السلام 23
السلام عليكم
شكرا لتفضلكم بمطالعة موضوعي وآجركم الله وقضى لكم حوائج الدارين
قال رسول الله صلى الله عليه واله :
من كنت مولاه فعلي مولاه
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد واله وعجل فرجهم
والعن اعدائهم
قَالَ الْإِمَامُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى عليه السلام وَ أَعْظَمَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى الْبَرَكَةَ فِي الْبِلَادِ بِدُعَاءِ الرِّضَا عليه السلام وَ قَدْ كَانَ لِلْمَأْمُونِ مَنْ يُرِيدُ أَنْ يَكُونَ هُوَ وَلِيَّ عَهْدِهِ مِنْ دُونِ الرِّضَا عليه السلام وَ حُسَّادٌ كَانُوا بِحَضْرَةِ الْمَأْمُونِ لِلرِّضَا عليه السلام فَقَالَ لِلْمَأْمُونِ بَعْضُ أُولَئِكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أُعِيذُكَ بِاللَّهِ أَنْ تَكُونَ تَارِيخَ الْخُلَفَاءِ فِي إِخْرَاجِكَ هَذَا الشَّرَفَ الْعَمِيمَ وَ الْفَخْرَ الْعَظِيمَ مِنْ بَيْتِ وُلْدِ الْعَبَّاسِ إِلَى بَيْتِ وُلْدِ عَلِيٍّ وَ لَقَدْ أَعَنْتَ عَلَى نَفْسِكَ وَ أَهْلِكَ جِئْتَ بِهَذَا السَّاحِرِ وَلَدِ السَّحَرَةِ وَ قَدْ كَانَ خَامِلًا فَأَظْهَرْتَهُ وَ مُتَّضِعاً فَرَفَعْتَهُ وَ مَنْسِيّاً فَذَكَّرْتَ بِهِ وَ مُسْتَخَفّاً فَنَوَّهْتَ بِهِ قَدْ مَلَأَ الدُّنْيَا مَخْرَقَةً وَ تَشَوُّقاً بِهَذَا الْمَطَرِ الْوَارِدِ عِنْدَ دُعَائِهِ مَا أَخْوَفَنِي أَنْ يُخْرِجَ هَذَا الرَّجُلُ هَذَا الْأَمْرَ عَنْ وُلْدِ الْعَبَّاسِ إِلَى وُلْدِ عَلِيٍّ بَلْ مَا أَخْوَفَنِي أَنْ يَتَوَصَّلَ بِسِحْرِهِ إِلَى إِزَالَةِ نِعْمَتِكَ وَ التَّوَثُّبِ عَلَى مَمْلَكَتِكَ هَلْ جَنَى أَحَدٌ عَلَى نَفْسِهِ وَ مُلْكِهِ مِثْلَ جِنَايَتِكَ.
فَقَالَ الْمَأْمُونُ)-لاحظ المامون سيبين حقيقته لاقاربه الحاسدينللامام الرضا عليه السلام)-
قَدْ كَانَ هَذَا الرَّجُلُ مُسْتَتِراً عَنَّا يَدْعُو إِلَى نَفْسِهِ فَأَرَدْنَا أَنْ نَجْعَلَهُ وَلِيَّ عَهْدِنَا لِيَكُونَ دُعَاؤُهُ لَنَا وَ لِيُعْرَفَ بِالْمُلْكِ وَ الْخِلَافَةِ لَنَا وَ لِيَعْتَقِدَ فِيهِ الْمَفْتُونُونَ بِهِ أَنَّهُ لَيْسَ مِمَّا ادَّعَى فِي قَلِيلٍ وَ لَا كَثِيرٍ وَ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ لَنَا مِنْ دُونِهِ وَ قَدْ خَشِينَا إِنْ تَرَكْنَاهُ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ أَنْ يَنْفَتِقَ عَلَيْنَا مِنْهُ مَا لَا نَسُدُّهُ وَ يَأْتِيَ عَلَيْنَا مِنْهُ مَا لَا نُطِيقُهُ وَ الْآنَ فَإِذْ قَدْ فَعَلْنَا بِهِ مَا فَعَلْنَا وَ أَخْطَأْنَا فِي أَمْرِهِ بِمَا أَخْطَأْنَا وَ أَشْرَفْنَا مِنَ الْهَلَاكِ بِالتَّنْوِيهِ بِهِ عَلَى مَا أَشْرَفْنَا فَلَيْسَ يَجُوزُ التَّهَاوُنُ فِي أَمْرِهِ وَ لَكِنَّا نَحْتَاجُ أَنْ نَضَعَ مِنْهُ قَلِيلًا قَلِيلًا حَتَّى نُصَوِّرَهُ عِنْدَ الرَّعِيَّةِ بِصُورَةِ مَنْ لَا يَسْتَحِقُّ لِهَذَا الْأَمْرِ ثُمَّ نُدَبِّرَ فِيهِ بِمَا يَحْسِمُ عَنَّا مَوَادَّ بَلَائِه .
