مباني شبه متلاصقة أخفت عن ناظرنا الشمس. أزقة ضيقة وحواري
طويلة، إننا في عالم قديم بأسلوب جديد، سبحان الله حيث علم الإنسان مالم يعلم.

- لوسمحت.
- تفضل أستاذ هل من خدمة.
- مساء الخير.
- مساء النور.
- لوسمحت، قبل أن يحين الليل، هل نجد سكناً في هذه العمائر ؟
- ممكن، كم عددكم ؟
- نحن أربعة فقط.
- أتبعوني.

سرنا خلفه، فدخل بنا من دهليز إلي آخر، ومن عمارة
إلي أخرى، حتى وقفنا أمام عمارة مكونة من ثمانية أدوار.

- أخ ماهو أرتفاع أعلى عمارة هنا في شبام ؟
- أعلى عمارة هو ستة عشر دور.
- ماشاء الله، تقريباً بأرتفاع خمسين متر، صح نعيم.
- أعتقد ياطارق، فالدور تقريباً ثلاثة أمتار.
- ممكن تدخلوا شباب كي تنظروا السكن.
- تفضل أنت أولاً.

كان محفوظ أخر من دخل، وكانت عيناه للخلف أي بإتجاه الحارة !

- ماذا بك يامحفوظ.
- شئ غريب أبوأحمد !
- وما الغريب .. أدخل محفوظ سنتأخر، نريد أن نصلي المغرب ونتعشى.

فدخل محفوظ وأختبأ خلف طارق.

- والله أبوأحمد كأني رأيت العجوز نفسها التي في سوق عدن.
- أي عجوز ؟
- العجوز المخيفة التي ضربها ولدها بائع التبغ.
- وأين هي ؟!
- كانت تنظر لي من بعيد ثم ذهبت ودخلت تلك الحارة.
- ربما أنت مشتبه.

فهمس طارق في أذن محفوظ.

- محفوظ !
- نعم طارق.
- عندي خبر يسرك.
- وماهو.
- أنا ألتقطت صورة للحارة، أعتقد العجوزالتي تمشي ببطئ موجودة بها.
- تتكلم بجـ..ـد !!
- لحظة أرجع الصور للخلف ونراها.
- نعم، والله إنها هي، أنظر أبو أحمد إنها العجوز الساحرة.

وما إن سمع الشاب اليمني الذي يصعد السلم الطيني كلمة
الساحرة حتى توقف ووجه انظاره إلينا بصمت !!! فسألته :

- نعم ماذا حدث ؟!
- لا.. لاشئ.. فقط أتبعوني، باقي دورين حتى نصل إلي غرف التأجير.

وإخيراً وصلنا إلي الغرفة طينية، إنها كبيرة وموحشة وغير
مريحة، ورائحة الشعر المحروق النتن تنبعث منها.


- هل عندك غيرك هذه الغرفة.
- فقط هذه المعروضة للإجار.
- بكم ؟
- بمئة دولار لليلة.
- كثير !!
- إنه سعر سياحي.
- وأين الحمامات ؟
- في أخر الدهليز، أمام المراوح.
- هل هي المراوح التي تصل بين المباني كالجسر ؟
- نعم.
- أشكرك.

قبل ان ينصرف الشاب ويقفل الباب، رمقنا بنظرة ثم ذهب.