بسم الله الرحمن الرحيم
العزيز الوجدان هذه القصة كما وردت في شبكة راصد
العدل.. يا وزير العدل!
يحدث هذا في بلد يفخر بأنه الوحيد الذي يتمتع رسميا بنسبة 100 بالمائة من السكان المسلمين؟!
بهذا السؤال الإستنكاري واجهني أحد الأصدقاء الألداء تعليقا على رفض قاضي المحكمة الشرعية في مدينة الخبر لشهادة المواطن السعودي الشاب علاء أمين السادة من مدينة صفوى، شهادته على مجرد وثيقة زواج لا أكثر ولا أقل.. ويضيف صديقنا؛ إذا كانت مجرد الشهادة الشرعية على وثيقة زواج ممنوعة، فماذا عساهم يفعلون ازاء القضايا الأكبر والأعقد! انتهى.
بالطبع لم تكن هذه الحالة الأولى التي ترفض فيها شهادة مواطن لأسباب عقدية بحتة، فطالما سمعنا مثل هذه القصص المعيبة في أوقات سابقة، إلا ان الجديد في الأمر هو ان السيد علاء السادة يسجل هنا عبر شكواه إلى وزير العدل سابقة ربما تضع مصداقية القائمين على الشأن القضائي في البلد على المحك، هذا الأمر الأول، أما الأمر الثاني فهو أي السيد علاء يسلط هنا أضواء كاشفة على بعض مكامن الغلو والتطرف والتكفير الصريح، الصادر من أين؟ من على منصة القضاء الرسمي هذه المرة.. هذا القضاء الذي يفترض أن يكون ملجأ لكل مظلوم ويحتكم إليه الجميع على قدم المساواة.
ولفرط البداهة يبدو من السخف الكلام عن ان القضاء يفترض أن يكون ممثلا لجميع أطياف الوطن وأن يتساوى أمامه الجميع، فذلك ما تنص عليه الشرائع السماوية والأعراف والنظم المدنية.. بل ليس هناك أكثر بداهة من القول بأن على القاضي أن لا يكون في كل الأحوال خصما يناكف الناس بقدر ما يجب أن يكون مظلة وحكما بينهم بالعدل..
ليس المطلوب فقط مسائلة قاضي محكمة الخبر على رفضه لقبول شهادة مواطن لا لشيء الا لدوافع شخصية هي أقرب للغرائز البدائية فقط، بل المطلوب اجراء مراجعة حقيقية وشاملة لأبسط الإجراءات القضائية خصوصا في الأماكن المختلطة مذهبيا
لكن كل ما سبق لا يبدو بأن له محلا من الإعراب في بعض مناطق هذه البلاد، وقاضي محكمة الخبر عينة واضحة عن ذلك، فقد ركن هذا القاضي كل النظم القضائية الدولية والمحلية جانبا، وجاء يحكم موقفه الشخصي العقدي من الطائفة الشيعية في شخص السيد علاء، ولعل في موقفه هذا ما يثير ألف علامة استفهام عن مدى صلاحيته أصلا لهذا المنصب الذي يتقمصه.
ولأنه صار يضايق البعض الكلام عن وجود منهج منظم واضح للعيان وآخر خفي، يزرع العداء والبغض والكراهية لكل ما هو مختلف دينيا ومذهبيا في انسان هذا البلد ومنذ نعومة أظفاره، اذاً وحتى لا نضايقهم بكلامنا فلابد من وضع افتراضات أخرى؛ فنقول مثلا أن هذا القاضي لم يصل إلى ما وصل اليه إلا بعد تلقيه تعليمه الديني والأكاديمي في جامعة هارفارد مثلا، أما الذين هاجموا الوزير يماني والسديري في معرض الكتاب في الرياض مؤخرا فقد جاءوا بهذه النزعة العدائية من جامعة السوربون الباريسية، مثال آخر، ولا شك بأن الذين هاجموا منشأة ابقيق النفطية هم من خريجي أكسفورد!!
يقال بأن الشيطان يكمن في التفاصيل!! ولهذا ربما يتجنب أغلب مسئولينا وكتابنا تسمية الأشياء بأسماءها، فالجميع يتحدث عن غلو موجود وتطرف لابد من اجتثاثه وارهاب لابد من سحقه، حتى غدى الجميع كما لو كانوا يتحدثون عن شيء هلامي لا لون ولا شكل ولا حيز يحتويه، بينما هو في حقيقة الأمر أمر ماثل للعيان نتنفسه جميعا في كل منشأة ومدرسة وجامعة ومحكمة ودائرة حكومية.. وعلى عينك يا تاجر.
قلت في مطلع كلامي أن القضاء السعودي الآن على المحك، وحسنا فعل السيد علاء برفع شكواه لوزير العدل، فهذا الوزير مطالب الآن أكثر من أي وقت مضى بأن ينفذ القانون الذي وُكل بحمايته وتطبيقه بالعدل، فليس المطلوب فقط مسائلة قاضي محكمة الخبر على رفضه لقبول شهادة مواطن لا لشيء الا لدوافع شخصية هي أقرب للغرائز البدائية فقط، بل المطلوب اجراء مراجعة حقيقية وشاملة لأبسط الإجراءات القضائية خصوصا في الأماكن المختلطة مذهبيا، فهي أكثر ما تشهد مثل هذه الحوادث نتيجة الموقف المسبق لدى العديد من القضاة ضد هذه الطائفة أو تلك الفرقة، ولذلك يجب التحقق من كل شكوى والوقوف عليها، حتى ذلك النوع من الشكاوى التي تتهم بعض القضاة بإصدار احكام السجن وفقا لعدد ما يعلق في كفه من شعيرات ينتزعها من لحيته!! فضلا عن أحكام الجلد التي بلغت أرقاما «فلكية» مقارنة بما نصت عليه الشريعة!
إن ما حدث للسيد علاء هو مخالفة مكتملة الأركان ارتكبها قاض معروف في محكمة معروفة، ولا مجال فيها لتأويل المتأولين ولا اجتهاد المتفذلكين، ولذلك فإن السيد وزير العدل مطالب بالنظر جديا في هذه القضية، حتى يضمن أن وزارته تلتزم بالحد المعقول من المصداقية والالتزام اما أبناء الشعب، وليضمن بأن دكة القضاء هي المكان الذي يلوذ به كل طالب حق لا مكانا لتصفية الحسابات الطائفية.
منقول
حسبنا الله ونعم الوكيل
المفضلات