غصنان داميان -18
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد واله واللعنة الدائمة على اعدائهم اجمعين
((قال لهما : من أنتما ؟ قالا له : يا شيخ ، إن نحن صدقناك فلنا الأمان ؟ قال : نعم . قالا : أمان الله وأمان رسوله ، وذمة الله وذمة رسوله ؟ قال : نعم . قالا : ومحمد بن عبد الله على ذلك من الشاهدين ؟ قال : نعم . قالا : والله على ما نقول وكيل وشهيد ؟ قال : نعم . قالا له : يا شيخ ، فنحن من عترة نبيك محمد ( صلى الله عليه وآله ) ، هربنا من سجن عبيد الله بن زياد من القتل . ))
وعند سؤاله منهما لم يجب هنا الصغير لوحده لانهما عرفا القساوة منه ولا ينفع ان يستعطفاه بل احسا بالحتف المحتوم؛ لذلك فهما يتسابقان نحو الموت فاجابه كلاهما ولم يجبه احدهما :
((قال لهما : من أنتما ؟ قالا له : يا شيخ ، إن نحن صدقناك فلنا الأمان))
هل لاحظت قارئي العزيز:
انهما لم يطلبا الامان من السجان سابقا وانما اخبراه بعد استدراجه ؛ ولكن لما عرفا من هذا الخبيث خبثه وقبح سريرته فلم يخبراه قبل ان يطلبا منه الامان ؛ وليته كان ينفع اخذ الامان من هذا الخائن لربه ولضميره وليته كان يعرف لرسول الله صلى الله عليه واله حقه :
((قال : نعم . قالا : أمان الله وأمان رسوله ، وذمة الله وذمة رسوله ؟ قال : نعم . قالا : ومحمد بن عبد الله على ذلك من الشاهدين ؟ قال : نعم . قالا : والله على ما نقول وكيل وشهيد ؟ قال : نعم . قالا له : يا شيخ ، فنحن من عترة نبيك محمد ( صلى الله عليه وآله ) ، هربنا من سجن عبيد الله بن زياد من القتل . ))
لاحول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
واضح كم هذين الصغيرين خائفان من قساوة هذا الخبيث؛ لذلك اكدوا المواثيق منه اشد التاكيد ؛ وبعد ان اكد لهما العهد؛ قالا له اننا من عترة نبيك ونسبوا النبي صلى الله عليه واله اليه وجاؤا باسمه المبارك لكي لا يشتبه عليه الامر ويتصور انهما من عترة عيسى وليس لعيسى ذرية ؛ ولا من نسل موسى بل محمد بن عبد الله صلى الله عليه واله وهو نبيك ونسبة النبي اليه فيه اشد الاستعطاف وتليين قلبه؛ لكن انّا ينفع الماء الزلال مع صم الصفا ؛ ثم بعد كل هذه المواثيق التي قبلها وعاهد على ان يتمسك بها؛ اخبراه بالمصيبة وبالطامة الكبرى فقالا:
((هربنا من سجن عبيد الله بن زياد من القتل . ))
فلما اخبراه انهما هربا من القتل فاشارا اليه ان لا يقتلهما لانهما من القتل هربا .
وهل نفعهما ان شرفاه بهذه النسبة العظيمة له ان قالا له من عترة نبيك صلى الله عليه واله؛ ثم هل نفع معه ان اخبراه انما هربا من القتل ولجئا لليلة واحدة الى هذه العجوز؛ وحلا ضيفا عليها و هما في ذمته الان فلابد له ان يرعى قواعد الضيافه معهما ولكنه كشف فورا عن خبثه وحقيقة قساوته التي استقبحها حتى شيخ القساة عبيدالله بن زياد لعنة الله عليهما– كما سياتي - وتعجب من قساوة هذا الشيخ الخبيث فقال لهما مسرعا :
((فقال لهما : من الموت هربتما ، وإلى الموت وقعتما ، الحمد لله الذي أظفرني بكما .))