- أسمع عزيزي، سأتكلم بجدية كي تصل المعلومة
للجميع، لعل الفائدة تصل إلي عقولكم النيرة.
هل أنتم مستعدون لسماعي.
- نعم أبو أحمد !!
- أعزائي، هوايتي الأولى والأساسية، هي
قراءة العقول، وقبل أن يسأل أحد ماهي
قراءة العقول، سأشرحها بطريقة سهلة.
أنت معي محفوظ.
- نعم أبو أحمد.
- العـقل كـنبع الماء، يأخذ ويعطي، فالنبع
أو البئر يصلها الماء بواسطة عروق في
أسفلها كغذاء، ويأخذ الناس فائضها من رأسها
وعينها، ثم يخرج الزائد على هيئة أنهر ثم
يتحول إلي جداول، وأخيراً يقف إلي سدود
ومستنقعات.. معي محفوظ ؟
- نعم أكمل معك !
- كذلك العقل عزيزي، العقل يأخذ غذاءه من
عروق المعرفة والنور والحكمة، وهي من
أهل العقل، كالأنبياء والصالحين والحكماء
ومصدرها رب السماء، ثم تخرج المعرفة
من رأس صاحبها بواسطة اللسان كما هي
عين البئر في الماء، فيصب الكلام إلي عقول
مستمعيه زلال، والباقي من العلم والحكمة
تصب في قوالب الأوراق والكتب ، كما في
الأنهر في سيل الماء، وأما الجداول، فهي
الكلام المنقول والمتواتر من الفم أي البئر
إلي آذان الأجيال القادمة، أي كمن يشرب
ماءً منقولاً بواسطة جربة، وأخيراً الماء
الراكد والضحل في المستنقع ، فهو يشبه
العلم الواقف المخزون دون فائدة تنقل أو
مسألة تستـشكل.
- ماشاء الله أبو أحمد، قصدك تقرأ من العين مباشرة.
- نعم.
- إذاً أنت قارئ عقول، مثل عقل من؟
- إن شاء الله نعيم، مثلاً عقل الفيلسوف المصري
مصطفى محمود ونيتشا، وسقراط ، وأفلاطون،
وقبلهم وأفضلهم الأنبياء والصالحين.
- وهل يوجد عقل لم يقرأ بعد.
- نعم.
- مثل من ؟
- عقل داحي الباب.
- من داحي الباب ؟ أول مرة أسمع بهذا الأسم.
- هو القائل العقول أوعية، أفضلها أوعاها،
وهذا شاهد على كلامنا السابق.
- هل عقله صعب القراءة إلي هذا الحد .
- وهل تعتقد من هو في حد عقلي الفقير
يقرأ عقل داحي الباب الغزير.
- لقد آخذتني بعيداً أبو أحمد، والله كأني
سافرت إلي عالم آخر من العلوم، تشرفت
بمعرفتك أبو أحمد.
- أشكرك نعيم، أنا فقط قارئ، يرمي بما قرأه
في جعبة غيره، هل فهمت يامحفوظ مادار بيننا من حوار.
- نعم.
- ومافهمت ؟
- إن العقل أهم شئ بالجسم، أهم من المعدة
نفسها، وهو يدير الباقي.
- شباب، يجب أن نستفيد من وقتنا قبل الوصول
إلي مطار البحرين.
- تفضل ياغالي.
- أشكرك طارق.
- عقولنا مع الأسف لاتستهلك، والأنسان يموت
ويدفن ولم يستهلك إلا واحد في المائة من ذاكرة عقله.
- فقط !!
- نعم طارق، عقولنا شئ لاتصل إلي مداه، هو
هبة الله للبشر، في أعتقادي أنا ، تخيلوا أن نغطي
الكرة الأرضية والشمس والقمر بأوراق ونكتب
بها معلومات، هذا هو عقل الإنسان.
- أبو أحمد، أنت تبالغ.
- نعيم، والله لا أبالغ، ولاتقل أن عندي ملكة إني حفظت
أو قرأت، فالناس سواسية، ويمتلكون نفس
العقل، لكن المشلكة تكمن في البيئة المحيطة
بالعقل، مما يؤثر على صاحبه، فيصيح مستهلكاً
لعقله أو كسولاً ذابلاً.
- مثلي أنا صح.
- لا والله، لم أقصد ذلك محفوظ، أنت تستخدم
عقلك في الأكل والشرب والمشي والكلام، صح ؟
- نعم، إذا أنت تستهلك عقلك.
- وأنا أعتقد إن حتى الجن أعطيت عقلاً خاصاً بها.
- لا أعتقد أبوأحمد، أنا أخالفك الرأي.
- عزيزي طارق، أنت تؤمن بالقرأن.
- أكييد !!
- هل تتذكر إن ننفر من الجن أستمعوا للنبي صلى الله عليه وآله.
- نعم.
- هم أسلموا لسماعهم كلام الله، وغيرهم لم
يسلم ، إذا هم شغلوا عقولهم وحركوها، وغيرهم
دفن عقله بالتراب كي لايعرف ولايريد أن
يعرف، وهكذا الحال مع البشر.
نعم صدقت.
المفضلات