;[الســـلام عليكم ..
:

بورود الربيع أحييكم فيــ فصلالشتاء,,لعلها
ترسم على ~ وجوهكم طيف أبتسامة يجعل يومكم
هذا أكثر جملا و دفئاً .. أملهً أن تكونوا
جميعاً في صحة وعافية
قصة قصيرة هي هذة نسجت من فكرة واحدة
ولقد { أخترتها لكم اليوم متمنيةً أن تنال إعجابكم
(( شاركت بهذة القصة من قبل في منتدى أخر ))

تفضلــــــو :
بين ظلال الدهاليز

بينما يبتعد سائق الأجرة و يفسح المجال لناظرّي
استطعت أن أرى تقاطع الشارع الضيق الذي أقف في وسطه
على يميني طريقٌ صغير يؤدي إلى قريتي المسقفة بالدهاليز من كل جانب
و ذكريات طفولتي التي لا تخلو من نسمات البحر الرطبة
وعلى الجهة الأخرى طريقٌ رصف حديثاً لتسهيل الوصول إلى مسجد القريةِ الجديد.
اتجهت بخطاي إلى الطريق المؤدي إلى قريتي
الحبيبة , مازلت أذكر كيف كنت أعتلي ظهر أخي الأكبر محمد
بينما نمشي بين الدهاليز المؤدية إلى المدرسة
و التي طالما تخيلتها فم حوتٍ كبير يلتهم كل من يدخل فيه
فكنت أبقى مغمضتاً عينّي خوفا ً إلى أن نصل .
لطالما كرهت المدرسة و اعتقدت أن ما تعلمني أمي إياه كافٍ ,
فأنا أفضل العب و قضاء الوقت مع إخوتي على الدراسة و تحضير الواجبات .
دائماً ما كانت ألعابي المفضلة بالقرب من شاطئ البحر ,
فكم أحببت أن أغمر قدمي الصغيرتين بمياهه الدافئة ورماله الرطبة .
كم من القصور والجسور بنيناها على تلك الرمال الناعمة
غير محتاجين لاستخدام شيءٍ غير أيدينا العارية .
في المدرسة كنت دائماً ما أوبخ على عدم إتمامي لواجباتي
أو حفظي للسور المطلوبة عليّ , فتعاقبني المعلمة بجعلي أقف و وجهي إلى الحائط
و إحدى قدمي مرفوعة ولا ينتهي العقاب إلا إذا بدأت
بالبكاء وغُمرت عيني بالدموع النادمة .
ومع ذالك كنت أكرر نفس القصة كل يومٍ تقريباً فلا تخلو حياتي من
المغامرات والمجازفات المشوقة أبداً .
و كم ضحكت كلما أتذكر أوقات وجبات الطعام مع أسرتي ,
فأبي صياد ولهذا فمعظم وجباتنا تتألف من السمك بكل أنواعه
مع طبق جانبي مثل الأرز أو الحساء . ولكني كنت أفضل الانضمام
إلى أسرت خالتي فاطمة التي تسكن خلف بيتنا مباشرتاً ,
فوجباتهم دائماً ما تتألف من الحم الشهي والخضر و الحلويات في نهايتها .
الصيف في بلدتنا الصغيرة كان حاراً رطباً بشكل
يجعلك تشعر بأنك تستحم في ملابسك عندما تكون خارجاً ,
مع ذالك نحن الأطفال لم نكن نبالي أو نشعر بأي ضيق حيال ذالك
بل أن ذالك كان يعطينا فرصة لا تعوض للسباحة في البحر
لساعاتٍ وساعاتٍ طِوال . و تلك الرياح المشبعة بالرطوبة
تجعلنا نتجنب العبور و العب في الدهاليز خاصةً الضيقة منها
فالهواء الرطب فيها يجعل من الصعب التنفس فتشعر كما لو كنت سمكة
تتنفس خارج الماء , فكنا إذا عبرنا فيها نلتقط أنفاسنا
ونجري بأسرع ما يمكننا للعبور إلى وجهتنا .
و أتذكر اليوم الذي هو سبب وجودي هنا الآن بينما أقف بجانب سور المقبرة ,
