وإذا بكرعوب يظهر من خلف الجنيات وهو يلقي عليهم بالتحية
والأبتسامة، ومن خلفه صوت أبن صاحب المزرعة نافع قادم إلينا.
- هههههه، أعتقد إنكم خائفين منهن.
- من تقصد منهن ؟
- هؤلاء هن العاملات عندنا بالأجر اليومي.
- مزارعات !!
- نعم، هن أنسيات ولسن جن ههههه، لكن لبسهن غريب بالنسبة لكم.
- والله أرعبونا البارحة.
- هههههه.
- نافع.. نافع ؟
- نعم محفوظ.
- لماذا يضعن قبعات طويلة ؟
- بداخل القبعة توجد قربة مملوءة بالماء ومصنوعة من
الفخار، وبينما هن يعملن بالحقل يرشفن القبعة بالماء كي تبقى القرب باردة.
- ما شاء الله، التكيف مع الطبيعة.
- ماذا تقول ؟
- التكيف.
- ماذا يقول صاحبكم ؟
- يقصد طارق، أنهن تلائمن للعمل والعيش مع ظروف بيئتكم.
- نعم نعم.
وإذا بصوت العم مهبوب يصلنا من الغرفة المجاورة.
- نافع ! نافع !
- نعم أبي!
- أعطي أبوأحمد وأصحابه الأفطار وقل لهم يجهزوا للتحرك إلي قبرهود.
- إن شاء الله.
- سمعت ماقاله الشايب ؟
- نعم سمعت، بسرعة شباب! أستعدوا للذهاب إلي منطقة قبر هود!
تناولنا الأفطار بمعية العم مهبوب، فطلب المساعدة من جيرانهم
لإصلاح سيارتنا المتعطلة، وإذا بها ساعة واحدة فقط
حتى تم إصلاح الإطارات المثقوبة. تحركنا بها، فجلس
العم مهبوب بجانبي في المقدمة، أما كرعوب فجلس في الخلف
بجوار الحكيم نعيم، وبقي طارق ومحفوظ بالوسط.
- عم مهبوب؟
- نعم أبوأحمد.
- لماذا كرعوب لا يستقر مكانه ! لاحظت إنه يتحرك منذ أن ركب السيارة.
- هو لم يعتاد ركوب السيارات، فهذه ربما المرة الثانية في حياته.
- إذا هو متعود على ركوب الحصان.
- أي حصان! هههه، مسكين كرعوب، قـل جحش أو حمار!
- مسكين !
- هل تناول الأفطار معكم ؟ فأنا لم أراه يأكل معنا.
- ربما أكل لوحده، إنه يأكل كثيراً وبجلافة، وهذا يحرجه.
- أها.
كان محفوظ يستمع لكلامنا، ولاحظت بالمرآة إن في وجهه
علامات الريبة منذ جلس كرعوب خلفه، فهو يراقبه
بإستغراب ويحدق فيه بين الفينة والأخرى !
- عم مهيوب !
- مهبوب ! مهبوب ! كم مرة أعيدها عليك يامحفوظ !
- أسف عمي مهبوب، لماذا كرعوب يخرج صفيراً وهو يتنفس؟
- أنا قلت لكم إنه معاق، فتخرج منه حركات قد لاتعجب الكثير.
- طارق، هل تتوقع كرعوب يدخل معنا الجبل أو يبقى بالسيارة ؟
- ربما يدخل مايدريك يامحفوظ، سبحان ربي حيث جعل سره
في أضعف خلقه أو أصغر خلقه .. نسيت المثـل بالضبط.
- أنا أعتقد إنه سيرعب الجن إذا رأوه.
- ههههه، حرام عليك يامحفوظ، الجن سيخاف من كرعوب.
فجأة ونحن على غفلة !
عطس كرعوب عطسة قوية وغريبة الصوت، فرمى بلعابه على رقبة محفوظ !!
- ماهذا !! ماهذا ؟
- هههه! ههههه !
- لاتضحك ياطارق، يخخ ! واع !! ماهذا الذي وقع على رقبتي !!
فمد محفوظ يده نحو رقبته ليتحسس ماذا التصق بها !
وإذا به يسحبها أمام الجميع وهي ملطخة بلعاب
كرعوب، فصرخ طارق ونعيم من شدة الضحك !!
- ههههه !! ههههههه !! ههههه ! ههههههه !!
وإذا بمحفوظ لم يحتمل الموقف ! فتطرش مرتجعاً مافي بطنه
من إفطار يكفي لأربعة أشخاص خلف ظهري !!





رد مع اقتباس

المفضلات