بسمه تعالى
ذكرنا لكم فيما سبق الحلقة الأولى من (مقومات شخصية النبي الأكرم (ص)
وهنا نذكر لكم (الحلقة الثانية) تكملة لما سبق:
حيث ذكرنا الحلقة الأولى أن من المقومات والركائز الاساسية لشخصية النبي (ص) الصدق والأمانة وقد تحدثنا عن الصفة الاولى وهي (الصدق) وفي هذه الحلقة ينصب الحديث قول الصفة الثانية وهي (الأمانة) فأقول:
الثانية: الأمانة
وهي من الصفات التي أمر الله أن نتحلى بها حيث قال:
{إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا} (58) سورة النساء.
فإن الأمين يثق فيه الناس، في أداء حقوقهم، ولا يخشون منه خيانة، بخلاف الخائن، فإنه لا يثق فيه أحد، والخيانة من صفات المنافقين، كما أن الأمانة من صفات المؤمنين، وما أروع القرآن الكريم عندما يتحدث عن الأمانة فقد وصف بها بعض أنبياءه ومن جملتهم نبي الله موسى (ع) في قصته المعروفة مع بنات نبي الله شعيب حيث سقى لهما أغنامهما فلما أن عادتا إلى البيت وأخبرتا والدهما شعيب (ع) قالت احدهن: {قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ } (26) سورة القصص، فقد اختارت هذه الخفرة المصونة من صفاته (ع) صفتين القوة والأمانة فقد جمع موسى (ع) بينهما، وهكذا نبي الرحمة محمد (ص) كان يجمع بين هاتين الصفتين بل صفاته لا يمكن أن يأتي عليها الإحصاء صلى الله عليك وعلى آلك يا رسول الله (ص).
ولو أردنا أن نستعرض النصوص الواردة في الأمانة لضاق بنا المقام ولكن يا حبذا أن نذكر بعضها:
ورد عن الإمام زين العابدين عليه السلام أنه قال: فوالذي بعث محمداً بالحق لو أن قاتل أبي الحسين ائتمنني على السيف الذي قتل به لأديته إليه.
الأمانة ومفتاح الكعبة
نتحدث في هذا المقام عن قصة مفتاح الكعبة التي كانت سببا لنزول قول تعالى: إن الله يأمركم أن تأدوا الأمانات 000000الخ الآية:
أن الرسول صلى الله عليه واله وسلم لما دخل مكة فاتحاً وجد الأصنام طبعاً حول الكعبة وأخذ يهدمها ودخل الكعبة فوجد فيها أصنام ورسومات على الكعبة لأن الذي بنا الكعبة كان أحد المشاركين في البنيان نجار نصراني فرسم صليب ورسم عيسى ورسم مريم ورسم أشياء ورسم إبراهيم يستقسم بالأزلام والعياذ بالله فأخذ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يمسح الرسومات ويقول جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا ثم ثقال لما صلى ركعتين وخرج الناس قال أتوني بالمفتاح مفتاح الكعبة ليسلمه لأحد القرشيين فقام العباس فقال يا رسول الله أعطنا المفتاح إضافة إلى الرفادة والسقاية أعطنا السدانة فقال صلى الله عليه وآله وسلم اليوم يوم وفاء وبر، أين عثمان ابن طلحة الذي كان عند المفتاح أساساً؟ فقام إليه عثمان فأعطاه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم المفتاح وقال خذوها يا بني طلحة خالدة تالدة لا ينزعها عنكم إلا ظالم ولم يزل مفتاح الكعبة عندهم حتى يومنا هذا إن الله يأمركم فنزلت الآية إن الله يأمركم أن تأدوا الأمانات إلى أهلها.
فهل رأيت أيها المؤن كيف كان النبي الأكرم (ص) يهتم بأمر الأمانة، ولكن مع الأسف هذه الأمة التي لم ترع الأمانة التي أودعها فيهم حيث قال في اللحظات الأخيرة من حياته: أوصيكم بأهل بيتي خيرا والمرء يحفظ في ولده.
فماذا كانت النتيجة، النتيجة هي كما قال أحد شعراء أهل البيت (ع):
النبي أوصى بعترته والكتاب+++الكتاب اتمزق وحرقوا الباب
فنسأل الله تعالى أن ينزل النقمة على كل من عادى النبي وأهل بيته وأن يرينا فيهم عجائب قدرته عز وجل هذا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
(انتهى)