السلام ع ـليكم ورحمة الله وبركاتة}...
الجزء الاول من خطب الزهراء (ع) في مسجد أبيها ..
أيها الناس! اعلموا أني فاطمة
وأبي محمد صلى الله عليه وآله
أقول عوداً وبدواً (وبدءاً) ولا أقول ما أقول غلطاً، ولا أفعل ما أفعل شططاً، " لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم "
فإن تعزوه وتعرفوه تجدوه أبى دون نسائكم، وأخا ابن عمي دون رجالكم، ولنعم المعزى إليه صلى الله عليه وآله وسلم، فبلّغ الرسالة صادعاً بالنذارة، مائلاً عن مدرجة المشركين، ضارباً ثبجهم، آخذا بأكظامهم، داعياً إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة، يجف (يكسر) الأصنام، وينكث الهام، حتى انهزم الجمع وولوا الدبر
حتى تفرى الليل عن صبحه، وأسفر الحقّ عن محضه، ونطق زعيم الدّين، وخرست شقاشق الشّياطين، وطاح وشيظ النّفاق، وانحلّت عقد الكفر والشقاق، وفِـهتم بكلمة الإخلاص، في نفر من البيض الخماص،
وكنتم على شفا حفرة من النار، مذقة الشارب، ونهزة الطامع، وقبسة العجلان، وموطئ الأقدام، تشربون الطرق، وتقتاتون القد، أذلة خاسئين، تخافون أن يتخطفكم الناس من حولكم، فأنقذكم الله تبارك وتعالى بمحمد صلى الله عليه وآله بعد اللتيا والتي،وبعد أن مني ببهم الرّجال وذؤبان العرب ومردة أهل الكتاب،
كلما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها الله أو نجم قرن الشيطان أو فغرت فاغرة من المشركين، قذف أخاه في لهواتها، فلا ينكفئ حتى يطأ جناحها بأخمصه، ويخمد لهبها بسيفه، مكدوداً في ذات الله، مجتهدا في أمر الله، قريباً من رسول الله، سيداً في أولياء الله، مشمراً ناصحاً مجداً كادحاً، لا تأخذه في الله لومةُ لائمٍ،
وأنتم في رفاهية من العيش،
وادعون فاكهون آمنون تتربصون بنا الدوائر،
وتتوكفون الأخبار،
وتنكصون عند النزال،
وتفرون من القتال.
فلما اختار الله لنبيّه دار أنبياء ومأوى أصفياءه ظهر فيكم حسكة (حسيكة) النفاق، وسمل جلباب الدين، ونطق كاظم الغاوين، ونبغ خامل الأقلين، وهدر فنيق (فينق) المبطلين، فخطر في عرصاتكم، وأطلع الشيطان رأسه من مغرزه هاتفاً بكم، فألفاكم لدعوته مستجيبين، وللعزّة فيه ملاحظين، ثم استنهضكم فوجدكم خفافاً، وأحشمكم فألفاكم غضاباً،
فوسمتم غير إبلكم،
ووردتم غير مشربكم،
هذا والعهد قريب والكلم رحيب والجرح لما يندمل والرسول لما يقبر،
ابتداراً زعمتم خوف الفتنة "ألا في الفتنة سقطوا وإن جهنّم لمحيطة بالكافرين".
فهيهات منكم وكيف بكم وأنى تؤفكون، وكتاب الله بين أظهركم، أموره ظاهرة وأحكامه زاهرة وأعلامه باهرة وزواجره لائحة وأوامره واضحة،
وقد خلفتموه وراء ظهوركم،
أَرَغْبَةً عنه تريدون أم بغيره تحكمون،
بئس للظالمين بدلاً (ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين)
ثم لم تلبثوا إلا ريث أن تسكن نفرتها، ويسلس قيادها ثم أخذتم تورون وقدتها، وتهيجون جمرتها، وتستجيبون لهتاف الشيطان الغوي، وإطفاء أنوار الدين الجلي، وإهمال سنن النبيّ الصفيّ، تشربون حسواً في ارتغاء، وتمشون لأهله وولده في الخمرة والضراء،
ونصبر منكم على مثل حزّ المدى، ووخز السنان في الحشا،
وأنتم الآن تزعمون أن لا إرث لنا، "أَفَحُكمَ الجاهليّة تبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون ، أفلا تعلمون "؟
بلى! قد تجلى لكم كالشمس الضاحية أني ابنته!!
أيها المسلمون أأغلب على إرثي!
المفضلات