التطور العمراني في صفوى
صفوى لم تعد تلك القرية الصغيرة التي وصفها الرحالة الغربي لوريمر بأنها قرية مسورة تتكون من 350 منزلاً ، ذلك في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي أما اليوم فهي مدينة متوسطة الحجم تقدر مساحتها الأجمالية بـ 70 كيلومتر مربع وتضم أكثر من 7000 وحدة سكنية ومبنى ويقدر عدد سكانها بحوالي 40000 نسمة حسب متوسط الأحصائيات.
وقد تغيّر وجه المدينة كثيراً منذ منتصف السبعينات ، وازدادت حركة العمران والتوسع الأفقي بخطى حثيثة منذ بداية الثمانينات ، حيث ساهمت إيرادات النفط المرتفعة ومنح القروض والتسهيلات سواء التي تمنحها شركة ارامكو أو تلك التي كان يوزعها صندوق التنمية العقاري ، ساهم في تنامي المساحات العمرانية في المدينة.
وقد تضاعف حجم المدينة خلال العشرين الماضية أكثر من عشرين ضعفاً ، فقامت مخططات وتوسعت أحياء واتسعت حركة العمران ، وصاحب ذلك قيام نشاط اقتصادي ملحوظ ، كما استقطبت المدينة أعداداً كبيرة من العمال السعوديين الذين يعملون في مجالات مختلفة او يشتغلون في الشركات القريبة من المدينة ، وكذلك عدداً من المتعاقدين العرب الذين يعملون في الصحة والتعليم وغير ذلك. كما استقطبت المدينة عدداً كبيراً من العمالة الوافدة التي جاءت لطلب الرزق ، والعمل في مختلف المرافق الاقتصادية.
ومن الأحياء الجديدة والتي أقيمت منذ نحو 20 عاماً وتوسعت منذ ذلك الحين :
حي الخياطية ، حي الصولية ، حي برزان ، حي البدرية ، حي المسبحية ، حي النادي ، حي حزم صفوى ، وقد شهد أكبر مجالات التغير ، حيث تبدلت بيوت الصفيح والمخططات العشوائية التي كانت تطوق المدينة الى مخططات حديثة وبيوت مسلحة ، وارتفع بشكل صاروخي اسعار الاراضي والعقارات في هذه المنطقة أمام حركة شراء متنامية ، حيث يصل سعر المتر المربع من الارض في هذا الحي الى نحو (500 – 600 ريال).
كما أقامت شركة ارامكو عدداً من الأحياء لموظفيها تشغل ما مجموعه 1544 وحدة سكنية بمساحة إجمالية تصل الى (1.389.600 متر مربع) ومن هذه الأحياء : حي مدينة العمال (1-3) ، وحي المطافي ، وحي الزهراء ، والمدينة الحجرية ، والهلالية (والثلاثة الأخيرة أسمتها ارامكو : حي العروبة) ، وقد ساهمت أحياء ارمكو في إعطاء طابع عمراني متقدم لهذه المدينة حيث تتسم أحياؤها بجمال التصميم وروعة البناء وتكامل الخدمات الأساسية من مياه وكهرباء وهاتف وصرف صحي ، كما تتصف مخططات ارامكو بتواجد الخدمات الضرورية كالمسطحات الخضراء والحدائق والمدارس والاسواق والاماكن المحجوزة لإقامة المساجد.
المؤسسات الإجتماعية في صفوى:
مع هذه الطفرة كان لا بد من قيام مؤسسات أجتماعية ترعى القضايا الإجتماعية وتستجيب لاحتياجات السكان. ومن بين المؤسسات الاجتماعية في صفوى :
1- مهرجان الصفا للأعراس (الزواج الجماعي) .من أكثر المؤسسات الأهلية والاجتماعية نشاطاً في مدينة صفوى مهرجان الصفا للأعراس ، والذي جاء لتحقيق مزيداً من التكاتف والتآلف والتعاون بين أهالي البلاد بالاعتماد على إمكاناتهم الذاتية والدعم المعنوي من مؤسسات البلاد الحكومية والأهلية المختلفة .
