<<<<<




لمت نفسي كثيراً على غبائي .
بعد عدة دقائق ،، حضرت امرأة متشحة بالسواد ،،
عرفتها على الفور ،، إنها أمي ،،
فرحت كثيراً ،، وتسابقت دموعي للهطول ،،
أخيراً وجدت الحضن الدافئ ،، أخيراً وجدت ملجأي ،، وجدت موطني .
رميت بنفسي عليها ،، أعانقها ،، أقبلها ،،
أشكو لها ما جرى لي .
فتحت ذراعها لي ،، واستقبلت دموعي بدموعها ،،
عانقتني ،، قبلتني ،، شكت لي أثر بعدي عنها .
بقينا في أحضان بعضنا البعض دهراً ،،
حتى قال أبي : ألن تنتهي حفلة الدموع هذه .
ابتعدت كل واحدة منا خجلة من تعليق والدي ،، وهي تمسح دموعها ،،
ثم قالت أمي : كيف حال يوسف الآن ؟
قلت لها : أمره عند الله يا أمي .
قالت : عليك بالصبر يا أبنتي ،، سيقوم معافى بأذن الله تعالى .



مرت أيام ،، ويوسف ما زال فاقد الوعي ،،
ولقد خشينا عليه أن يدخل في حالة غيبوبة .
منعني الأطباء من المكوث بجواره ،، ولكني أبيت إلا أن أظل

معه ،،
وأمي وأبي في زيارة دائمة لنا ،،
محملين بسلام وأشواق أخوتي لي .


في أحد الأيام التي كنت فيها أجلس بجواره أقرأ القران الكريم ،،
إذا بعيني تغمض ،، لأنام نوماً خفيفاً ،،
فإذا بي أحس بيد تمسح على رأسي ،، فاستيقظت فزعة .
قال : اسم الله يحرسك هل أرعبتك ؟


تنبهت للمخاطب لي ،، وقلت صارخة : يوسف هل استيقظت ؟

رميت برأسي على صدره ،، وقد سبقتني دموعي .
تأوه من الألم ،، فسارعت لانتشال رأسي .


قلت له : هل آذيتك أنا آسفة .

قال بوهن : لا عليك ،، ولكن كيف جئت إلى هنا ؟

قلت : غير مهم ،، سوف أذهب لأدعو الطبيب .

جاء الطبيب ،، وفحص يوسف ،،
ثم قال : الحمد لله على سلامتك ،، لقد خفنا عليك من أن تدخل في حالة غيبوبة لا سمح الله .
فحوصاتك تشير إلى أنك بخير ،،
ولكن سوف نبقيك تحت المراقبة لمدة يومين ،، للتأكد من أن جميع الأمور تسير على ما يرام .


سجدت لربي شكراً ،، ثم أبلغت والدايَّ باستعادة يوسف لوعيه ،،
فقال والدي: سوف نأتي في القريب العاجل .


جاء والدايَّ فرحبنا بهما ،،
تعرّف يوسف بوالدتي ،، وتعرفت هي عليه ،، وشكرته على ما قدم لي ،،
فقال يوسف لها : لا تشكريني يا أمي على شيء ،، فهذا من دواعي سروري .


بقينا نتسامر لشيء يسير من الوقت ،،
ثم هَمَّ والدايَّ بالانصراف ،،
فقال يوسف : راحيل عزيزتي لابد أنك متعبة عودي معهما .


قلت : لا لست متعبة سأبقى معك .

حاول معي أبي ولم ينجح فقال : فتاة عنيدة ،، كما عهدتك .

قال يوسف : أنت كنت تحبينني يا راحيل ،، غادري معهم .

أحمرت وجنتاي خجلاً ،، وأطرقت برأسي في الأرض ،،ولذت بالصمت .
فقال يوسف : أفهم من ذلك بأنك لا تحبينني .
فقلت بدون وعي : بل أعشقك .
تنبهت لوجود والدايِّ فزاد خجلي .
ضحك الجميع من خجلي ،،
فقال يوسف : إذن سترحلين معهم .


نهضت وقلت : أراك في الغد

فقال يوسف : لا حاجة لذلك .

وقفت عند عبارته هذه وأخذت أفكر بها ،، ماذا قصد يا ترى ،،
قطع أبي حبل أفكاري قائلاً : هيا لنغادر .


فغادرت معهم ،، مشغولة البال بعبارة يوسف تلك .



>>>>>