1-9 متاهات برهوت
طريق سيـئون، الساعة التاسعة والنصف صباحاً.
- الحمد لله على سلامة محفوظ وتستاهلون الكبدة الطازجة.
- نشكرك أبوأحمد بالمناسبة هل الفلوس التي أعطانا شاهين كافية.
- أعتقد نعم، باقي عندي الفين دولار أمريكي، والناس هنا تتعامل بالدولار.
- وخاصة مع السائحين.
- نعم نعيم، لأنهم يستفيدون من صرف العملة.
- أبوأحمد حبيبي.
- حبيبي محفوظ، ماهو طلبك؟
- والله مع أني أشعر بالنعاس بعد هذا الفطور
الدسم، لكن لايمنع أن تحدثنا عن طريق البخور الذي أخبرتنا به.
- محفوظ ! أعتقد إنك بالغت في الأكل، أربعة أقراص على الفطور!!
- صحيح محفوظ !
- لاتصدقوا طارق، إنه يغير مني.
- هههه، أنا أغير منك، بل العكس أنا خائف على
صحتك، الفطور قرص واحد يكفي، أما أربعة فهذا نهم.
- شباب هو أبدأ الحديث عن طريق البخور أو لا.
- أبدأ أبوأحمد، على الأقل نقتل الوقت.
- أوكي طارق سأبدأ، أرجوك نعيم أريد شاي أخضر
بدون سكر لوسمحت.
- دقيقة ويكون جاهز.
- كان طريق البخور يمتد من سبأ مروراً بسيئون إلى نجد
والحجاز وبلاد الشام، حتى تصل القوافل المحملة بالبخور
والتوابل ومنتجات الشرق إلى دول أوروبا، وكان هذا
الخط يمثل دور مملكة اليمن القديمة في تطور التبادل التجاري
بين الشرق والغرب والجنوب والشمال حتى أسبانيا.
- وصلت تجارتهم إلي أسبانيا !
- نعم طارق، كانت اليمن مزدهرة وعظيمة في ذاك الزمان، إنه
تشبه روسيا وفرنسا في زماننا.
- تتكلم بجد أبوأحمد !
- نعم محفوظ كانت لديهم صناعة السيوف والخناجر وصناعة
الذهب والفضة والحديد والصناعات الحرفية والمنسوجات
وصناعة الاواني الفخارية حتى تحول اليمن الى مصدر رئيسي
الى دول العالم الخارجي.
- ماشاء الله، كل هذا في اليمن.
- والله اليمانيين طلعوا عظماء.
- محفوظ، لاتستهين بأي شعب، فكثير منهم كانت لديه حضارة
وتاريخ، لكن الظروف والفقر دفنت بعض الشعوب،
وخاصة الأعلام الحديث.
- صدقت أبوأحمد.
- أسمعوا هذه الإضافة.
- لحظة أبو أحمد، في أي تاريخ هذا الكلام، وفي عهد أي ملك.
- سأتكلم عن كل شئ، لكن أعطوني الوقت.
- تفضل.
- وسائل الإعلام في زماننا وخاصة البرامج الوثائقية لم تنصف
تاريخ اليمن القديم وخاصة طريق البخور كما فعلت مع طريق
الحرير، هل تصدقون إن اليمن مركزا ومَصدرا تموينيا لتجارة
البخور والمُرّ واللبان في العالم.
- ماشاء الله.
- هل تسمعني طارق ؟
- نعم.
- وكان ميناء عدن والمكلا حلقة الوصل بين البحر الأبيض المتوسط
وشرق آسيا وأيضاً القوافل البحرية المتجهة جنوباً إلي زنجبار
حتى رأس رجاء الصالح في جنوب أفريقيا، هل أكمل شباب.
- نعم أكمل.
- كانت ديانة سبأ قريبة جداً من الديانة البابلية بمجوسها وبعبادة
الكواكب وهذا عزز العلاقة بينها وبين بلاد بين النهرين ومصر، وأما
الالهان الرئيسان فكانا الإله القمر، والإله الشمس التي يتجه نحوها
السبئيون ليصلوا عند الفجر، والسبئيون مزارعون ماهرون وبناة
قلاع وقصور ذات هندسة معمارية متميزة، ومؤلفات فنية.
- كانت اليمن نقطة الاتصال بين الهند ومصر مثلاً منذ القرن الخامس قبل الميلاد.
- لحظة أبوأحمد، في ذلك الزمان كان الإنسان مخلوق ؟
- محفوظ، القرن الخامس عشر يعين ألف وخمسمائة سنة فقط.
- وماذا كانوا يعملون بالبخور، فقط للنساء ؟
- سؤال جيد محفوظ، كان يستعمل البخور في هياكل ومعابد العالم القديم.
وكانت حضرموت البلاد الوحيدة في العالم القديم التي كانت تنتجه.
فكان لزاماً على الناس ان يحصلواعليه منها ، وكانت اليمن مركز
هذه التجارة ، ومنها تنتقل اما بطريق البحر الاحمر اوبطريق
الحجاز ومن ثم توزع في اقطار العالم القديم.
- وماهو دور سيئون ؟
- كانت سيئون ياطارق والتي نحن متجهون إليها المكان التي
تجمع فيه غلات البخور وتنقل عن طريق وادي حضرموت
حتى تكتمل قافلة البخور إلي شتى بقاع العالم.





رد مع اقتباس

المفضلات