فالمهرجان ليس مؤسسة يقصد منها تخفيف الأعباء المالية على المتزوجين وفقط بل هو صرحٌ عمل اجتماعي متكامل تتظافر فيه كل الجهود الشابة والخيرية من عملية بناء المخيم حتى آخر تفاصيل الحفل والزفة مروراً بالضيافة والزينة كم كان المهرجان ولا يزال ملتقاً خيراً لاكتشاف الطاقات الشابة وتفجيرها في شتى المواهب الإدارية والفنية بل والثقافية كما أن المهرجان منبراً عظيم لإثراء الحركة الأدبية في مجال الشعر والنثر والمسرح ليس على مستوى الطاقات المحلية وفقط بل وعلى مستوى الخليج ككل فقد استضاف أدباء وشعراء وكتاب من شتى دول الخليج وخاصة البحرين والكويت ناهيك عن منطقتي الأحساء والقطيف .
وعلى هامش المهرجان أقيمت عدة برامج ثقافية واجتماعية لتعزيز الحالة الاجتماعية والثقافية في المنطقة وكان من أبرز المشاريع وأنجحها معرض التراث الشعبي في المهرجان السادس ومعرض المؤسسات الاجتماعية والثقافية في المهرجان الثامن .
وباحتفال صفوى بمهرجانها الحادي عشر (17 ربيع اول 1420 هـ 1/7/1999) يكون المهرجان قد زفّ أكثر من 570 عريساً وعروساً .
نادي الصفا الرياضي تأسس نادي الصفا الرياضي بصفوى في العام 1368هـ (1947) ويصنف ضمن أندية الدرجة الثانية ، ويمتلك حالياً استاداً رياضياً مجهزاً بأحدث المعدات والصالات ، بينها صالة مغلقة للألعاب ، وخلال السبعينات ارتفعت اسهم النادي بسبب إنجازات اعضائه الرياضية حيث حقق فريق النادي للسباحة بطولة المملكة لعدة دورات وحافظ على الصدارة حتى منتصف الثمانينات ، ولايزال في صدارة الفرق السعودية في السباحة.
كما حاز لاعبو النادي على صدارة الفريق الوطني للسباحة والذي حقق معظم بطولات الخليج وحقق مكاسب رياضية على الصعيدين العربي والعالمي.
ومن أبرز السباحين السعوديين :
علوي مكي ، فاخر الداوود ، صالح عجاج ، أنور صالح ، فائق المحسن ، وجميعهم من نادي الصفا الرياضي بصفوى.
كذلك برز النادي في كرة الطائرة واليد والسلة والعاب الدفاع عن النفس.
2- جمعية الصفا الخيرية للخدمات الإجتماعيةتعتبر جمعية الصفا الخيرية للخدمات الإجتماعية ، أول جمعية خيرية سعودية ، حيث تم إنشاؤها في العام 1376هـ (1955) بيد أنها لم تسجل رسمياً الا في العام 1383هـ (1962) وقد أرّخ الخيب الصفواني الشهير السيد هاشم بن شرف المير وهو والد الخطيب المعاصر السيد جعفر المير تأسيس الجمعية في قصيدة القاها بتاريخ 17 ربيع الأول 1381هـ جاء فيها :
لنيل المعالي يابلادي تقدمي ففـضــل الفتى ياقومنا بالتقدم
فهبو لنيل المجد إنّ منــاله هو الشرف العالي لدى كل آدمي
إلى أن يقول :
فتلك لكم جمعية الخير أسست لرحمة مسكين وإنعاش معدم
وقد تم تسجيل الجمعية لدى وزارة العمل والشؤون الاجتماعية برقم (7) وتضم الجمعية مجلساً للإدارة يتولاه رئيس منتخب من قبل اعضاء المجلس الذين ينتخبون كل عامين من قبل الجمعية العمومية وهم عموم المشتركين الذين يسددون اشتراكاتهم.
