[SIZE=4]الفقرة الثانية

هو حال ثلة قليلة مؤمنة مجاهدة من أبناء الأمة المحمدية , وفي الثانية الأنانية والمصالح الذاتية والعذاب والشقاء والفحشاء والمنكر كونها نابعة من الشيطنة التي هي أساس الباطل وبذلك فإنها الشر كل الشر ومع كل أسف هذا هو حال الكثيرين من أبناء وحكام الأمة المحمدية الذين ينتحلون صفة الإسلام والإلتزام لكن في حقيقة التشريع فقد عبر عنهم المولى في سورة ‏البقرة الآية ( 9) وقال : { يُخَادِعُونَ اللّهَ وَالّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاّ أَنْفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ } .

للوصول إلى الحق المطلق لا بد من تحقيق واتباع بعض الوسائل أهمها :

الفطرة السليمة : وهذا ما أشار إليه المولى في سورة ‏الروم الآية ( 30) { فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللّهِ الّتِي فَطَرَ النّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللّهِ ذَلِكَ الدّينُ الْقَيّمُ وَلَـَكِنّ أَكْثَرَ النّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ} , أي فسدد وجهك واستمر على الدين الذي شرعه الله لك من الحنيفية ملة إبراهيم الذي هداك الله لها وكملها لك غاية الكمال وأنت مع ذلك لازم فطرتك السليمة التي فطر الله الخلق عليها فإنه تعالى فطر خلقه على معرفته وتوحيده وأنه لا إله غيره وهو قوله تعالى في عدة مواضع في القرآن الكريم منا سورة الإخلاص كاملة والآيتين ( 25) و ( 92) من سورة الأنبياء { وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رّسُولٍ إِلاّ نُوحِيَ إِلَيْهِ أَنّهُ لآ إِلَـَهَ إِلاّ أَنَاْ فَاعْبُدُونِ} - {إِنّ هَـَذِهِ أُمّتُكُمْ أُمّةً وَاحِدَةً وَأَنَاْ رَبّكُمْ فَاعْبُدُونِ} 3والآية ( 56) من سورة العنكبوت { يَعِبَادِيَ الّذِينَ آمَنُوَاْ إِنّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيّايَ فَاعْبُدُونِ} ‏‏وهذا ما اعترف فيه الإنسان قبل أن يأتي إلى هذا العالم المجهول وهو قوله تعالى في سورة الأعراف الآية ( 172) { وَإِذْ أَخَذَ رَبّكَ مِن بَنِيَ آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرّيّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىَ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبّكُمْ قَالُواْ بَلَىَ شَهِدْنَآ أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنّا كُنّا عَنْ هَـَذَا غَافِلِينَ} ‏ , وجاء في الحديث الشريف أن الله سبحانه وتعالى خلق عباده حنفاء فاجتالتهم الشياطين عن دينهم .

التمسك بالوحي الإلهي : وهذا الأمر لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال التمسك بما أنزله تعالى على أنبيائه ورسله سيما خاتمهم محمد - ص – وما أوصى به قبل ان ينتقل من هذه الدنيا الفانية حيث أكد – ص - ذلك على الأمة وذكرته عدة مصادر اسلامية منها ما رواه مسلم في صحيحه ج 4ص 873 ، برقم 2408 ، طبعة عبد الباقي ، وطبعة دار احياء التراث العربي ، ودار القلم ، بيروت / لبنان , عن أبي سعيد الخُدْري ، عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، قال : " إنّي أُوشكُ أن أُدعى فأُجيب ، وإني تاركٌ فيكم الثَّقَلَين ، كتابَ اللهِ عز وجل ، وعِتْرَتي ، كتاب الله حَبلٌ ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أَهْلُ بيتي ، وإن اللطيف الخبير أَخبرني أَنهما لَن يفترقا حتى يَرِدا عليّ الحوض ، فَانْظُرُوني بِمَ تَخلُفُونِي فيهما , ومما لا بد منه أن أشير إلى أن الإلتزام في هذه الوصية يجب أن يكون كلياً وليس جزئيا أي التمسك بأوامر الله تعالى من خلال القرآن الناطق الذين فسر بإجماع العقلاء أنهم الأوصياء بعد رسول الله – ص - من آل بيت النبوة عليهم السلام الذي أوصى بهم – ص - دون سواهم لأنهم وحدهم أهل البيت الراسخون في العلم الذين زقوا العلم زقا وجاء ذلك على لسان العدو والصديق والموال والحبيب , وأشار إليه تعالى في سورة ‏آل عمران الآية ( 7) { هُوَ الّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مّحْكَمَاتٌ هُنّ أُمّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمّا الّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاّ اللّهُ وَالرّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنّا بِهِ كُلّ مّنْ عِندِ رَبّنَا وَمَا يَذّكّرُ إِلاّ أُوْلُواْ الألْبَابِ} , ومن الناحية المنطقية يجب أن يكون هذا التمسك في الإثنين معا لا أن نأخذ بجانب وندع آخر , وقد ورد تأكيد هذا الحديث ليس عند الشيعة فحسب بل فيما لا يقل عن سبعة عشر مصدرا من كتب المخالفين للشيعة وقد سبق وأن أشرت إليها في بحوث عقائدية .

