ربي يسلمكم وينور دربكم
يعطيكم العافيه
.
... التشييع ...
(( أنا راحل ٬ وثقوا إنكم ستلحقون بي ٬ ولا تتصوروا أن الموت خلق لغيركم ٬ عجباً لكم تشاهدون الموت
ولا زلتم غافلين ))
لما انتهت الصلاة حملوا جنازتي على أيديهم ٬ ومرة أخرى بعثت صرخات الشهادتين الطمأنينة في نفسي ٬
ولعلاقتي بجسدي أمسكت بأعلى الجنازة وأخذت أسير معها .
لقد كنت أعرف المشيعين جيداً ٬ مجموعة أمسكت بقاعدة ال تابوت ٬ وأخرى تمشي خلفه ٬ كنت أسمع
أصواتهم وأحاديثهم ٬ حتى أن باطن الكثير منهم قد انكشف لي ٬ ومن هنا قد اعتراني السرور لحضور
البعض ٬ فيما كان حضور آخرين يؤذيني حيث كانت الرائحة الكريهة المنبعثة منهم تعذبني ٬ كنت أرى
بعضهم على هيئة قردة في حين كنت أحسبهم في الدنيا من الصالحين . من جانب آخر نظرت إلى أحد
معارفي فداعبت روحي رائحة العطر المنبعثة منه ٬ وقد كنت في الدنيا لا أكنّ له الاحترام وذلك للبساطة
الطاغية على ظاهره ٬ وربما أسقطته في عيني غيبة الآخرين له وو .... كان التابوت يسير مرفوعاً على
أكتاف الأصدقاء وك نت أرافقهم والقلق من المستقبل يهيمن عليّ .
لوقت الذي كانت ألسنة الكثير من المشيعين تترنم بنداء ( لا إله إلا الله ) كانن اثنان من أصدقائي يتهامسان
فيما بينهما فدنوت منهما وأنصت لحديثهما ٬ واعجباً ! متى تستيقظان من غفلتكما ؟ أتتحدثان عن معاملة
وصكوك مرفوضة وأ رباح و ... ؟ كان من الأفضل أن تفكرا في هذه اللحظات بآخرتكما ٬ بذلك اليوم الذي
سيحل عليكما وينقض عليكما الموت ! إذ ستنقطع أيديكما عن الأرض والسماء وتغلق صحيفة أعمالكما
وتطلبان الفرصة مثلي ٬ حينها لن تحصلا على الإذن بالعودة وستعضان على أيدي الندامة : يا ليت نا قد فكرنا
بهذه الدنيا الباقية في تلك الدنيا الزائل ة.
أيها الأصدقاء ! إنني أدعو لكم أن تعمر دنياكم وتكون آخرتكم أكثر عمراناً ٬ ولكن أقسم عليكم بالله أن
تستيقظوا من غفلتكم وفكروا جيداً ٬ وإذا لم تفكروا بي ففكروا بآخرتكم على أقل تقدير ٬ فكروا بذلك اليوم
حي ث ستلتحقون بي . امضوا هذه اللحظات بذكر الموت ٬ فإذا لم تفكروا بالموت هنا ٬ فأين ستعودون إلى
أنفسكم ؟ كأن الموت لم يخلق لكم ؟ عجباً لكم تنظرون إلى الموت ولا زلتم غافلين .
وهنا توجهت إلى أهلي وعيالي قائلاً :
أيها الأعزاء ! لا تغرنكم الدنيا كما غرتني ٬ لقد أجبرتموني على جمع الأموال التي لذاتها لكم وتبعاتها علي .






رد مع اقتباس

المفضلات