وإذا بالفتاة تصرخ في وجهنا مرة أخرى.
- أنتم يا أغبياء كيف تدخلون بدون أذن.
- من أنت، ولماذا تصرخين في وجهنا
وكأنك صاحبة المنزل.
أبومراد وشاهين وباقي الشرطة ينزلون
إلي الأسفل عبر السلم، وإذا بصوت الضابط
يصل قبلهم وهو يخطو خطواته ببطء.
- أنت يافتاة، من سمح لك بأن تسكني في بيت غيرك.
- إنه مهجور، أين تريدنا أن نذهب، ننام في الشارع.
- هذا هو صاحب المنزل، وهؤلاء أصحاب إبنه
جاؤوا ليأخذوا حاجياتهم.
- حتى وإن، نحن سكنا هذا البيت منذ فترة، وأي
شخص يتعدى علينا سوف ينال عقابه.
- كم عمرك يافتاة.
- أربعة وعشرين.
- شكلك لايدل على ذلك.
- نعم أنا قصيرة وكأني صغيرة !!
- لاترفعين صوتك، أنت غير مؤدبة.
- كيف تريدني أن أسكت وأنتم تعتدون على حرمة
البيت، هذه العجوز مريضة ولاتستطيع المشي، وأنا
يتيمة مع أختي الصغيرة وأخي الرضيع، ودار الأيتام
لم يقدم لنا خدمات لأننا بدون هوية وطنية.
بدأت الفتاة بالبكاء، فتدخل أبومراد.
- أخي الضابط، لاداعي لعمل المشاكل، نحن
متنازلين عن حقنا، فقط سنأخذ بعض الحاجيات، وسندعهم يسكنون هنا.
فسقطت الفتاة على أرجل أبومراد لتقبلها .
- أشكرك عمي أشكرك، والله لا أعرف كيف
أشكرك، أنا أعمل وأتعب، والله أني لا أرجع
إلا بعد التاسعة، وكل هذا من أجل لقمة عيش
لهذه العجوز وإخوتي اليتامى.
- أبو أحمد !
- نعم أبو مراد.
- هيا بنا، ليس لدينا وقت، لنأخذ حاجيات مراد ونذهب لنرتاح.
- إن شاء الله، فقط أمهلني بضع دقائق، أنا أريد أن أتأكد.
- من ماذا ؟
- لاشئ، فقط خمس دقائق.
إذا بنا نلمح بلل في أرض الصالة، وإذا قبل
باب المطبخ بالضبط، غطاء مكسور.
- أنظر أبو أحمد..الرائحة كانت تنبعث من هنا.. إنها المجاري الفائضة.
- نعم صدقت، فالغطاء مكسور.
- نعيم، طارق أقتربا مني.
- نعم أبو أحمد.
- هل ترون ما أرى ؟
- هنا مصدر الرائحة ، وهذه هي الفتاة
والرضيع، والعجوز نفسها التي بالأعلى ، ولكن
كيف رأينا عيونها خضراء!! لنسأل الفتاة.
- أنت يافتاة، فقط سؤال.
- ماذا تريد ؟
- لقد رأينا بالظلام عيني خالتك العجوز خضراء، كيف هذا !؟
- لقد كانت خالتي تضع قطع من الخيار فوق
عينيها، تقول إنها رأت ذلك في برنامج بالتلفاز.. لتقوي نظرها.
- وما سر الأربعة الذين كانوا يمشون معنا بالدور العلوي.
- أذهبوا فوق وسوف تعرفون.
فصعدنا السلم ومشينا حتى وصلنا إلي الممر
الضيق الذي كنا به، وإذا بـمرآة كانت تغطي
كامل الجدار من جهة الشمال، أي كنا نمشي
وعكس صورتنا تمشي معنا، وهذا ما أرعبنا.
- شباب، الأن أتضحت كل الأمور تقريباً.
وفجأة سمعنا صراخاً قوياً يصدر من غرفة مراد !
- أووه، إنه صوت محفوظ !! لقد سمعنا محفوظ بغرفة مراد.
فدخلنا بسرعة غرفة مراد، وإذا بالعجوز المسكينة، كانت
تنظر إلي وجه محفوظ الذي كان على وشك
أن يفيق من وعيه، وأول ماشاهد هو وجه
العجوز المبعثر ، حتى سقط مغشياً عليه مرة آخرى، فسألتنا العجوز.
- إن وجه صاحبكم هذا كبير جداً، يذكرني بشخص توفى رحمه الله.
المفضلات