أنا جالس على الأرض أمام بائع الفخار.

- بكم هذه ؟
- عشرة دولارات.
- عشرة دو..!! أنا عربي، أنا لست أجنبي.
- هذا هو السعر، إن عجبك أو أذهب عند غيري.
- في ماذا تستعمل؟
- للطبخ والعمول.
- ماهي العمول؟
- لا أعرف، يقال المشعوذين يستعملونها.
- غريبة !!
- هل هي مصنوعة من الصخر.
- نعم، تسمى إناء الحجر، ُتدخل داخ التنور.
- أها.
- من أين ؟
- من جبل شوران.
- هل عندك أكبر منها.
- عندي، لكنها ثقيلة جداً.
- خذ هذا دولار لك مجاناً !!
- لي !!
- نعم.. لكن بهدوء أخفض صوتك وأنظر
خلفي هل ترى أحداً يراقبني ؟
- نعـ..م !!
- أخفض صوتك ! لاتجعله ينتبه لك !!
- نعم !! شاب عليه وزرا أسود.
- كيف يبدون وجهه، هل فيه علامة.
- نعم، أنفه مجدوع.
- شكراً.. خذ هذا دولار آخر، أنا سأذهب
لمجمع الحمامات التي أمامك، وإذا رأيته
يسير خلفي فأصرخ بأعلى صوتك، وكأنك تنادي أحداً.
- طيب، أعطيني الدولار.
- خذ.

وما إن مشيت خطوات حتى صرخ بائع الفخار
بأعلى صوته الذي أرعب المتواجدين، فتـشتت
ذهن المشبوه الذي يطاردني، فأنحرفت بسرعة
لليمين ودفنت نفسي وسط الناس، وخطوت سريعة حتى صرت بعيداً.

- الو..أبو أحمد، نحن عند الحمامات. أين أنت ؟
- أووفف .. آه آه.. طارق! بسرعة أتركوا مكانكم، أشك إننا مراقبين !
- ممن !
- لاتسأل، فقط تحركوا !
- أوكي .. سنتحرك، مابال صوتك.
- سأوضح لك لاحقاً، هل محفوظ ونعيم بقربك ؟
- لحظة أتأكد.. نعيم أين محفوظ !
- ذهب للحمامات.
- هل أخبرك بذلك.
- نعم، فلقد شرب ماءً كثيراً، وقال إنه سيتبول.
- الحمد لله، نعيم هنا ومحفـ..و.

وإذا بصوت صراخ وأستغاثة تصدر من منطقة الحمامات.

- أبوأحمد !! إنه صوت محفوظ !! إنه يصـ.. سأذهب للحمام.

فجريت بسرعة إلي منطقة الحمامات، وما إن
وصلت حتى رأيت أزدحاماً، فدخلت بينهم
بسرعة، وإذا بي أرى طارق ونعيم يفترشان
الأرض، ورأس نعيم في حجريهما، إنه
شبه عاري من الثياب!! وصوت بكائه قطع قلبي.

- ماذا حصل له !!
- العجوز !! العجوز !! تأكل يدها !!
- أهدأ محفوظ.. أذكر الله، أنا معاك أبو أحمد.

فحاولت أن أهدئ من روعه، لكن الهستيريا
أخذت منه مأخذاً، فأحتضنته، فنظر إلي وجهي
حتى عرفني وبكى حتى الثمالة دون توقف.

- لاتتركني !! لاتتركني، العجوز دخلت الحمام !! ستأكلني .. ستأكلني.


فصفعته أسفل رأسه حتى أغمي عليه، فحملناه في تاكسي ورجعنا به للفندق.