: فإني قتلتُ عمرو بن عبد ود، وكان يعد بألف رجل.
وأما الحادية والستون: فإني سمعت رسول الله يقول: يا علي، مَثلك في أمتي مثل قل هو الله أحد؛ فمن أحبك بقلبه فكأنما قرأ ثلث القرآن، ومن أحبك بقلبه وأعانك بلسانه فكأنما قرأ ثلثي القرآن، ومن أحبك بقلبه وأعانك بلسانه ونصرك بيده فكأنما قرأ القرآن كله.
وأما الثانية والستون: فإني كنت مع رسول الله في جميع المواطن والحروب، وكانت رايته معي.
وأما الثالثة والستون: فإني لم أفر من الزحف قط، ولم يبارزني أحد إلا سقيتُ الأرض من دمه.
وأما الرابعة والستون: فإن رسول الله أُتي بطير مشوي من الجنة، فدعا الله عزوجل أن يدخل عليه أحب خلقه إليه، فوفقني الله للدخول عليه حتى أكلتُ معه من ذلك الطير.
وأما الخامسة والستون: فإني كنت أصلي في المسجد فجاء سائل، فسأل وأنا راكع، فناولته خاتمي من إصبعي ، فأنزل الله تبارك وتعالى فيّ: إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون.
وأما السادسة والستون: فإن الله تبارك وتعالى رد عليَّ الشمس مرتين، ولم يردها على أحد من أمة محمد غيري.
وأما السابعة والستون: فإن رسول الله أمر أن أدعى بإمرة المؤمنين في حياته وبعد موته، ولم يطلق ذلك لأحد غيري .
وأما الثامنة والستون: فإن رسول الله قال: يا علي، إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش: أين سيد الأنبياء؟ فأقوم، ثم ينادي: أين سيد الأوصياء؟ فتقوم، ويأتيني رضوان بمفاتيح الجنة، ويأتيني مالك بمقاليد النار، فيقولان: إن الله جل جلاله أمرنا أن ندفعها إليك، ونأمرك أن تدفعها إلى علي بن أبي طالب، فتكون -يا علي- قسيم الجنة والنار.
وأما التاسعة والستون: فإني سمعت رسول الله يقول: لولاك ما عرف المنافقون من المؤمنين.
وأما السبعون: فإن رسول الله نام ونومني وزوجتي فاطمة وابني الحسن والحسين، وألقى علينا عباءة قطوانية ، فأنزل الله تبارك وتعالى فينا: إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا، وقال جبرئيل: أنا منكم يا محمد؟، فكان سادسنا جبرئيل.
وللشيخ العديد من الوقفات في رد الشبهات التي قد تخطر على لسان القارئ فلتراجع في محلها...................الناشر
المصدر: كتاب فزت ورب الكعبة للشيخ علي عبد الرزاق
فصل: الإمام علي بن أبي طالب؟ صـ 15-26ــ
------------------------------------------------------------------------------
زر بالغري العالم الرباني
علم الهدى ودعائم الإيمان
وقل السلام عليك يا خير الورى
يا أيها النبأ العظيم الشان
يا من على الأعراف يعرف فضله
يا قاسم الجنات والنيران
نار تكون قسيمها يا عدتي
أنا آمن منها على جثماني
وأنا مضيفك والجنان لي القرى
إذ أنت أنت مورد الضيفان
المفضلات