أ. حسين شرف
يقدم لنا هذا الـ(كليب) اليومي من حياة المجاهدين، اليومي الآخر المختلف الذي يمكن أن يعول عليه لصناعة أمر مختلف، اليومي القدوة، اليومي الأسوة، اليومي الذي لابد أن تسلط عليه الأضواء للتذكير مرة بعد أخرى، اليومي الذي يأخذنا للواجب الذي علينا أن نلتفت وننظر إليه بعين تدبر وتعقل وفحص وتقرير. اليومي الذي يعكس إلينا في الأخير المؤهل الأكبر لاستحقاق صبغة التتويج بمفخرة الشهادة.
لكن هل نحن (المتلقين) بحاجة لذلك؟
الإجابة عن هذا السؤال لابد تشير بنعم. لأن الحرية وصناعتها مطلب الشعوب، وإذ يأخذ أمثال هؤلاء الرواديد -الذين اتصفوا بالإلفات- هذا الدور بالإيصال، لأمر في غاية الاحترام والتقدير.
نعم. يأخذ(المحفوظ) هذا الدور بكفاءة، إذ نقرأ فيه الاجتهاد الدام والعمل الشغوف من أجل إيصال الرسالة التي يحملها على عاتقه، فمنذ سُكبتْ علينا تقنية الـ(كليبات) وهو الأسبق وفي الصدارة، كما أننا نلمس فيه التلوين الثقافي في كل عمل ينجزه إلى أن ينتهي به المطاف إلى هذا العمل الرائع.
وبالعودة إلى العمل نقول:
السيرة العطرة التي قدمها العمل لهي محط تأمل وأخذ، حيث نقرأ المجاهد: صلاةً وهي بوصفها عموداً للدين ألا تكون عموداً لصناعة المجاهد؟ ثم هي تنهى عن الفحشاء والمنكر فماذا عن المجاهد ألا يعتصر انجازاً لهذا المطلب الرباني؟
ثم نقرأ المجاهد بَذْلاً-ولو بالقليل-على ذوي الاحتياج، وهو أمر محط افتخار وتمييز وموازنة للحالة الاجتماعية.
ثم نراه راعياً وهو العمل القليل جداً والملفت للتواضع، فكأن ذلك غرس لـ(أنا)الاعتلاء إلى الرضا بما يسد لقمة العيش.
ونرى-بعد ذلك- تجسيد ومدخلية كتاب الله في حياة المجاهد، وكأن المجاهد يأبى أن يترك مصدراً للعطاء والأخذ إلا ويتزود منه ويعبئ زيته من بركاته.
ونرى كيف المجاهد لا يجعل محور الصناعة للعلو مقتصرة ومشيرة إلى جسده فقط، بل نراه بعين واضحة المنال أنه يشرك مَن حوله للعروج، أنه يمسك بيد الأسرة المنطلق الأول لكسب العطاء الإلهي.
ثم نقرأ أخيراً:
أمَّاً وقرآناً وسلاحاً، وهنا تماماً تأخذ القراءة لون الرمز، ولكن أي رمز؟ الرمز هنا ينحت مشهد القطف، المشهد الذي نضج للتو وآن تجلي رغوته الرائعة. مشهد يصنع أمَّاً هي بدورها تصنع سلاحاً، أو قل هي بالتحديد تكون السلاح الذي يخيف الأعداء، فهي لم تقدم سلاحاً بل قدمت جزءاً من جسدها يسمى(سلاحاً)، والسلاح بدوره صنع ذلك المشهد الفدائي الذي بدأ به الـ(كليب) أول ما بدأ.
*كاتب و ناقد - السعودية "القطيف"
منقول
المفضلات