فوضعت في يده عشرة دولارات.

- نعم تفضل أخي.
- ماهو تكوين المبنى، أقصد محتواه تفصيلاً.
- أخي الدورين الأرضي والأول لايستعملان للسكن، ففي
الأرضي غرفة صغيرة تفتح على الشارع تسمى (الضيقة)
وتستخدم كدكان. ويوجد في هذا الدور ممر صغير يؤدي إلى
سلم يرتكز على عمود يشكل دعامة المبنى الأساسية ويسمى
(عروس البيت)، ويؤدى السلم إلى الأدوار العليا من المنزل.
ويُبنى (العروس) في الغالب من الطين الذي يجصص بالرماد
لتقويته؛ وهو يمتد على طول ارتفاع المنزل وتبلغ مساحته في
المسقط نحو ثلاثة أمتار مربعة. وتستخدم بقية المواقع في الدور
الأرضي والأول كمخازن، ويخصص في الدور الأرضي
مكان لمبيت المواشي.
- توضيح جداً جميل أكمل أخي.- من الدور الثالث إلي مايليه،هي
المخصصة للرجال واستقبال ضيوفهم واحتضان أنشطتهم الاجتماعية.
وتتميز الغرف في هذه الأدوار باحتوائها على زخارف ونقوش
بديعة، وأعمدة خشبية رشيقة تنتصب في الوسط
- والله أنتم قمة في التنظيم الإجتماعي، أكمل حبيبي.
- تم تأتي الأدوار المخصصة للنساء وتسمى (المراوح)، وصُممت
بحيث تسمح للنساء بالانتقال إلى منازل الجيران عبر جسور ممتدة بين
المباني كما تسمح للرجال، في أوقات الحروب، بالتنقل من
مبنى إلى آخر دون الاضطرار للنزول إلى الشارع.
- ممكن أضيف كلمة أبوأحمد.
- تفضل محفوظ.
- النساء عندنا كل واحدة في غرفة ولانسلم من مشاكلهن، وأنتم
وضعتم الجسور بين العمائر، الله يساعدكم لو عندكم جارتنا أم عبدالله.
- نعم أخي ! من هي أم عبدالله.
- جارتنا بالخبر، أمي ماتلاقي وقت للنوم، لأنها كأنها المراوح ، ذهاب وأياب.
- ههههه، هههههه. صدقت كأنها مراوح، لهذا سميناها مراوح.
- هههههه، والله حكيم يامحفوظ، أنا قلت لكم شباب في طاقة
مدفونة في محفوظ لانراها إلا في الشدائد.
- أستاذ عندي سؤال.
- أنتهى محفوظ، الرجل يريد أن يذهب.
- فقط سؤال.
- تفضل أخي.
- أين يقع المطبخ.

محفوظ يضع أصبعه على رأسه مشيراً إلي فطنة سؤاله.

- المطابخ ! تقصد مكان الطبيخ.
- نعم.
- تصدق ! لم أسأل المعلم السياحي هذا السؤال، ولم يسألني
أحد من الأجانب عن المطبخ.. صحيح أين المطبخ.
- ههههههه، ههههههه، أحسنت محفوظ، أتحفت الرجل.
- طيب إخواني أنا أستأذن.
- ممكن ننام في احدى هذه العمائر، اقصد قابلة للإيجار.
- أعتقد يمكنكم ذلك، أذهبوا إلي الساحة الوسطى عند المسجد
وأسألوا أبوصالح صاحب البقالة، أعتقد سيفيدكم، أستأذن.
- نشكرك أخي.
- شباب، مارأيكم أن نأخذ جولة بين العمائر.
- نعم الرأي نعيم، يالله شباب.

بين العمائر الجميلة، أستعمر أنوفنا عبق الطين الذي خلط بنسيم الماضي
وإرث الأجداد.. جدران شاهقة الإرتفاع أتعبت رقابنا لنتأملها، وقممها
المكسوة باللون الأبيض أدهشتنا حتى لاحت للناظر من بعيد
وكأنها كعكة رشت بدقيق السكر.