حياكم الله لمروركم يا موالين
الغناء والطرب -- 9
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد واله وعجل فرجهم
قَالَ النبِيُّ صلى الله عليه واله:
من كنت مولاه فعلي مولاه
باب 8
استماع الغناء و العود امر عظيم
الكافي 6
1) عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ زِيَادٍ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ:
بِأَبِي أَنتَ و أمِّي إِننِي أَدْخُلُ كنِيفاً لِي
ولِي جِيرَانٌ عِندَهُمْ
جَوَارٍ يَتغَنيْنَ وَ يَضْرِبْنَ بِالعُودِ فرُبَّمَا أَطلتُ الجُلوسَ
اسْتِمَاعاً مِني لهُنَّ ؟
فَقَالَ:
لا تفعَلْ.
فقالَ الرَّجُلُ:
وَ اللهِ مَا آتِيهِنَّ إِنمَا هُوَ سَمَاعٌ أَسْمَعُهُ بِأُذنِي؟
فقالَ:
لِلهِ أَنتَ أَمَا سَمِعْتَ اللهَ عَزَّ و جَلَّ يَقولُ:
إِنَّ السَّمْعَ وَ البَصَرَ وَ الفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنهُ مَسْؤُلا
فَقَالَ:
بَلَى وَ اللهِ لكأَني لمْ أَسْمَعْ بِهَذِهِ الآيَةِ مِنْ كِتابِ اللهِ مِنْ أَعْجَمِيٍّ وَ لا عَرَبِيٍّ
لا جَرَمَ أَننِي لا أَعُودُ إِنْ شَاءَ اللهُ
وَ أَني أَسْتغفِرُ اللهَ.
فقالَ لَهُ:
قمْ فَاغتسِلْ وَ سَلْ مَا بَدَا لكَ
فَإِنكَ كُنتَ مُقِيماً عَلى أَمْرٍ عَظِيمٍ
مَا كانَ أَسْوَأَ حَالكَ لوْ مِتَّ عَلى ذَلِكَ
احْمَدِ اللهَ وَ سَلهُ التوْبَةَ مِنْ كُلِّ مَا يَكْرَهُ فَإِنَّهُ لا يَكْرَهُ إِلا كُلَّ قَبِيحٍ وَ القَبِيحَ دَعْهُ لأَهْلِهِ فَإِنَّ لِكُلٍّ أَهْلا.
بيان
1 - ان هذه الرواية مشهورة ومعروفة وفيها دلالة واضحة بالفرق بين العود والغناء وانهما شيئان ولكن الامام عليه السلام حرمهما جميعا لان الراوي قال
(جَوَارٍ يَتَغَنَيْنَ وَ يَضْرِبْنَ بِالعُودِ)
2 – ان هذا السائل لم يكن ممن يسمع الغناء؛ بل افهم من الرواية انه كان يعلم بحرمته ؛ ولكن كان سؤاله عما نحن مبتلين به ؛ وهو حينما نجلس في مكان وبدون اختيارنا نسمع هناك الغناء ؛ فكان السائل يطيل جلوسه ظنا منه بانه لم يكن مسؤل عن سماعه لانه شيئ هو يدخل في اذنه بدون طلب منه لذلك قال :
(فَقَالَ الرَّجُلُ:
وَ اللهِ مَا آتِيهِنَّ إِنَّمَا هُوَ سَمَاعٌ أَسْمَعُهُ بِأُذُنِي؟)
لما قال هذا القول للامام عليه السلام فسر له الامام قول الله تعالى :
إِنَّ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَ الْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلا
فتبين لنا خطورة الامر بان الانسان لم يُخلق سدى :
أَ يَحْسَبُ الإِنْسانُ أَنْ يُترَكَ سُدىً (36)(القيامة )
كما ورد في البحار عن امير المؤمنين عليه السلام :
بحارالأنوار ج : 30 ص : 113
13- عدة رَوَى الْحَكَمُ بْنُ مَرْوَانَ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ حَبِيبٍ، قَالَ:
نَزَلَ بِعُمَرَ بْنِ الخَطابِ نَازِلةٌ قَامَ لَهَا وَ قَعَدَ، وَ تَرَنحَ لهَا وَ تقطرَ. ثمَّ قَالَ يَا مَعْشَرَ المُهَاجِرِينَ مَا عِندَكُمْ فِيهَا؟
. قَالُوا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنتَ المَفزَعُ وَ المَنزَعُ، فغضِبَ، ثمَّ قَالَ:
يا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا اتقُوا اللهَ وَ قولوا قَوْلا سَدِيداً؛ أَمَا وَ اللهِ أَنا و إِيَّاكُمْ لنعْرفُ ابْنَ بَجْدَتِهَا، وَ الخَبِيرَ بِهَا.