وقد تبوأت جمعية الصفا مكانة مرموقة ، فحازت على صدارة الجمعيات الخيرية السعودية في اعداد المشتركين ، ونشطت ادارتها في تنفيذ عدد من الأعمال المهمة التي استفادت منها البلاد ، بينها :
- تأسيس روضتين للأطفال.
- تأسيس مستوصف متكامل الخدمات ، يقدم العلاج الراقي لأهالي المنطقة ، ويقدم العون والمساعدة للأسر المحتاجة.
- لجنة خدمة المجتمع ، وتتولى تنظيم الدورات الدراسية ودورات لتعليم الحاسب الآلي للفتيان والفتيات من مختلف الأعمار بالتعاون مع أحد معاهد الكمبيوتر في المنطقة الشرقية ، كما رعت دورات متقدمة يحصل بعدها المتدرب على شهادة دبلوم في الحاسب الآلي. كما تنظم اللجنة دورات تقوية للطلاب والطالبات بهدف تقوية مستواهم الدراسي.
- اللجنة النسائية ، وتشرف على اعمال خدمة المرأة في صفوى حيث تعقد الدورات التعليمية والتدريبية في الخياطة وتعليم التفصيل والآلة الكاتبة والأعمال النسوية.
- بالاضافة للدور الاساسي الذي تنهض به الجمعية وهو مساعدة الفقراء والمحتاجين ، حيث تقسم الجمعية مساعداتها الى دائمة وطارئة ومساعدات صحية ورمضانية وكسوة العيد والحقيبة المدرسية بالاضافة الى تقديم العون الاجتماعي في تمديد المياه وترميم المنازل واصلاح بيوت العبادة والاماكن العامة.
- لجنة العلاقات العامة ، وهي لجنة حديثة أسسها الراحل سعيد آل ابراهيم بهدف تطعيم مجلس الإدارة بكوادر اجتماعية من مدينة صفوى تحظى بثقة المجتمع وتكون مساند رئيس لمجلس الادارة في اعماله من حيث التعريف بالجمعية وتقديم انجازاته ونقل تصورات الاهالي اليها وحث الأفراد على الاشتراك وتقديم العون المادي والاسهام في الاعمال والنشاطات التي تقوم بها الجمعية.
وقد نظمت الجمعية خلال الثلاث سنوات الاخيرة سوقاً خيرياً في شهر رمضان المبارك استقطب اهتماماً ملحوظاً من قبل الاهالي وابناء المدن المجاورة ، ويذهب ريع السوق لدعم مشاريع الجمعية.
وخلال العام 1998 قدمت جمعية الصفا نحو مليون ومائة وعشرة آلاف ريال (1.110.800 ريال) لمساعدة الأسر المحتاجة كما قدمت مساعدات بمناسبة شهر رمضان في نفس العام بلغت 62.280 (إثنان وستون الف ومأتين وثمانين ريالا).
- وقد تناوب على رئاسة الجمعية عدد من ابناء صفوي المشهود لهم بالحكمة والإدارة والكفاءة منهم :
- عبد العظيم الصادق.
- حسين فريد
- علي عبد الكريم المسلم.
- علي العالي.
- سعيد الأحمد.
- احمد الاحمد
- سعيد الشرفاء ابو جميل
- حاليا علي الموسى
3- لجنة كافل اليتيم
4- نادي الصفا الرياضي :
في طليعة أندية المملكة في السباحة والطائرة وألعاب القوى لعدة سنوات.
5- صندوق الزواج الخيري
6- اللجنة الثقافية
7- المنتدى الأدبي الثقافي
8- لجنة أصدقاء القرآن
9- جمعية التراث الشعبي
كما أن هنالك العديد من المجالس العائلية في البلاد والمؤسسات التي تعني بالمرأة والطفل .
