نور 15
السلام عليكم
اشكر مروركم اعزتي القراءوخالص دعواتي لكم
من كنت مولاه فعلي مولاه
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد واله وعجل فرجهم
والعن اعدائهم
114 - تحف العقول:
وصية موسى بن جعفر عليه السلام لهشام بن الحكم و صفته للعقل قال عليه السلام يا هشام إن الله تبارك و تعالى بشر أهل العقل و الفهم في كتابه فقال فَبَشِّرْ عِبادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللَّهُ وَ أُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ
يا هشام بن الحكم إن الله جل و عز أكمل للناس الحجج بالعقول و أفضى إليهم بالبيان و دلهم على ربوبيته بالأدلة فقال : وَ إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَ النَّهارِ وَ الْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِما يَنْفَعُ النَّاسَ وَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ ماءٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَ بَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَ تَصْرِيفِ الرِّياحِ وَ السَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ
يا هشام قد جعل الله جل و عز دليلا على معرفته بأن لهم مدبرا فقال : وَ سَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَ النَّهارَ وَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ وَ النُّجُومُ مُسَخَّراتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ و قال حم وَ الْكِتابِ الْمُبِينِ إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ و قال وَ مِنْ آياتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَ طَمَعاً وَ يُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ ماءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ
يا هشام ثم وعظ أهل العقل و رغبهم في الآخرة فقال: وَ مَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا لَعِبٌ وَ لَهْوٌ وَ لَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَ فَلا تَعْقِلُونَ و قال وَ ما أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَ زِينَتُها وَ ما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَ أَبْقى أَ فَلا تَعْقِلُونَ
يا هشام ثم خوف الذين لا يعقلون عذابه فقال : ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ وَ إِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ وَ بِاللَّيْلِ أَ فَلا تَعْقِلُونَ
يا هشام ثم بين أن العقل مع العلم فقال : وَ تِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ وَ ما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ يا هشام ثم ذم الذين لا يعقلون فقال : وَ إِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما أَلْفَيْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَ وَ لَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَ لا يَهْتَدُونَ و قال تعالى: إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ و قال: وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ ثم ذم الكثرة فقال: وَ إِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ و قال أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ و أكثرهم لا يشعرون .
يا هشام ثم مدح القلة فقال : وَ قَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ و قال وَ قَلِيلٌ ما هُمْ وَ ما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ يا هشام ثم ذكر أولي الألباب بأحسن الذكر و حلاهم بأحسن الحلية فقال : يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ وَ مَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَ ما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ يا هشام إن الله يقول : إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ يعني العقل و قال : وَ لَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ قال : الفهم و العقل . يا هشام إن لقمان قال لابنه : تواضع للحق تكن أعقل الناس يا بني إن الدنيا بحر عميق قد غرق فيه عالم كثير فلتكن سفينتك فيها تقوى الله و جسرها الإيمان و شراعها التوكل و قيمها العقل و دليلها العلم و سكانها الصبر.
يا هشام : لكل شيء دليل و دليل العاقل التفكر و دليل التفكر الصمت و لكل شيء مطية و مطية العاقل التواضع و كفى بك جهلا أن تركب ما نهيت عنه .
يا هشام : لو كان في يدك جوزة و قال الناس لؤلؤة ما كان ينفعك و أنت تعلم أنها جوزة و لو كان في يدك لؤلؤة و قال الناس إنها جوزة ما ضرك و أنت تعلم أنها لؤلؤة .
يا هشام ما بعث الله أنبياءه و رسله إلى عباده إلا ليعقلوا عن الله فأحسنهم استجابة أحسنهم معرفة لله و أعلمهم بأمر الله أحسنهم عقلا و أعقلهم أرفعهم درجة في الدنيا و الآخرة
يا هشام : ما من عبد إلا و ملك آخذ بناصيته فلا يتواضع إلا رفعه الله و لا يتعاظم إلا وضعه الله. يا هشام :إن لله على الناس حجتين حجة ظاهرة و حجة باطنة فأما الظاهرة فالرسل و الأنبياء و الأئمة عليه السلام و أما الباطنة فالعقول يا هشام إن العاقل الذي لا يشغل الحلال شكره و لا يغلب الحرام صبره يا هشام من سلط ثلاثا على ثلاث فكأنما أعان هواه على هدم عقله من أظلم نور فكره بطول أمله و محا طرائف حكمته بفضول كلامه و أطفأ نور عبرته بشهوات نفسه فكأنما أعان هواه على هدم عقله و من هدم عقله أفسد عليه دينه و دنياه
بيان نور مرفوع إذ لم تر أظلم متعديا و إضافته إلى الفكر إما بيانية أو لامية و السبب في ذلك أن بطول الأمل يقبل إلى الدنيا و لذاتها فيشغل عن التفكر و الطريف الأمر الجديد المستغرب الذي فيه نفاسة و محو الطرائف بالفضول إما لأنه إذا اشتغل بالفضول شغل عن الحكمة في زمان التكلم بالفضول أو لأنه لما سمع الناس منه الفضول لم يعبئوا بحكمته أو لأنه إذا اشتغل به محا الله عن قلبه الحكمة
يا هشام :كيف يزكو عند الله عملك و أنت قد شغلت عقلك عن أمر ربك و أطعت هواك على غلبة عقلك
يا هشام: الصبر على الوحدة علامة قوة العقل فمن عقل عن الله تبارك اعتزل أهل الدنيا و الراغبين فيها و رغب فيما الوحدة عند ربه و كان أنسه في الوحشة و صاحبه في الوحدة و غناه في العيلة و معزه في غير عشيرة .
يا هشام : نصب الخلق لطاعة الله و لا نجاة إلا بالطاعة و الطاعة بالعلم و العلم بالتعلم و التعلم ؛ بالعقل يعتقد و لا علم إلا من عالم رباني و معرفة العالم بالعقل .
يا هشام : قليل العمل من العاقل مقبول مضاعف و كثير العمل من أهل الهوى و الجهل مردود .
يا هشام : إن العاقل رضي بالدون من الدنيا مع الحكمة و لم يرض بالدون من الحكمة مع الدنيا فلذلك ربحت تجارتهم .
المفضلات