اليوم الذي انتظرت فيه أبي كما أفعل عادتاً بالقرب من الميناء الصغير
الخاص بسفن الصيد الشراعية ( وكنت حينها في السابعة من عمري )
والذي كان يوما عاصفاً كنت أقف وحيدة بينما أرسم صورة لأبي
على الرمال بغصن شجرة صغير , رسمته حاملاً في يده اليمنى الكثير من السمك
بينما يده اليسرى تلوح لي و ابتسامة مشرقة رسمت على وجهه الطيب الحنون .
لكني انتظرت ذاك اليوم ساعة أطول من كل مرة وبدأت أشعر بالحزن
وبينما بدأت تلوح على وجهي علامات الاستياء و الرياح تداعب شعري
وضعت أمي يدها على كتفي " تعالي إلى الداخل يا صغيرتي فالجو عاصف في الخارج "
, " لكن أبي لم يعد بعد وقد وعدته أن أنتظره كما أفعل دائماً "
ولكنها مسكتني من يدي و شعرت بالانصياع رغماً عني فتبعتها إلى الداخل
بينما وجهي ما يزال ينظر نحو البحر الهائج .
مرت ساعات و لم يعد أبي بعد " زينب يا حلوتي جاء وقت النوم
وعليكِ أن تنامي الآن حتى تستطيعِي العب غداً مع إخوتكِ "
, " لكن أبي لم يعد بعد " , " لا تخافي سوف يعود ولا كنه لن يكون سعيداً
إذا رائكِ مستيقظة .. أن سأعلمه أنك انتظرته طويلاً " , وأنا أصعد على الدرج
" و أعلميه أني عاتبة عليه لتأخره " .
صعدت إلى غرفتي غيرت ملابسي و جلست على فراشي أفكر في سبب تأخر أبي و ما هي إلا دقائق خطفني النوم بعيداً عن هذا العالم .
في اليوم التالي استيقظت و أنا مفزوعةٌ من حلمٍ مخيف راودني
ولاكني أبعدت تفكيري عنه سريعا و نزلت مشتاقةً لرؤية أبي العزيز
عندما وصلت إلى الأسفل وجدت عمي أحمد مع أمي في المطبخ يتحادثان في سريه
و توقفا حالما أدركا وجودي معهما , ترددت للحظة ثم وجهت السؤال لأمي " أين أبي ؟ "
و رأيت كيف تحول وجه أمي المورد إلى الاصفرار
," تعالي إلى حضني يا حبيبتي " وعندما جلست في حضنها,
" أنا آسفة يا صغيرتي لكن أبوكِ لم يعد .. لقد فقد هو ومن معه من البحارة
الأمس في العاصفة و لم يجدوا سوى ركام السفينة التي أبحروب ها "
وبدأت الدموع بالانهمار على خدي والدتي , أما أنا فلم يسعني سوى التحديق
في الفراغ لدقائق ثم أسرعت راكضةً نحو الخارج .
اتجهت تلقائياً إلى البحر .. البحر الذي لطالما أحببته و لعبت بمياهه طوال عمري ,
البحر الذي غدر بي و خطف مني أبي و صديقي الأقرب .
وقفت عند شاطئه أحدق في الأفق البعيد أملت بكل برائه
أن يحمل على موجه أبي الحبيب و يعيده إلي .. ليضمني إلى صدره
و يخبرني أن كل شيءٍ بخير , لكن هيهات فذالك اليوم أنتها بتشييع البحارة
الإثناء عشر الذين فقدوا و منهم أبي .
الآن بينما أقف بجانب ضريح قبره و أضع زهور السوسن التي أَحَبها عليه
أستطيع أن أقرأ على الضريح .. " الصياد الشاب ‘ حسن .. وعبارة ( أينما يكون كنزك يكون قلبك ) التي اختارتها أمي " أستطيع الآن أن أشعر بالفخر بينما
أفكر أنه كان لي أب فقد حياته في سبيل أن يطعمنا و يحضر لنا السمك
الذي هو الآن طعامي المفضل الملي بالذكريات .
..