ِ قَالَ الرَّجُلُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَوَلِّنِي مُجَادَلَتَهُ فَإِنِّي أُفْحِمُهُ وَ أَصْحَابَهُ وَ أَضَعُ مِنْ قَدْرِهِ فَلَوْ لَا هَيْبَتُكَ فِي صَدْرِي لَأَنْزَلْتُهُ مَنْزِلَتَهُ وَ بَيَّنْتُ لِلنَّاسِ قُصُورَهُ عَمَّا رَشَّحْتَهُ لَهُ.
قَالَ الْمَأْمُونُ مَا شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ هَذَا قَالَ فَاجْمَعْ وُجُوهَ أَهْلِ مَمْلَكَتِكَ وَ الْقُوَّادَ وَ الْقُضَاةَ وَ خِيَارَ الْفُقَهَاءِ لِأُبَيِّنَ نَقْصَهُ بِحَضْرَتِهِمْ فَيَكُونَ أَخْذاً لَهُ عَنْ مَحَلِّهِ الَّذِي أَحْلَلْتَهُ فِيهِ عَلَى عِلْمٍ مِنْهُمْ بِصَوَابِ فِعْلِكَ.
قَالَ فَجَمَعَ الْخَلْقَ الْفَاضِلِينَ مِنْ رَعِيَّتِهِ فِي مَجْلِسٍ وَاسِعٍ قَعَدَ فِيهِ لَهُمْ وَ أَقْعَدَ الرِّضَا عليه السلام بَيْنَ يَدَيْهِ فِي مَرْتَبَتِهِ الَّتِي جَعَلَهَا لَهُ فَابْتَدَأَ هَذَا الْحَاجِبُ الْمُتَضَمِّنُ لِلْوَضْعِ مِنَ الرِّضَا عليه السلام وَ قَالَ لَهُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ أَكْثَرُوا عَنْكَ الْحِكَايَاتِ وَ أَسْرَفُوا فِي وَصْفِكَ بِمَا أَرَى أَنَّكَ إِنْ وَقَفْتَ عَلَيْهِ بَرِئْتَ إِلَيْهِمْ مِنْهُ فَأَوَّلُ ذَلِكَ أَنَّكَ دَعَوْتَ اللَّهَ فِي الْمَطَرِ الْمُعْتَادِ مَجِيؤُهُ فَجَاءَ فَجَعَلُوهُ آيَةً لَكَ مُعْجِزَةً أَوْجَبُوا لَكَ بِهَا أَنْ لَا نَظِيرَ لَكَ فِي الدُّنْيَا وَ هَذَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَدَامَ اللَّهُ مُلْكَهُ وَ بَقَاءَهُ لَا يُوَازَنُ بِأَحَدٍ إِلَّا رَجَحَ بِهِ وَ قَدْ أَحَلَّكَ الْمَحَلَّ الَّذِي عَرَفْتَ فَلَيْسَ مِنْ حَقِّهِ عَلَيْكَ أَنْ تُسَوِّغَ الْكَاذِبِينَ لَكَ وَ عَلَيْهِ مَا يَتَكَذَّبُونَهُ
فَقَالَ الرِّضَا عليه السلام:
مَا أَدْفَعُ عِبَادَ اللَّهِ عَنِ التَّحَدُّثِ بِنِعَمِ اللَّهِ عَلَيَّ وَ إِنْ كُنْتُ لَا أَبْغِي أَشَراً وَ لَا بَطَراً وَ أَمَّا ذِكْرُكَ صَاحِبَكَ الَّذِي أَحَلَّنِي فَمَا أَحَلَّنِي إِلَّا الْمَحَلَّ الَّذِي أَحَلَّهُ مَلِكُ مِصْرَ يُوسُفَ الصِّدِّيقَعليه السلام وَ كَانَتْ حَالُهُمَا مَا قَدْ عَلِمْتَ فَغَضِبَ الْحَاجِبُ عِنْدَ ذَلِكَ فَقَالَ:
يَا ابْنَ مُوسَى لَقَدْ عَدَوْتَ طَوْرَكَ وَ تَجَاوَزْتَ قَدْرَكَ أَنْ بَعَثَ اللَّهُ تَعَالَى بِمَطَرٍ مُقَدَّرٍ وَقْتُهُ لَا يَتَقَدَّمُ وَ لَا يَتَأَخَّرُ جَعَلْتَهُ آيَةً تَسْتَطِيلُ بِهَا وَ صَوْلَةً تَصُولُ بِهَا كَأَنَّكَ جِئْتَ بِمِثْلِ آيَةِ الْخَلِيلِ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام لَمَّا أَخَذَ رُءُوسَ الطَّيْرِ بِيَدِهِ وَ دَعَا أَعْضَاءَهَا الَّتِي كَانَ فَرَّقَهَا عَلَى الْجِبَالِ فَأَتَيْنَهُ سَعْياً وَ تَرَكَّبْنَ عَلَى الرُّءُوسِ وَ خَفَقْنَ وَ طِرْنَ بِإِذْنِ اللَّهِ فَإِنْ كُنْتَ صَادِقاً فِيمَا تَوَهَّمُ فَأَحْيِ هَذَيْنِ وَ سَلِّطْهُمَا عَلَيَّ فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ حِينَئِذٍ آيَةً مُعْجِزَةً فَأَمَّا