<<<<
خرجت من المنزل ،، أرفه عن نفسي ،،
فالهواء كان عليلاً ،،
والجو صحو ،، والعصافير تمرح هنا وهناك ،،
قلت في نفسي : أن من خلق هذه الأشياء أهلٌ بأن ُيعبد .
سرت وسرت حتى وصلت للمقبرة ،،
هممت بالدخول ،، على رجاء أن أجد شيئاً يدلني على ذاتي
الضائعة ،،
ولكني تراجعت في الخطوة الأخيرة ،،
لا أعلم ما السبب ،،
ولكن هناك شيئاً داخلي منعني من ذلك ،،
عدت أدراجي للمنزل ،، وجلست عند الباب ،،
أنتظر قدوم يوسف ،،
حاولت جاهدت تذكر الماضي ،، ولكني لم أجد إلا الآلام التي تعصف برأسي .
قاربت الشمس على الغروب ،،
وحان وقت عودة يوسف ،، وما هي إلا دقائق حتى ظهر أمامي ،،
حيّاني فلم أرد عليه فقال لي :
عندما يلقي عليك أحدهم التحية ،، لابد أن ترديها بمثلها أو بأفضل منها ،،
فهكذا علمنا القران الكريم.
ولكن ما يبقيك في الخارج ؟
قلت : لقد مللت الجلوس في الداخل وحيدة ،،
فخرجت أتأمل الأشياء من حولي ،،
ثم سرت حتى وصلت للمقبرة ،،
أردت الدخول ،، ولكن هناك شيئاً لا أعلم ما هو منعني ،،
فعدت أنتظر عودتك .
قال : أولاً : يجب أن تبقى المرأة في المنزل ،، وأن لا تخرج كلما شعرت بالملل ،،
ثانياً : أين عباءتك ؟
فينبغي عليك ارتداءها كلما خرجت .
ثالثاً : لا تقتربي من المقبرة .
قلت : ولماذا لا تريد مني أن أقترب منها ؟
قال: أخاف عليك أن تزداد حالتك سوءاً .
هيا للداخل ،،
لقد جلبت معي السمك ،، سوف أعلمك كيف نعده ،، ليصبح صالحاً للأكل .
دخلنا للداخل ،، وبدأ بتعليمي كيفية طبخ السمك ،،
فكان يلقي عليَّ التعليمات ،، وأنا أنفذ ،،
ولقد كنت سعيدة بأول تجربة طبخ أقوم بها .
انتهينا ،، وبدأنا الأكل ،،
وهو في كل الأحوال يعلمني ما لا أعرفه ،، في أحوال الدين والدنيا على حد قوله .
ثم قال لي :
ينبغي أن نطلق عليك اسم ،، لوقت استعادتك لذاكرتك ،، فماذا تحبي أن اسميك ؟
قلت حائرة : لا أعلم .
قال : ما رأيك بنرجس أو زينب أو رغد ،، أمال ،، هند ،، دلال أو....
قلت أستوقفه : كفى .......كفى ،،
كل هذه الأسماء تحفظ ،، أريد أسم جميلاً كاسمك يوسف .
قال : اسمي جميل .......
هل تعلمين إلى من يرجع ؟
أنه يرجع لنبي الله يوسف عليه السلام وله قصة ............
ومضى يروي لي قصة نبي الله يوسف عليه السلام ،،
وبعد أن انتهى
قلت له : سمني مثل اسم أم يوسف راحيل ،، فهو اسم جميل .
قال : كما تشائين يا راحيال .
------------------------------
وهكذا أمضيت أيامي معه ،،
هو أستاذي ،، وأنا طالبته النجيبة ،،
لقد تعلمت على يديه الكثير من الأمور ومنها:
أعمال المنزل ،،
فلقد أصبحت سيدة منزل ممتازة ،، أغسل الملابس ،،
أنظف المنزل ،، أطبخ الطعام ،،
وأنتظر عودة زوجي من العمل متعباً ،، لأزيل عنه تعبه بأحلى ابتسامة كما يقول .
لقد ترك له مكانة كبيرة في قلبي ،،
فأنا أأنس بوجوده معي ،، وأسعد به ،،
وأتمنى أن يتوقف الزمن وأنا بجواره ،، أستمع إليه وأنظر لعينيه.
وإذا غاب عني ،، أشتاق إليه ،،
وأتمنى أن تمر الساعات سريعاً لألتقي به مجدداً .
كان دائماً يخبرني ،، بأني أحلى جنية طرقت بابه في منتصف الليل لأرعبه ،،
فأغضب منه ،،
فيسارع ليزيل عني غضبي وينال رضاي ،،
حرصه على مشاعري ،، واهتمامه بي ،،
كفيل بأن ينسيني كل غضبي منه ،، فأصفح عنه سريعاً ،،
في بعض الأوقات ،، أتصنع الغضب ،،
لأرى لهفته في إسعادي ،،
وخوفه على مشاعري ومحبته لي ،،
لم أعد أهتم بأن أتذكر الماضي ،،
فما أريده وجوده معي ،، بجواري ،،
فهو بالنسبة لي الماضي والحاضر والمستقبل .
>>>>>






رد مع اقتباس

المفضلات