نحن وبمجرد أن سمعنا تهديدها، حتى كادت قلوبنا
أن تسقط على الأرض، وإذا بمحفوظ يسحبني من
خلفي بأطراف أصابعه وهو يتأتأ:

- ماذا عندك ؟
- أبو أحمد، أنظ..ر للـ...خـ...لف، طارق يقول إن نعيم أختفى.
- كيف !!
- نعـ...م أختفى.
- أين ذهب !
- أنا خائف أبو أحمد، لا أستطيع أن أحرك أقدامي،
والله خائف، أحس بالبرد الشديد يدخل عظمي، أريد
أن أذهب إلي الحمام، أصابني الأسهال.
- هل تتكلم بجد ؟
- نعم، أريد الحمام ! أنا خائف.
- أصبر قليلاً، أفضل حل إنك تفكر في صديقك
خالد، وفي الصالة الرياضية بالدمام وستنسى.
- سأموت من الخوف.
- الحمد لله، هاأنا أرى ملامح السلم، سنصعد إلى الأعلى.
- ونعيم ؟
- يجب أن نواصل المشي، قريباً سنصل إلي غرفة مراد.

- هل يوجد مفاتيح لإنارة المصابيح.
- لا أعرف أنا مثلك لا أرى شيئاً.

وفجأة أرعبنا ظهور نعيم مرة أخرى خلف طارق !

- طارق !! أبو أحمد !! محفوظ !!
- أبو أحمـ..د، إنه ينادي محفـ...و
- طارق..هل هذا نعيم؟ أم شبح متنكر ؟
- لا أعـ.. رررف، سأمـ...وت.. أنا خــ..ائف.
- كيـ..ف لاتعـ....رف وتدعه يمشي خـ..لفك، أسأله.

وإذا بنا نسمع وكأن صوت طفل يبكي، فوجهنا حالاً
المصابيح عليه، وإذا بطفل متسخ .. تملأه القذارة
.. يحبو قرب باب كان عن يميننا، وفجأة !!
يا الله .. ظهرت فتاة شعرها أسود طويل، ركعت
نحو الأرض والتقطت الطفل، ثم رفعت رأسها
نحونا ، فوجهنا جمعينا مصابيحنا الأربعة نحوها، فرمتنا
بنظرة حادة وعيون واسعة جداً.. حيث لمحت الكحل
المبعثر في عينيها، ثم أصدرت صوتاً قويا نحونا :

- تـفووو.. عليكم ياكلاب ياخنازير !! ثم أختـفت عن أعيننا.

نحن وكأن عقولنا طارت.. وصراخ محفوظ القوي
المرعب جعل منا صواريخ فضائية، حتى أصبحت
أرجلنا تجري كجري الضبي من شدة الخوف
، وأجسمانا أصبحت خفيفة كالريشة، فأسرعنا الطلوع
إلي الدور العلوي في ثواني، ولم نكن نصدق كيف
وصلنا بهذه السرعة.

وإذا بنا نسير في ممر ضيق !! وشعرنا بإن مجموعة
من الأشباح تمشي متوازية معنا !! نحن نمشي ، وهم
يمشون بجانبنا، وكأننا في خط متوازي، وهمس محفوظ في أذني:

- الله يسـ..تر أبو أحمد، أررربـ..عة يشبهونـ..نا تمامـ...ماً،
ويمشون معنا، أرجوك سأسقط على الأرض !! أرجوك.
- محفوظ !!!



سقط محفوظ فاقداً الوعي، وإذا أمامنا عجوز بيدها
عصى، واقفة تنظر نحونا، وكأن عيونها دوائر
خضراء، وشعرها أحمر كالدم، ولقد شاهدناها
جميعاً فنظرنا إلي بعضنا، أنا ونعيم وطارق، ومحفوظ
مطروح أرضاً بيننا، فلمحنا باب عن يميننا، فصرخت بقوة.

- بسرعة !! بسرعة أسحبوا محفـ..وظ وأدخلوا الغرفة !!

فدخلنا الغرفة التي عن يميننا في لحظات.. وأغلقنا الباب بسرعة رهيبة !!

- أووفف.. أووفف.. الله يستر، لا إله إلا الله
، لاتخافون شباب، ستأتي الشرطة الأن، أعتقد أني أتصلت بهم، هل تذكرون.