صفوى في الشعر المعاصر
قصيدة للشاعر / السيد عدنان العوامي
أيا ألقاً ينهلُّ فوق ربى صفوى
إذا ارتبت في أمري فعفوَ الهوى ، عفوا
أجيئُكِ مشحوناً بنبض مشاعري
ودفء صباباتي. وتحسبها دعوى
أتنكِرني وجهاً عليه ظلالها
أتجهلني جفناً على طيفها يُطوى
وعاطفةً مجبولةً من بهارها
ومن صيفها الأوفى ومنهلها الأروى
ومن نخلة مفتونة بدلالها
ومن لوزة سكرى وسوسَنة نشوى
فرفقاً إذا قبّلتَ رمل طفوفها
وعانقت في أحضانها النخلَ والسّروا
ولامستَ كثباناً بها مشرئبةً
تُهدهدُ فيها العطر والدفء والصحوا
فإن بها ظلاً لطبفِ حبيبتي
وأخشى عليها الضوء يوقظها سهوا
* * *
ألم ترها يوماً تسرح شعرها
بداروشَ كالموال مسترسلاً حلواً
تُريقُ دموع الليل فوق ضفافه
تسلسله. ترخي ضفائرَه زهوا
تهدهده . ترعاهْ تحت ردائها
وتَغفَلُ أحياناً فتنشره رهوا
وتنساه مسفوحاً . وأبقى مشرداً
أدافع أشواقي . أحاذر أن أروى
* * *
فيالَهوى المفتون يضرى جُنونُه
إذا أفلتت كفيه راحةُ من يهوى
ويا ولهاً صغناه من عِشقِ تينةٍ
(ببرزان) سلسلناهُ في ظلها شدوا
وعشقاً ترشفناهُ من مزن غيمةٍ
(بجاوان) أرضعناه من طهرها تقوى
ومن موجة تحت الشراع مشوقة
إذا أحتضنت تلك الضفاف بكت شجوا
* * *
وتعجب من خوفي عليها وغيرتي
أتعشَقُها مثلي؟ أتهوى التي أهوى
لعلك لو تدري بما يستفزُّني
إلى أرض أحبابي ، تقاسمني الشكوى
ألم أكُ ذاك الطفل يحثو ترابها
على رأسه شمساً ، ويستفُّه حلوى
ألم أجرِ مبهور الخطى في دروبها
ألم أطو ، مفتوناً ، أزقتها عدوا
أما حفيت رجلاي في ربواتها
أما مجلت كفاي في سِيفها لهوا
غداة أسّفُّ الرّمل أبنيه خيمةً
أطرزُ للأحلام في ظلها مأوى
فتسبقني الأمواج تسرق خيمتي
وتترك لي الأصداف والرمل والمروا
أتحسبني أنسى ملاعب صبوتي
متى نسي العُشاق ؟ أو (ألفوا السلوى)
(معاذ الهوى) فالحبُّ مازال في دمي
ضجيجاً ، وفي أذني من بوحه نجوى
هوى بين أضلاعي لظلِّ نخيلها
وجدولها الأدنى ، ونجمتها القصوى
(لماجيةٍ) تستنشقُ الضَّوء ، بَّرةٍ
تجود على الأضياف بالمَنِّ والسلوى
وحوريَّةٍ مازِلتُ أحضنُ وجهَهَا
بذاكرتي حرزاً وأشربه محوا
أخبئهُ نبضاً وراء هواجسي
رسيساً بشرياني أحسُّ به يقوى
وأذرف آهاتي ، تلف سوارها
وتغسل عن خلخالها العَنَم الأحوى
تمنيتُ لو كانت حياتي قصيدةً
أغني بها أهلي أغني بها صفوى
* * *

يتبع