التجربة الصحيحة : وهذا المادة غنية في التاريخ وهناك استدلالات وأمثلة لا تعد ولا تحصى ولو تذاكرنا بعض ما ذكره القرآن الكريم لكان كافيا للعقلاء الذين يبتغون وجه الله تعالى ومنه قوله تعالى في سورة ‏يوسف الآية ( 111) { لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لاُوْلِي الألْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَىَ وَلَـَكِن تَصْدِيقَ الّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} ‏ , وفي سورة فاطر الآية ( 3) { يَأَيّهَا النّاسُ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللّهِ يَرْزُقُكُمْ مّنَ السّمَآءِ وَالأرْضِ لاَ إِلَـَهَ إِلاّ هُوَ فَأَنّىَ تُؤْفَكُونَ}

أما وسائل الباطل فمنها أهواء النفس والشيطان والتبعية للمنحرفين .

قال تعالى في سورة ‏المائدة الآية ( 70) { لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِيَ إِسْرَائِيلَ وَأَرْسَلْنَآ إِلَيْهِمْ رُسُلاً كُلّمَا جَآءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَىَ أَنْفُسُهُمْ فَرِيقاً كَذّبُواْ وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ } , مع النظر الى هذه ا لآية نرى انه من أخطر أهواء النفس أن يؤمن الإنسان بما يشاء ساعة يشاء , ويكفر بما يشاء ساعة يشاء , خلافا لأمر الله تعالى , ولو بحثنا عن السبب لثبت إن سبب ذلك هم عدم صحة اليقين في إيمانهم , وانهم بذلك هم بين الكفر والإيمان وهناك في عدة مواضع منالقرآن الكريم يعترفون بجرمهم وقد أشار إليهم المولى في سورة ‏الأنعام الآيتين ( 24) و ( 130) قال : { انظُرْ كَيْفَ كَذَبُواْ عَلَىَ أَنفُسِهِمْ وَضَلّ عَنْهُمْ مّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ} , لكنه تعالى برأفته ورحمته يذكرهم فيقول لهم في الآية ( 130) من نفس السورة { يَا مَعْشَرَ الْجِنّ وَالإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مّنْكُمْ يَقُصّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هَـَذَا قَالُواْ شَهِدْنَا عَلَىَ أَنْفُسِنَا وَغَرّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدّنْيَا وَشَهِدُواْ عَلَىَ أَنْفُِسهِمْ أَنّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ} ورغم كل هذا فإن هذا المخلوق المعاند ينكر حق اعترف فبه مسبقا لأنه ليس جاهلا فحسب بل معانداً لله تعالى معاهدا للشيطان عليه اللعنة بأن يكون على خطه ونهجه ومختصر ذلك ما أشار إليه تعالى في سورة الأعراف الآية ( 172) { وَإِذْ أَخَذَ رَبّكَ مِن بَنِيَ آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرّيّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىَ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبّكُمْ قَالُواْ بَلَىَ شَهِدْنَآ أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنّا كُنّا عَنْ هَـَذَا غَافِلِينَ} وهذا يدل على أن أهواء النفس هي السبب الرئيسي في إنحراف الإنسان وجعله مخلوقا خبيثاً فاسقاً فاجراً لا يلتزم بحدود الله تعالى , وكل ذلك مصدره الرئيسي الشيطنة التي أساسها ترك الأوامر الإلهية واللجوء إلى الوسوسات الشيطانية وقد حذر المولى تبارك وتعالى الإنسان وجعل له الشيطان عدوا مبينا بل وأمره بأن يتخذه عدوا لذلك فإننا نرى أن الإنسان هو السبب الرئيسي في إنحراف نفسه لأنه لم يلتزم بالأمر الإلهي في الإبتعاد عن الشيطان بعد أن أمره المولى ودليل ذلك قوله تعالى في سورة ‏فاطر الآية ( 6) { إِنّ الشّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوّ فَاتّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُواْ مِنْ أَصْحَابِ السّعِيرِ}‏ .

يتبع %