الْمَطَرُ الْمُعْتَادُ مَجِيؤُهُ فَلَسْتَ أَحَقَّ بِأَنْ يَكُونَ جَاءَ بِدُعَائِكَ مِنْ غَيْرِكَ الَّذِي دَعَا كَمَا دَعَوْتَ وَ كَانَ الْحَاجِبُ قَدْ أَشَارَ إِلَى أَسَدَيْنِ مُصَوَّرَيْنِ عَلَى مَسْنَدِ الْمَأْمُونِ الَّذِي كَانَ مُسْتَنِداً إِلَيْهِ وَ كَانَا مُتَقَابِلَيْنِ عَلَى الْمَسْنَدِ فَغَضِبَ عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرِّضَا عليه السلام وَ صَاحَ بِالصُّورَتَيْنِ دُونَكُمَا الْفَاجِرَ فَافْتَرِسَاهُ وَ لَا تُبْقِيَا لَهُ عَيْناً وَ لَا أَثَراً فَوَثَبَتِ الصُّورَتَانِ وَ قَدْ عَادَتَا أَسَدَيْنِ فَتَنَاوَلَا الْحَاجِبَ وَ عَضَّاهُ وَ رَضَّاهُ وَ هَشَمَاهُ وَ أَكَلَاهُ وَ لَحَسَا دَمَهُ وَ الْقَوْمُ يَنْظُرُونَ مُتَحَيِّرِينَ مِمَّا يُبْصِرُونَ فَلَمَّا فَرَغَا مِنْهُ أَقْبَلَا عَلَى الرِّضَا عليه السلام وَ قَالَا:
يَا وَلِيَّ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ مَا ذَا تَأْمُرُنَا نَفْعَلُ بِهَذَا أَ نَفْعَلُ بِهِ فِعْلَنَا بِهَذَا يُشِيرَانِ إِلَى الْمَأْمُونِ فَغُشِيَ عَلَى الْمَأْمُونِ مِمَّا سَمِعَ مِنْهُمَا فَقَالَ الرِّضَا عليه السلام:
قِفَا فَوَقَفَا ثُمَّ قَالَ الرِّضَا عليه السلام صُبُّوا عَلَيْهِ مَاءَ وَرْدٍ وَ طَيِّبُوهُ فَفُعِلَ ذَلِكَ بِهِ وَ عَادَ الْأَسَدَانِ يَقُولَانِ أَ تَأْذَنُ لَنَا أَنْ نُلْحِقَهُ بِصَاحِبِهِ الَّذِي أَفْنَيْنَاهُ؟
قَالَ : لَا فَإِنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِيهِ تَدْبِيراً هُوَ مُمْضِيهِ فَقَالَا مَا ذَا تَأْمُرُنَا؟
فَقَالَ :عُودَا إِلَى مَقَرِّكُمَا كَمَا كُنْتُمَا فَعَادَا إِلَى الْمَسْنَدِ وَ صَارَا صُورَتَيْنِ كَمَا كَانَتَا فَقَالَ الْمَأْمُونُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي كَفَانِي شَرَّ حُمَيْدِ بْنِ مِهْرَانَ يَعْنِي الرَّجُلَ الْمُفْتَرَسَ ثُمَّ قَالَ لِلرِّضَا عليه السلام يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه واله هَذَا الْأَمْرُ لِجَدِّكُمْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه واله ثُمَّ لَكُمْ فَلَوْ شِئْتَ لَنَزَلْتُ عَنْهُ لَكَ فَقَالَ الرِّضَا عليه السلام لَوْ شِئْتُ لَمَا نَاظَرْتُكَ
وَ لَمْ أَسْأَلْكَ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ قَدْ أَعْطَانِي مِنْ طَاعَةِ سَائِرِ خَلْقِهِ مِثْلَ مَا رَأَيْتَ مِنْ طَاعَةِ هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ إِلَّا جُهَّالَ بَنِي آدَمَ فَإِنَّهُمْ وَ إِنْ خَسِرُوا حُظُوظَهُمْ فَلِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِيهِمْ تَدْبِيرٌ وَ قَدْ أَمَرَنِي بِتَرْكِ الِاعْتِرَاضِ عَلَيْكَ وَ إِظْهَارِ مَا أَظْهَرْتُهُ مِنَ الْعَمَلِ مِنْ تَحْتِ يَدِكَ كَمَا أَمَرَ يُوسُفَ عليه السلام بِالْعَمَلِ مِنْ تَحْتِ يَدِ فِرْعَوْنِ مِصْرَ قَالَ فَمَا زَالَ الْمَأْمُونُ ضَئِيلًا إِلَى أَنْ قَضَى فِي عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا عليه السلام مَا قَضَى
المفضلات