<<<<<



مر يومان ،، واليوم سيخرج يوسف ،،
بعد أن خضع لفترة المراقبة تلك ،، والتي خرج منها بنتيجة إيجابية،، أنا الآن في أسعد أيام عمري ،، ها أنا ذا أجهز أغراضه استعداداً لخروجه ،،
أمسكت بذراعه أساعده على النهوض ،، فتأوه من الألم ،،
خفت عليه كثيراً ،،وظهر ذلك على وجهي ،،
قلت له : هل أذيتك ؟ أنا آسفة .
رسم أجمل ابتسامة على وجهه ،،

وقال : لا لم أتأذى ولكني أحببت أن أرى مدى خوفك علي َّ . هل تحبينني ؟
قلت غاضبة : لا .......لا أحبك
قال : لا أصدقك ،، أنت تكذبين .
قلت : لا أحبك
قال : إذن سأنزع الضمادة عن صدري ،، لأنزف حتى الموت .

وشرع بنزعها ،،
قلت بلهفة : يا مجنون لا تفعل .
قال : نعم ،، لقد جن جنوني ،، عندما علمت بأنك لا تحبينني .
قلت بدلال مفرط : بل أهيم بك عشقا .
قال : هذه راحيل التي أعرفها .
قلت : يوسف بالمناسبة اسمي جنار
قال : اسم غريب كصاحبته .
قلت : وكيف ذلك ؟
قال : لا يهم ،، ستبقي دائماً راحيلي التي أحبها .
صمت لوهلة ،، ثم قال : راحيل ......

دعيني أنظر لشكل الحقيقي .
قلت له : ..............أنا آسفة لا أستطيع ،،

أريد لصورتي أن تظل جميلة في ذهنك
قال : لماذا ؟ هل أنت قبيحة ؟ هيا اعترفي..............اعترفي ،،

سأظل أحبك ولو كنت أبشع المخلوقات .
ضربته على يده ،،

وقلت : لا لست قبيحة ،، ولكني من تركيبة تختلف عن تركيبتك وخلقة تختلف عن خلقتك ،،
وهذا الاختلاف واضح على هيئتي الحقيقية ،، وهناك أمر أخر ،، مقياس الجمال عندنا يختلف عن مقياسكم .
قال : لك حرية الأمر ،، ولن أرغمك على شيء .


خرجنا من عند الطبيب ،، وعدنا لمنزلنا .
بعد عدة أيام ،، جاءنا والدي ،،

يدعونا لوليمة أقيمت على شرف سلامة يوسف ،،
تردد يوسف في قبولها ،،
وظهر ذلك جلياً على وجهه ،، ولقد عرفت ما يفكر به لقدرتي على قراءة الأفكار ،، ولكني لم أظهر ذلك له .
قلت له : يوسف أن كنت لا تريد الذهاب فلا تذهب ،،

لن يجبرك أحد على ذلك .
قال : ليس الأمر ما فهمت ،، ولكن طعامكم يختلف عن طعامنا وهيئتي تختلف عن هيئتكم ،،

ولا أخفي عليك سراً ،،
أنا لا أريد أن أدخل قبراً حتى أصل إلى عالمكم .
ضحكت بملء فمي ،،حتى أن دموعي تساقطت .

غضب يوسف مني ،، وتركني وانصرف ،،
لحقت به ،، وأنا أكتم ضحكاتي ،،
قلت له بعد أن سكنت من نوبة الضحك :
يوسف عزيزي ،، لم أضحك عليك استهزاءاً بك ،،
ولا بكلامك ،، ولكن تصورك لعالمي أضحكني ،،
عزيزي سوف نقدم لك طعام تأكله بالطبع ،،
أما عن الهيئة،،
ألم تلاحظ بأنك لم ترى أي فرد منا بشكله الحقيقي ،،
هم يقصدون ذلك حتى لا يخيفونك ،،
وبالنسبة للقبر،،
فصدقني عزيزي لا حاجة لذلك ،، سأنقلك بطريقتي الخاصة .
قال بعد أن سكن غضبه : أن كان كذلك فلا بأس .


في اليوم التالي ،، انتقلنا إلى عالمي ،،
ولقد حاولت قدر الإمكان ،، أن يبدو كل شيئ مألوف ليوسف ،، جلس يوسف في مجلس الرجال ،،
وأنا انضممت للسيدات مع أخواتي وصديقاتي ،،
ولقد أمضيت معهن وقت ممتع ،، ثم وضع الطعام وتناولناه ،،
بعد أن حرصت على طعام يوسف .
خرجت من مكاني ،، لأتفقد أحوال يوسف ،،
فقال : بأن كل شيء يسير على ما يرام ،، وليس هناك ما يخيف في الموضوع ،،
باستثناء الأشياء المتحركة ،، كالأطباق والملاعق والقدور ،،
والتي نهرها والدك ،، فعادت لوضعها الطبيعي ،،
ثم قدم والدك اعتذاره لي على الإزعاج التي سببته له .


انتهت السهرة ،، ورحل الحضور ،، وبقي الأهل فقط ،،
فاجتمعنا كلنا في مكان واحد ،،
ولقد عَرَّفت يوسف بأخواتي ،، الآتي كن متشحات بالسواد ،،
حتى لا يخاف يوسف منهن ،، لعدم قدرتهن على التحول .
أخذت كل واحدة منهن تقول : زوجك رائع ،،

والأخرى تقول: أنه وسيم ،،
والثالثة تقول : أتمنى أن يكون لي زوج مثله .
قرصت وجنة كل واحدة منهن ،، وقلت إياكن أن تنظرن إلى زوجي وإلا قتلتكن .
فضحك الجميع .
تركناهم وانصرفنا بنفس الطريقة التي قدمنا بها،،


وفي طريق العودة ،، أمسكت بذراع يوسف ،،
وأرخيت رأسي على كتفه ،،
وقلت له : يوسف هل تحبني ؟
قال : وكيف لا أحب أحلى جنية طرقت بابي ،،

لتفزعني في منتصف الليل .
ابتعدت عنه وقلت : يوسف .
قال : أنا أمازحك فقط . وأنت هل تحبيني ؟
قلت : أعشقك حتى الثمالة .


وصلنا لكوخنا المتواضع ،، الذي حمل ألمنا وأملنا ،، أفراحنا وأتراحنا وأما عن أطفالنا ،، واختلاف تركيبنا عن بعضنا البعض ،،
فتركناه بيد خالقنا ليدبره بحسن تدبيره.





***تمت بحمد الله والصلاة على نبيه وآله***