قَالُوا كَأَنكَ أَرَدْتَ ابْنَ أَبِي طَالِبٍ؟.
قَالَ وَ أَنى يُعْدَلُ بِي عَنهُ، وَ هَلْ طفحَتْ حُرَّةٌ بِمِثلِهِ.
قَالُوا :
فَلَوْ بَعَثتَ إِليْهِ. قَالَ :
هَيْهَاتَ هُناكَ شِمْخٌ مِنْ هَاشِمٍ وَ لحْمَةٌ مِنَ الرَّسُولِ (صلى الله عليه واله)، وَ أثرَةٌ مِنْ ِلمٍ يُؤْتى لهَا وَ لا يَأتِي، امْضُوا إِليْهِ فَاقصِفوا نحْوَهُ،
وَ أَفضُوا إِليْهِ، وَ هُوَ فِي حَائِطٍ لَهُ وَ عَليْهِ تبَّانٌ يَترَكلُ عَلى مِسْحَاتِهِ وَ هُوَ يَقُولُ:
أَ يَحْسَبُ الإِنْسانُ أَنْ يُترَكَ سُدىً أَ لَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى ثُمَّ كانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى
وَ دُمُوعُهُ تهْمِي عَلى خَدَّيْهِ، فَأَجْهَشَ القَوْمُ لِبُكائِهِ، ثمَّ سَكنَ وَ سَكنُوا، وَ سَأَلَهُ عُمَرُ عَنْ مَسْأَلتِهِ فَأَصْدَرَ إِليْهِ جَوَابَهَا، فَلوَى عُمَرُ يَدَيْهِ.
ثمَّ قَالَ:
أَمَا وَ اللهِ لقَدْ أَرَادَكَ الحَقُّ وَ لكِنْ أَبَى قَوْمُكَ.
فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلامُ لَهُ:
يَا أَبَا حَفصٍ خَفِّضْ عَليْكَ مِنْ هُنَا وَ مِنْ هُنَا
إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كانَ مِيقاتاً.
فَانْصَرَفَ وَ قَدْ أَظلَمَ وَجْهُهُ وَ كأَنمَا يَنظُرُ مِنْ ليْلٍ.
ملاحظة :
كأن القوم لم يقرؤا كلام الله تعالى :
أَفَمَنْ يَهْدي إِلى الحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلا أَنْ يُهْدى فَما لكُمْ كَيْفَ تحْكُمُونَ (35)(يونس )
فقال الامام الصادق عليه السلام للسائل انك مسؤل عن بصرك وعن قلبك بما تُدخل به من معتقدات وعن سمعك بما تسمع به فانت باطالتك الجلوس في بيت الكنيف سببت دخول الغناء فيه وانت مسؤل عن ذلك لذلك قال الرجل :
( وَ اللهِ لكَأَني لمْ أَسْمَعْ بِهَذِهِ الآيَةِ مِنْ كِتابِ اللهِ مِنْ أَعْجَمِيٍّ و لا عَرَبِيٍّ
لا جَرَمَ أَننِي لا أَعُودُ إِنْ شَاءَ اللهُ
و أَني أَسْتغفِرُ اللهَ.)
فان الرجل لم يكن ليعلم بانه مسؤل عن كل ما يدخل في اذنه ؛ وهذا تنبيه لنا لنفر من مجالس الغيبة والغناء والبهتان وغيرها من المعاصي التي تاتي بالسماع .
ولكن هل اكتفى الامام عليه السلام بقول الرجل
(وَ أَنِّي أَستغفِرُ اللهَ.)
لا ابدا وانما قال له عليه السلام :
المفضلات