غصنان داميان -19
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد واله واللعنة الدائمة على اعدائهم اجمعين
سبحان الله ما تفعل الدراهم بالانسان كم اخذوا منه العهود والمواثيق لكنه اعرض عن كل هذا وجعله تحت قدمي اطماعه وجشعه ؛ نسال الله تعالى ان يخرج حب الدنيا عن قلوبنا فانها راس كل خطيئة ولا تعمينا الدراهم والدنانير عن عهدنا لله ولرسوله صلی الله علیه واله في حب اله وذوي قرابته والمودة لهما وان نقدم انفسنا فداء لهما ونقدمهم على انفسنا واهلينا وما خولنا ربنا ولذلك نرى هذا الشيخ اخبث الخبثاء :
((فقام إلى الغلامين فشد أكتافهما ، فبات الغلامان ليلتهما مكتفين .))
سبحان الله وما ضره لو لم يكتفهما وتركهما ينامان اخر ليلة من عمرهما حرين من التكتيف والتعذيب ثم كان يكفيه ان يغلق الباب عليهما او يسهر في حراستهما لكن القساوة لا تفهم لغة الرحمة والعطف والحنان ؛ السلام عليك يا رسول الله هذه ذريتك تذبح كما تذبح الشاة ولم تسق شربة من الماء وتكتف كما تكتف الشاة صغار ذريتك وهل كان هذا اجر اتعابك وما تحملت من الاذى الذي لم يتحمله نبي قبلك حتى اسست لهم ما صنعوا منه عرش حكمهم على جماجم الابرياء
فلما اشرق الصباح بحزنه وطلعت الشمس بصفيرها للموت واسودت الدنيا من ظلم یجل الحيوان الكاسر منه اشرق الصباح واي شروق ليته بات في سبات ولم تخرج الشمس من مكنون الافق :
((فلما انفجر عمود الصبح ، دعا غلاما له أسود ، يقال له : فليح ، فقال : خذ هذين الغلامين ، فانطلق بهما إلى شاطئ الفرات ، واضرب عنقيهما ، وائتني برأسيهما لأنطلق بهما إلى عبيد الله بن زياد ، وآخذ جائزة ألفي درهم . ))
ان الشيخ الخبيث اراد ان يلوث يدي غلامه بالجريمة ولكن الغلام لم يكن يعرف عن الغلامين شيئا لذلك اخذهما ليحقق الخبيث هدفه الذي اعمى بصيرته وطمسها وهي الدراهم المعدودة لايام محسوبه انفاسها ؛ ان محاسبة النفس من اهداف خلق الوجود كما اشار الیه في القران الكريم وروايات اهل البيت عليهم السلام لذلك يجب ان نحاسب انفسنا بدقة محاسبة الند للند هل اننا نعرض عن الدين في نيل المال في العمل والسوق وفي كل زاوية من حياتنا فان وجدنا اننا لا نراعي حق الله وحق الناس ولم نهتم للمال الحلال ومن اين اكتسبنا دراهمنا فهذا تحذير لنا باننا سنقع يوما في ابتلاء الله تعالى بارتكاب افضع الجرائم لان اللقمة من الحرام تعمي بصيرة الانسان فتنقلب عنده المقائيس فلا يفهم معنى للانسانية الفطرية المنورة بل يجد الظلام نورا والتخبط في بئر الخبث كنزا ..
ولكن سجية الرسول الكريم صلى الله عليه واله الذي بعث رحمة للعالمين سرت في عترته عليهم السلام ؛ فان هذين الصغيرين احسا ان هذا الغلام لم يعرفهما فلم يتركاه ليحترق في نار جهم مادام هما قادران على نجاته لذلك التفتا اليه يرققان قلبه :
((فحمل الغلام السيف ، ومشى أمام الغلامين ، فما مضى إلا غير بعيد حتى قال أحد الغلامين : يا أسود ، ما أشبه سوادك بسواد بلال مؤذن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) !
قال : إن مولاي قد أمرني بقتلكما ، فمن أنتما ؟ قالا له : يا أسود ، نحن من عترة نبيك محمد ( صلى الله عليه وآله ) ، هربنا من سجن عبيد الله بن زياد من القتل : أضافتنا عجوزكم هذه ، ويريد مولاك قتلنا .))